أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - الطاحونه قصة قصيرة














المزيد.....

الطاحونه قصة قصيرة


محمد عبد الله دالي

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 12:48
المحور: الادب والفن
    


الطاحونة قصة قصيرة
محمد عبد الله دالي

دعتني الحاجة للبحث عن طاحونة قديمه قد احتفظت بها ،وهي من مخلفات أمي ,محفوظة بقطعة قماش سميكة , سحبتها من تحت ركام المخلفات , نفضت عنها غبار الزمن , وإذا هي على حالها , لم تعبث بها الجرذان لأنها من حجر الصوان .طحنت الزمن الماضي , وهي الآن تستعد لطحن الزمن الحاضر.. أعادتني الذكريات ,لهذين الحجرين الدائرين والتي كنا نسميها ( الرحى) الطوق الأسفل ثابت والطوق الأعلى يدور بين بواسطة يدٌ مثبتة عموديا في طرفها . كانت أمي تطعمها حبات الحنطه , وهي تدور بين يديها مرة باليمنى وتارة باليسرى , أما الطقوس التي تمارسها عندما تريد أن تطحن لنا كمية من الحنطة تضع قطعة قماش نظيفة ثم تجلس واضعة الرحى بين ساقيها , وتطعمها بكفها من حبات الحنطة كما كانت تطعمنا ونحن صغاراً... كبرنا وهي ما زالت لم تفطم , تدور مرة بين يدها يساراً وثم تدعمها يميناً ,وأمي تنحني معها أجلس أمامها, أنظر بشغف وعيناي تتابعان حركتها ,وتسدل أستارها من شدة التركيز عليها , وكم مرة حاولت أن أجلس مكانها وأدير قرص الرحى ولم أفلح إلا في دورة أو دورتين , أحسست إنها تدير العالم بكلتي يديها وتتغير أماكن الأشياء مع دورانها , ما دامت أمي على هذه الحال وهي تطحن الحنطه لنأكل ... وإذا توعكت صحتها كنا نرجع لليابس من الخبز ونأكلهُ , أما أبي عندما يعود من العمل يطحن لنا قليلاً من الحنطة . هذه الحياة الرتيبة المؤلمة كانت سمة من سمات حياة أغلب أهل قريتنا ... استمرت حياتنا على هذا المنوال , وتوسمنا خيراً كما قالوا خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف , ولم تفلح هذه الخطوات .
ذبلت ذراعا أمي وهي تطحن الحنطة لنأكل وأصبحت تمسك الرحى بكلتي يديها وأحياناً أساعدها .. كانت تضحك وتقول :ـــ
ــ بعدك , لم تقوى ساعداك على دوران هذا الحجر ,قد أخذ مني قوتي يا بني . فأقول لها :ــ
ــ لعلي أُخفف عنكِ ولو قليلاً ... تتنهد وتنشد أغاني شعبيه قديمة , وهي تطحن سنين حياتها , جاء يوم توقفت الرحى عندما دخل الطحين إلى بيوتنا , حينها ارتاحت من هذا العناء لكنها تنهدت قائلةً :ــ
ــ الطحين أسمر , ومخلوط , وتخرج منه نخالة لا بأس بها ورائحته وطعمه يختلفان عن طحيننا , أخذت تجمع النخالة وتحتفظ بها , سألتها :ــ
ــ لماذا لا نبيع النخالة يا أمي ؟
ــ قالت .. يا ولدي لها يوم ,وتعرف قيمتها ! و استمرت حياتنا على هذا المنوال ,
حتى انتقلت أمي إلى دار حقها ، وها أنا أقف أمام هذا التراث الثقيل , وأطحن بها السنين العجاف التي تمر علينا تحت ظلم الحاكم وظلم العالم , هذه المرة أطحن الشعير بدل الحنطة , وأنا أتذكر قول أُمي :ــ
ما تنسمع رحّاي بس أيدي إدير أطحن بقايا الروح موش أطحن شعير وتبقى الرحى تدور وتطحن الأخضر واليابس وتكمل دورانها كدوران الأرض , نحن نتعب ولكنها لا تتعب , أزاحت رياح التغير الظالم ,وتكشفت أسرار الدنيا .. وإذا بي أبحث تحت الأرض على من فقدتهم وأتجول في كل الاتجاهات باحثا عن دليل .. وعن طاحونة طحنت منجلي ومسحاتي , وذبلت يداي وتوزعت أجزاءي بين القبائل تنشد الحب والآمان ولا زالت الرحى تدور .. والأرض تدور . ولا أدري هذه المرة ماذا تطحن ؟


محمد عبد الله دالي



#محمد_عبد_الله_دالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نحن على الطريق الصحيح
- رغبة في البكاء قصة قصيرة
- وتستمر الحياة قصة قصيرة
- نحو اطلاق قناة فضائيه علمانيه
- الموديل قصة قصيرة
- الثمن قصة قصيرة
- الأختيار قصة قصيرة
- النخيل تموت واقفه قصة قصيره
- العودة الى الضفه قصة فصيرة
- الغروب قصة قصيرة
- أماني على الجدار قصة قصيرة
- القمر والحوت قصة قصيرة
- قصة قصيرة بضاعتهم ردت...!!
- الرجل الذي تكلم اخيراً قصة قصيرة
- احلام بائع
- قصة قصيرة رسالتان من الغربه
- ضحكات لم تكتمل/قصة قصيرة
- بين نقطتين قصة قصيرة
- قصةقصيره
- قصة فصيرة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الله دالي - الطاحونه قصة قصيرة