أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الثقافة تضطهدنا















المزيد.....

الثقافة تضطهدنا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 21:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل القوانين واللوائح والأنظمة والتعاليم الدينية هي محاولة جادة وناجحة وفاشلة أحيانا في اضطهاد الإنسان.

ألاحظ دائما أينما جلست بأن معظم الناس أو 90% من الناس يكرهون النظر إلى الثقافة أو إلى البرامج الثقافية, وغالبية الناس يهربون مني إذا عرفوا بأنني مثقف, فمنهم من يهرب مني خوفاً من السلطة والمخابرات كما يقولون, ومنهم من يتهرب مني لأنه لا يطيق لا الثقافة ولا المثقفين, وإذا ما جئنا للمسألة من ناحية فلسفية ومنطقية فأول من يجب أن نحاربه بتهمة الفساد والرشوة هي الثقافة نفسها ذلك أن الثقافة أفسدت على الإنسان طبيعته وفطرته وسليقته حتى أن الثقافة أفسدت البيئة التي الآن ندعو الإنسان إلى حمايتها والتي أيضا ندعو أنفسنا من أجل حمايتها من المصانع ومكبات النفايات ومن شر الإنسان فالثقافة الآن وفي هذا الموضع تصبح هي أداة الشر, فالثقافة محاولة فاسدة لإفساد البيئة والحيوان والإنسان وتستحق أن نقاومها وأن كنا نعشق الحرية فيجب أن نعيش بلا ثقافة تسيطر علينا وتذللنا للآخرين.
إن محاولة تثقيف الإنسان هي مثل طريقة وضع الخل في العسل, ذلك أن الثقافة أفسدت الإنسان.

والثقافة لم تفسد الإنسان فقط لا غير, بل ساهمت في إفساد الحيوان وتطويعه وتدريبه وتعويده على أشياء لم تفعلها أسلافه من قبل فمنذ متى كان الإنسان يلتزم بالاتفاقيات وبالصكوك وبالوعود إلا في ظل وجود سلطة قاهرة تجبره على ذلك, ومنذ متى والإنسان يعشق النظام والمشي على طبيعة أنظمة وقوانين؟ إن هذه الأنظمة التي نمشي عليها ونسير على مجملها ما هي بالتعبير الفلسفي إلا الفوضى والفوضوية والعبث فكل هذه القوانين فوضى والأصل هو الحياة دون أنظمة وقوانين , الثقافة أفسدت الإنسان كليا وجعلته تابعا لرغبات ليست رغباته بل هي رغبات من أنتج الثقافة حتى أنني أنا شخصيا لا أعتبر نفسي مجبرا في أن أعبد ألله كما كان يعبده الأنبياء والرسل فأنا حر في طريقة صلاتي وعبادتي وفي حياتي وطريقة عيشي ونومي وصحوتي وذهابي إلى الحمام وخروجي منه كما دخلت إليه أو بالعكس, فالتحليل والتحريم ببساطة هما ثقافة اقترحها وسنها وابتدعها الإنسان, وعَقد الزواج محاولة ثقافية واتفاقية تجارية لتحويل الحب من الرومانسية إلى الممارسة الجنسية بأجر مدفوع الثمن مسبقا ومؤخرا, ومحاولة إجبار الإنسان على السير وفق أنظمة وقوانين هي على حسب تعريف (مدرسة فرنكفورت الألمانية) تسلط وسلطة قمعية وكل شيء في هذا الكون من أنظمة وقوانين ولوائح وتعليمات ما هو إلا ثقافة السلطة التي تسيطر على الإنسان وتذله من أجل أن يستعبده الآخرون, فالثقافة نفسها محاولة حقيرة لبيع الإنسان بثمن بخس ورخيص وهي محاولة لتحويله من الحرية إلى رق الثقافة والاستعباد , فإذا أفلتت القنوة من إجبار الإنسان على خدمة أصحاب القنوه والبلطجة وإذا فشل السلاح في محاولة تطويع الإنسان فما المانع من استخدام سلاح الثقافة من أجل غسل مخ الإنسان وتطويعه, أهم شيء تطويعه, وأهم شيء غسل المخ, سواء أكان بالقنوه أم بالسلاح الذري, المهم تطويع الإنسان, والثقافة يتقبلها بعض الناس غصباً وكرها لذلك تنتج الشعوب أو الحكومات الثقافة التي تخدم وجودها ولتعطيها شرعية البقاء.

هنالك بعض الناس الذين لا يرغبون الثقافة ولا منتجيها ولا معدي برامجها الإعلامية , الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يملك ثقافة والذي بنفس الوقت هو المخلوق الوحيد الذي يكره الثقافة, وإذا قسنا عمر الإنسان على كوكب الأرض فإننا حتما سنغرف بأنه في آخر دقيقة من عمره أنتج الثقافة وتأقلم معها, وهذا معناه أنه كان لآلاف السنين يعيش بلا ثقافة تتحكم به أو تسيطر عليه, وإذا درسنا مجموعات بشرية شاذة عن القاعدة أو المناخ البيئي الذي تعيش به فحتما سوف نتأكد من أن تلك البيئة رافضة للثقافة وبالمثال على ذلك هواة تبادل النساء هم من الشخصيات التي تمقت الثقافة التي تحرم والتي تفرض بالقوة والتي تهدد وتحاول أن تسيطر عليهم وهم بذلك عن طريق الفطرة السليمة يريدون العودة إلى أيام زمان أيامَ لم يكن هنالك لا شرائع ولا قوانين, إن الثقافة هي الدنس وهي اللباس النجس الذي لبسه الإنسان, تلك الفئة لا تقل عن الفئات الأخرى مثلا والتي تنوي أن تسير في شوارع للعراة ذلك أن الإنسان لآلاف السنين كان يمشي عاريا على هذا الكوكب الذي غزته الثقافة فألبست الإنسان ثوبا ثقافيا ليس ثوبه وذلك كما قال الشاعر عمر الخيام في رباعياته:
لُبّستُ ثوبَ العيشِ لم أستشرْ...فحرتُ فيكَ بين شتى الفِكَرْ.

الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي لديه ثقافة من مجموعة أنظمة وقوانين ويرفض في نفس الوقت الامتثال للأنظمة والقوانين وهنالك كثيرون من الناس الذي يعتبرون الثقافة تهديدا لمصدر تفكيرهم الحر, فمثلا ثقافة القمع والاستبداد أو الثقافة الماركسية التي تجعل الدين أفيوناً للشعوب هي في نفس الوقت محاولة من الماركسيين لقمع هذه الثقافة التي تسيطر على الإنسان وبالتالي يفهم الماركسيون بأن الدين محاولة ثقافية لقمع الإنسان وللسيطرة عليه, والإنسان الذي يملك وعيا وعقلا مفكرا يرفض دوما أن يلتزم بالدين أو بالثقافة التي ما هي في حقيقة الأمر إلا ثوبا لم يخلقه ألله مع الإنسان وإنما الإنسان هو الذي استلبس الثقافة أو بالمفهوم العامي : الإنسان طاب على الثقافة طبه .

وهنالك فئات اجتماعية يعثر عليها بين الحين والآخر مندسة في أحدى الغابات أو البراري وتعيش عيشة بدائية مثل قبائل (غيانا) أو القبيلة الأخيرة على عثر عليها في الأرجنتين ,وهنالك قبائل يشترك فيها الرجال بامرأة واحدة أو مجموعة رجال بامرأة واحدة ويعيشون بلا أنظمة ولا قوانين تسودهم أو تسيطر عليهم ويتزوجون من المحارم ولا يوجد بينهم شيء اسمه حرام أو عيب أو خجل, ذلك أن العيب ثقافة, والخجل ثقافة, فالإنسان البدائي الذي عاش آلاف السنين لم يكن يخجل ولم يكن يستحي من عورته وكان كما يقولون (الحبل له على الغارب) , إن الثقافة في مجملها محاولة يائسة من الإنسان نفسه ومحاولة فاشلة للسيطرة عليه فكل الناس ترغب بأن تعيش بحرية أو بدون ثقافة وبدون محرمات تحرم على الإنسان ما يشتهي فعله أو تجبره على فعل ما لا يشتهي فعله, ولنلاحظ أن الحلم الذي يحلم به الإنسان أثناء النوم يكون محاولة لتفسير هروب الإنسان من الواقع المؤلم, فكم حلم الكثيرون بأنهم مثلا يضاجعون المحارم, لا تستغربوا إذا قلت لكم أن مثل تلك الأحلام تكون تراود الإنسان في اليقظة أثناء نشاطه العادي فغالبية من يحلمون بالممارسة الجنسية مع المحارم يكون لديهم أسبقيات فكرية بمحاولة التجربة أو أن الموضوع مرتبط في داخل العقل الباطن, وأخيرا يأت الحلم تعبيرا عن ممارسة الممنوع ويكون تفسيرا لحياة الإنسان قديما وهذا الممنوع هو الذي تفرضه الثقافة على الإنسان, إن الإنسان ينتج الثقافة وبنفس الوقت يتمرد عليها لأن الثقافة ما زالت تحاول كبح جماح الإنسان الذي لم يتآلف بعد مع الثقافة.

لقد حاول الإنسان السيطرة على الطبيعة منذ بداية مشواره على الأرض وحتى هذه اللحظة ما زال مصرا وما زال يطور في مهارته من أجل السيطرة على قوى الطبيعة, وإلى جانب هذا كله هنالك محاولة خطيرة جدا أخطر من كل تلك المحاولات وهي محاولة الإنسان الجادة في فهم نفسه وطبيعة سلوكه وتصرفاته وذلك من أجل السيطرة على الإنسان نفسه, وعملية محاولة فهم الإنسان ترافقت مع عملية فهم الكون من حولنا كيف يدور مع عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة وكيف يسير!! وذلك من أجل السيطرة على الكون لصالح الإنسان, إن كل تلك المحاولات الناجحة كانت وبالاً على الإنسان الذي أنتج الثقافة.
ماهية الثقافة؟

الثقافة هي كل ما صنعه الإنسان من أفكار ومن معتقدات دينية أثرت على سلوكه المباشر, فها أنا اليوم أشكو من ثقافة القمع مثلا أو الاستبداد أو الثقافة الدينية وهذه الثقافة أنتجها الإنسان من أجل أن يسيطر على نفسه وعلى من حوله من الناس, وكان الدين أو الثقافة الدينية محاولة ناجحة من الإنسان للسيطرة على جنسه.




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخي الطيب
- كلي آلام
- الإنسان الآلي
- أنا الأردني الأصل
- روحي
- من سيطمع بالبنت الأردنية؟
- السوالف عن الناس الطفرانه
- هرمنا
- عسكر وحراميه
- اتجاهات
- من يوميات مثقف أردني4
- ماذا أعبد؟
- البنت مش عيب
- كلمة إلى ابنتي وفاء البتول
- وأخيرا جاءت وفاء سلطان
- الأوراق المتسخة
- أنا مجرد رقم
- أعداء الأردن
- ممن يتعلم الأطفال الكذب!
- المرأة تستعمل لسانها للحوار والرجل يستعمل يده للحوار


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الثقافة تضطهدنا