|
يوم انحرفت الثورة المصرية عن مسارها
يعقوب ابراهامي
الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 19:26
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
سجلوا هذا التاريخ: الجمعة 8/4/2011. في هذا اليوم انحرفت "الثورة المصرية" عن مسارها. في هذا اليوم انتصرت "ثقافة القرضاوي" على"ثقافة نجيب محفوظ". نأمل ان يكون هذا الأنتصار انتصاراً طارئاً فقط. في يوم الجمعة 8/4/2011 تظاهر الآلاف من شباب "ميدان التحرير" امام مبنى السفارة الأسرائيلية في القاهرة مطالبين بطرد السفير الأسرائيلي (في يوم من احلك الأيام الدامية التي مرت على سورية لم يخطر ببال احد من المتظاهرين ان يطالب بطرد السفير السوري). في هذا اليوم احرق غوغاء في "ميدان التحرير" العلم الأسرائيلي (عادت حليمة الى عادتها القديمة. كثيراً ما ساءلت نفسي ولم اجد حتى الآن جواباً مقنعاًً: ماذا يجني هؤلاء من وراء حرق أعلام أسرائيلية والدوس بالأقدام على "رموزٍ صهيونية"؟ اية دوافع نفسية لا يمكن قهرها تدفعهم الى ذلك؟ اية غرائز بدائية قبلية قديمة تشبعها هذه الطقوس التي هي اشبه بطقوس وثنية؟ ما الذي يجعلهم يعتقدون ان حرق علم "العدو" معناه الأنتصار على "العدو"؟). وفي هذا اليوم ايضاً ردد المتظاهرون في "ميدان التحرير" شعاراً كنت اعتقد انه قد اصبح في خبر كان: "فلسطين عربية رغم انف الصهيونية" (وبهذا قدموا هدية لا تقدر بثمن لليمين الأسرائيلي، طعنوا اليسار الأسرائيلي من الخلف وارجعونا ستين عاماً الى الوراء، الى عهود مظلمة. واحسرتاه! كنت اظن اننا عبرنا هذه المرحلة الى غير رجعة. كنت اعتقد، رغم الشكوك التي راودتني منذ البداية، كما راودت كل الذين عاصروا "الثورة الأيرانية"، ان شباب "الفيسبوك" و"التويتر" و"الأنترنيت" يعرفون ان فلسطين عربية ويهودية "رغم انف الدجالين" من كلا الجانبين).
في اليوم الأول للثورة المصرية عندما رفع احد المتظاهرين شعار "الأسلام هو الحل" انزله شباب "ميدان التحرير" على الفور. بعدها جاء القرضاوي، اقام صلاة الجمعة في "ميدان التحرير"، نصب نفسه زعيماً للثورة وشباب "الثورة" سكتوا ولم يحتجوا. ثم جاء التشويه والألتفاف على اهداف الثورة. وعندما قام احد الخطباء "الوطنيين" في يوم 2011/4/8 واعلن كذباً وبهتاناً ان الثورة قامت في الواقع ضد الحكام العرب "عبيد بني صهيون"، وضد "علاقات الذل" التي تربط مصر ب"الكيان الصهيوني"، لم يقم احد من شباب الثورة للدفاع عن واحد من اهم انجازات مصر في العصر الحديث: معاهدة السلام بين اسرائيل ومصر.
كل "المفكرين العرب" (من عزمي بشارة الى سلامة كيلة) وكل "الساسة المفلسين" (من خالد حدادة الى محمد نفاع) يقولون لكم ان "قضية فلسطين" هي قضية العرب المركزية. لا تصدقوهم! قضية العرب المركزية هي التغلب على التأخر الأقتصادي والأجتماعي، محاربة الفقر والجهل والفساد، نشر الديمقراطية ورفع كرامة الأنسان والألتحاق بركب الحضارة البشرية. ايجاد اعداء وهميين لا تجدي نفعاً هنا. اسرائيل ليست عدوة لمصر وشعب اسرائيل صديق للشعب المصري. اما "القضية الفلسطينية" فقد اصبحت منذ زمن طويل، شأنها شأن "الوطنية"، الملجأ الأخير للأنذال.
"معبدوت لحيروت" - من العبودية الى الحرية: لا من اجل ابراز التقارب (الذي يدهشني كل مرة من جديد) بين اللغتين العربية والعبرية اتيت بعنوان هذه الفقرة (عبدوت=عبودية وحيروت=حرية)، بل لكي أذكر القراء ان اليهود (في اسرائيل وفي انحاء العالم) سيحتفلون في الأسبوع القادم بذكرى واحدة من اكبر ثورات العبيد (الحقيقية او الأسطورية) في التاريخ القديم. وعندما ستجتمع العوائل حول "مائدة الفصح" (المليئة بالمآكل اليهودية الشهيرة) مساء يوم الأثنين 2011/4/18، وتغني التراتيل التقليدية "معبدوت لحيروت"، سيتذكر شعب اسرائيل ان قائد هذه الثورة ولد وترعرع في مصر، استنشق هواء مصر وتشبع بالثقافة المصرية وبديانة "التوحيد" الفرعونية. وفي الذاكرة التاريخية الجماعية للشعب اليهودي المرتبطة بهذا العيد تحتل فتاة مصرية مكانة خاصة. هذه الفتاة، باتية ابنة فرعون، هي التي انقذت طفلاً رضيعاً (النبي موسى فيما بعد)، ابن ثلاثة اشهر، من موت محقق عندما انتشلته من نهر النيل، بعد ان كانت امه قد وضعته في سلة من القش والقته في مياه النهر خوفاً من جلاوذة فرعون الذي اصدر امره بقتل كل الأطفال العبريين الذكور: "فنزلت ابنة فرعون الى النهر لتغتسل وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر. فرأت ابنة فرعون سلة من القش تطفو على سطح النهر فأرسلت امتها وانتشلتها. ولما فتحت السلة رأت الولد وإذا هو صبي يبكي. فرقت له وقالت هذا من اولاد العبريين. . . فصار لها ابناً ودعت اسمه "موشي" وقالت اني "انتشلته" من الماء" (خروج، الأصحاح الثاني). وعلى فعلها الأنساني هذا ("رقت له" رغم علمها انه "من اولاد العبريين") تقول الأساطير التوراتية اليهودية ان باتية ابنة فرعون هي واحدة من عشرة شخصيات فقط في كل التاريخ البشري ضمنت لهم الجنة وهم على قيد الحياة. اليس في هذا رمز للود الذي يكنه الشعب الأسرائيلي لشعب مصر؟
هناك في التوراة "أمر إلهي" هو في نظري من اجمل ما في كل اسفار"العهد القديم": "عاملوا الغرباء من بينكم كما لو كانوا من ابناء جلدتكم لأنكم غرباء كنتم في مصر." (اللاويون اصحاح 34) بعد ذلك باكثر من 2000 سنة يكتب "حاخام" (=حكيم) يهودي آخر اسمه كارل ماركس: "ان شعباً يستعبد شعباً آخر يدق اصفاده لنفسه". عيد سعيد (חג שמח)
#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وردتان على قبره
-
من قتل جوليانو مير؟
-
الصهيونية ليست ما تظنون
-
نمريات
-
الشاعر الذي يتكلم لغة قديمة
-
ملاحظات ليبية
-
المقياس الأساسي لدى محمد نفاع
-
شعب اسرائيل صديق لشعب مصر
-
نريد يساراً جريئاً لا يساراً خائفاً
-
تحية لشعب تونس
-
اليسار الصهيوني يوك!
-
من اجل مصالحة تاريخية كبرى
-
أحماقة أم نفاق سياسي؟
-
البارع، المطور والذي لا يعتذر
-
سلامة كيلة غاضب. من لا يخاف؟
-
البيان الختامي الذي لم يصدر
-
جنكيز خان ستالين
-
اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة
-
سلامة كيلة يقودنا الى طريق مسدود
-
حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية
المزيد.....
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
-
سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
-
-الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
-
الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا
...
-
خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص
...
-
الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق
...
-
دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
-
جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|