أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك ضمرة - لولا المطر-قصة قصيرة














المزيد.....

لولا المطر-قصة قصيرة


نازك ضمرة

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
لولا المطر
نازك ضمرة/أمريكا
أتعبني هذا الغلام،أطلب منه أن يأتيني بقلم، فيحضر لي كتاباً، مشتت الفكر، لاينتبه إلا لمشاغله وألعابه، في العاشرة من عمره، أصيح به وآمره بإيقاف عبثه، أنا أسميه عبثاً، اما هو فيصر على أنه يتمرن على رمي كرة القدم أو صدها، تعلو طبطبات الكرة على الكرة الأرضية، أهتزّ أنا وكرسي البلاستك القديم، حتى حديقتي الصغيرة التي أجلس قرب طرفها تقشعر، أشعر أنها قلقة، ولولا وجودي وخشيته من صياحي أو من عقاب لتحرر في لعبه، ولتمردت الكرة وداست أشجار الفواكه التي ما زالت غضة، وفسلات الخضار التي زرعتها قبل أقل من أسبوع.
انتظرت طويلاً قدوم نيسان، ومثلي يملّ شهورالشتاء الطويلة في أمريكا، ما إن بدأ أبريل حتى زرعت الوجبة الأولى من البنادورى والخيار والكوسا، في اليوم الثالث كانت أثراً بعد عين، جمدتها موجة باردة قاسية فقضت عليها، فاضطررت للذهاب لسوق بعيد لشراء دفعة جديدة، وحتى أشغله عن شقاوته أطلب من الغلام أن يأتيني بكتاب أقرؤه، مع انني أستمتع بمشاهدة عشرات النسور المدينية سوداء اللون، أكبر من الصقر، وأصغر من النسر، لكنها آكلة لحوم، تحوم على ارتفاعات منخفضة، تبحث عن صيد أو جيفة، لكنها بدأت تحط رحالها على برج المياه بجانب بيتنا، عوضها هذا البرج الشامخ عن الجبال والمرتفعات، يعانق السماء ويخزن لنا الماء، لكل مدينتنا الصغيرة، هادئة وأهلها مسالمون، ما زال العفريت ينقر الكرة والأرض تهتز تحتي ومن حولي، أشفق على اليابانيين من زلزالهم الأخير قبل أقل من شهر، أتخيلهم والأرض تهتز بهم، شتتهم ودمر وهدم وأفاض البحر، فمن موجة واحدة كانت المدينة كلها بمن فيها جزءا من المحيط غير الهادي ذاك اليوم، غرقت السيارات والطائرات والبيوت والحيوانات والبشر، ومن نجا فبأعجوبة أو ضربة حظ، ألا تهدأ قليلاً يا بني، ألا تبتعد عني؟ لكنه يضحك ويزداد مشاكسة واقتراباً، وبحكم الخبرة والعمر أفهم أن الطفل يزداد حماساً وجرأة في حضرة والده، أسمع نفسي قائلاً له: هلا ذهبت لإحضار الماء لي؟ لا أدري هل سمع مقولتي أم طنشني، وحين ناديته باسمه ضم أصابع يده اليمنى وهزها، يطلب مني أن اتعلم الصبر، ناديته باسمه للمرة الثانية بشيء من حدة، أوقف رفسه للكرة، يحملها معه يحتضنها وهو يبتعد، هل سمع ما طلبت منه في البداية يا ترى؟ أم سيغيب بلا عودة؟ ألا يخشى العقاب؟ ولو مجرد الإمساك بأذنه على طريقة الأجداد، لم أعد أجرؤ عليها هنا في أمريكا، معلموه ومدرسته يطلبون منه إبلاغهم إن شدد عليه أهله بأي عقاب جسدي أو نفسي أو حرمان، نحتار كيف نربي أبناءنا، حين أتذكر طفولتي أضحك حتى البكاء، الضرب والحرمان كانا أهم الوسائل لتربيتنا وتعليمنا الصواب من الخطأ، تجنبنا الكثير من الأهوال والأخطاء والمصائب، لاذكاء ولا حرصاً، وإنما خوفاً من عقاب الأهل، حتى دون فهم الأسباب والنتائج.
بدأت تتكاثر الغيوم وتتجمع في السماء فوق رؤوسنا، ونسمات هواء باردة تهب من الغرب تارة، ومن الشمال تارة أخرى، لكنني لم أشعر بالبرودة بعد، ارتديت معطفاً خفيفاً قبل اتخاذي قرار الجلوس في حديقة منزلي، ولكن ما إن قاربت الساعة على السادسة مساء حتى اختفى قرص الشمس بعد أن هبطت كثيراً من عليائها، قبل موعد الغروب بساعتين ، أخفتها أشجار نورث كارولاينا العالية الغزيرة، ، يعود الولد ومعه الماء في القارورة الزرقاء، إنها إنائي المفضل للشرب منه، حتى لا يستعمله أحد سواي، يقول الصبي، لا تنس موعد الطبيب غداً يا والدي، لقد أجبت الهاتف قبل قليل، أرادوا أن يذكروك بالموعد المقرر في الغد، يزداد الجو رطوبة مع تواصل الزلزلة على الأرض، أهدد الولد لكي يحرص على ان لا تتجه الكرة لأشجار حديقتي، قطرات من الماء خفيفة تضايقني، بل أحسها تنقر جلدة رأسي خفيف الشعر، تتسارع قطرات الماء وتتكاثر، لم أعد أحتمل الجلوس قرب أشجاري، يهطل المطر وأسرع للنجاة بملابسي وأفارق حديقتي رغماً عني، لكنني دخلت المنزل وملابسي مبتلة، تتنطع زوجتي لي، وتصرّ على أن أخلعها عند الباب.
رالي في 12/4/2011



#نازك_ضمرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك ضمرة - لولا المطر-قصة قصيرة