|
نصيحة هامة ومخلصة للمجلس العسكري الحاكم في مصر
محمود يوسف بكير
الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 23:50
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في عالم الاقتصاد والسياسة تتعدد أساليب وتقنيات الإدارة ما بين الإدارة بالأهداف والنتائج والإدارة بالحوافز وحتى الإدارة بالإرهاب والتخويف . . .الخ ولكن الرئيس المخلوع مبارك لا بارك الله فيه ولا في أهله خرج علينا بأسلوب جديدة في الإدارة سوف يذكره التاريخ به في أسوأ فصوله وهو أسلوب الإدارة بالإفساد وغاية هذا الأسلوب هو السيطرة والتحكم في كل المسئولين في كافة قطاعات الدولة من خلال إفسادهم وتوريطهم في عمليات قذرة وغير قانونية والسماح لهم بتلقي الرشاوى والضلوع في نهب المال العام دون أي محاسبة والمسكين من هؤلاء المسئولين الكبار لا يدري أن كل عمليات السطو التي يقوم بها مهما صغرت تسجل في ملف أسود لدى أحد أفرع جهاز مباحث أمن الدولة التابع لوزارة الداخلية. وقد وجد مبارك أن أسلوب التحكم بالإفساد أفضل من حيث النتائج والفاعلية من أسلوب أكبر قواد في مصر ضابط المخابرات السابق ورئيس مجلس الشورى المخلوع صفوت "غير" الشريف صاحب نظرية التحكم من خلال توريط المسئولين في فضائح جنسية .
وفي خلال ثلاثين عاماً من حكم الطاغية تم إفساد كل مؤسسات الدولة بدءاً بمجلس الوزراء ومجلس الشعب والشورى والأحزاب الهيكلية المسماة بالمعارضة والقضاء والجامعات والصحافة والإعلام والأجهزة والإدارات المحلية والشرطة. . . الخ
وعندما بدأ نظام مبارك في التصدع قام بتسليم مقاليد البلاد لمجموعة من العسكريين مثل عمر سليمان وهو جاسوس برتبة لواء وأحمد شفيق وهو محتال برتبة فريق في الجيش، ولم تتم كل هذه التعيينات بمحض صدف عمياء وإنما كانت وفق خطة محسوبة ومناورة بارعة من الرئيس المخلوع للبقاء أمناً واكتساب بعض الوقت لإخفاء ثروة أسرته التي تقدرها بعض المصادر المصرفية هنا في أوروبا بما لا يقل عن 50 مليار دولار معظمها مملوك من خلال شركات "off share" كما نسميها بالإنجليزية وهي مسجلة في جزر الكايمان وبنما بأمريكا اللاتينية وفادوز وغيرها ويحتفظ بأوراق هذه الشركات مكاتب محاماة متخصصة في هذه العمليات مقابل رسوم صيانة سنوية ضخمة .
وقد مررت أنا شخصياً بتجربة ملاحقة لص دولي قام بتزوير اتفاقية وكالة إدعى أن أحد أطرافها شركة أمريكية، وبموجب الاتفاقية المزورة نجح في خداع شركة عربية كبيرة حصل منها على مبلغ 4.5 مليون دولار ادعى أن الشركة الأمريكية تقاضتها من شركة سويسرية مسجلة في الكايمان يقوم هو بتمثيلها وعندما التقيت بممثلي الشركة الأمريكية في نيويورك أكدوا أن الاتفاقية مزورة وقاموا بتوقيع إقرار Affidavit"" بذلك لتسهيل عملنا في استعادة المبلغ. بعدها ذهبنا إلى الكايمان فاكتشفنا أن الشركة مسجلة في الكايمان ولكن مقرها في فادوز عاصمة إمارة ليخشنشتاين وهي إمارة داخل سويسرا ولكنها مستقلة عنها ،وفي فادوز وجدنا أن مقر الشركة عبارة عن مكتب محامي رفض التعاون معنا أو حتى الكشف عن أسماء المساهمين في الشركة والخلاصة أننا حاولنا على مدى عام كامل ما بين سويسرا وأمريكا الكايمان استرجاع هذا المبلغ دون جدوى لأسباب قانونية وفنية لا داعي لإزعاج القارئ بها.
والخلاصة أن مبارك وأسرته قد منحوا فترة شهرين تقريباً تمكنوا خلالها من تأمين كل أصولهم في الخارج بشكل يصعب إثبات ملكيتهم المباشرة لها واعتقد أنهم ضحوا بمعظم هذه الأصول أو أجبروا على التنازل عنها مقابل حماية سمعتهم وتبرئة ساحتهم، بمعنى أن هذه الأصول الضخمة قد تكون ضاعت عليهم كما ضاعت على مصر بسبب تقاعس حكومة أحمد شفيق والنائب العام عن فعل أي شيء لمدة أسابيع كانت مصيرية. ولكن لازال هناك أمل يمتثل في قيام الحكومة المصرية بتعيين مكتبي محاماة دوليين في كل من لندن و نيويورك لمتابعة عملية استرداد هذه الأصول مع ضرورة قيام الحكومة المصرية بالتواصل الدبلوماسي والقانوني المباشر والسريع والفعال مع السلطات القانونية الأوربية والأمريكية بالتنسيق مع مكاتب المحاماة. والعملية لن تكون سهلة وقد تستغرق سنوات ولكنها ستكلل بالنجاح بمشيئة الله لو صدقت نوايا المسئولين الحاليين في مصر وتمت إدارة العملية بشكل احترافي وبمعرفة خبراء مصرفيين وقانونيين ذوي خبرة دولية .
والنصيحة التي نود أن نوجهها للمجلس العسكري الحاكم في مصر الآن أن عليهم إشاعة الطمأنينة في نفوس المصريين وشباب ثورة 25 يناير من خلال دعم المطالبة الشعبية العارمة بتطهير مصر وكل مؤسساتها من مساوئ وقاذورات مبارك وأسرته وحاشيته والمساعدة بهمة في استرداد هذه الأموال المهربة.
إن كل محاولات إبطاء هذه العملية لن تزيدها إلا تعقيداً ولن تزيد المصريين إلا إصراراً وسوف تزيد حالة الاحتقان التي بدأت تلوح في الأفق بين الشعب والجيش وهو ما تتمناه كل عناصر الثورة المضادة في الداخل والخارج.
إن أول خطوات القضاء على جذور الفساد في مصر هو تقديم الرئيس المخلوع وأسرته للمحاكمة العادلة، وأي إبطاء لهذه المحاكمة يمثل نوعاً من التواطؤ ووقوفاً ضد إرادة أمة وشعب ضحى بالآلاف من أبناءه واستقراره وأمنه ولازال يدفع ثمناً باهظاً من أجل الخلاص من الفساد والظلم والاستبداد ونحن نربأ بكم أن تقعوا في مثل هذه الشبهات.
عندما يدعي الرئيس المخلوع كذباً أنه طاهر وأمين وكذلك جميع أفراد أسرته في حديثه لقناة العربية فإنه يستخف بعقولنا ويهرج في موضع الجد، فهل يعقل أن يصل حجم الفساد في مصر إلى هذا الحد والرئيس طاهر وأمين؟؟ لقد أعترف مدير قصره زكريا عزمي منذ أيام أنه يمتلك أربع قصور وشقتين فاخرتين في مصر وحدها والمسكين يقول أنه كان يدفع أثمانها بالتقسيط!! هذا ما اعترف به أمام القضاء وما خفي أعظم بالطبع، وزكريا عزمي هذا الذي كان يحكم مصر من خلف أكتاف مبارك وأسرته و الذي كان يتقاضى إتاوات وهدايا عينية بالملايين باسمه واسم زوجته و أخواته و أبنائهم هو فرد واحد فقط من مئات المسئولين الذين تربحوا بمئات الملايين تحت إشراف معلم الفساد الكبير مبارك وأسرته، فهل كان مبارك يكتفي بمشاهدة مهرجان الفساد من بعيد دون أن يستفيد منه؟ وأكثر من هذا فالجميع يعلم أن أبناءه من كبار رجال الأعمال في مصر وإنهم كانوا يستغلون نفوذهم بشكل وقح ومستفز، وبعد كل هذا يدعي الطاغية الكذاب أنهم براء من أي شبهة فساد!!!
لابد أن يمثل الطاغية وأسرته وكل زبانيته أمام القضاء للإجابة على كل هذه الأسئلة والتحقيق معه في مسيرة فساد وظلم امتدت لثلاثين عاماً كان آخر قراراته فيها إصدار الأوامر للجيش بإطلاق النار على المتظاهرين أثناء الثورة باعتراف قادة الجيش أنفسهم.
نتمنى من قيادات المجلس العسكري ألا ينساق وراء أي ضغوط أو مصالح ضيقة وأن ينحاز إلى الشعب المصري ويحمي ثورته وأن يتلقى هذه النصيحة المخلصة بعقل مفتوح وضمير حي وبشجاعة الجنود.
محمود يوسف بكير مستشار اقتصادي مصري
#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما يهرج الأسد
-
الشيخ القرضاوي والشيعة
-
كيف نضمن نجاح ثورات الشعوب العربية
-
أنا حر إذاً أنا موجود
-
قم يا مصري من أجل كل عربي
-
ماذا يريد البابا شنودة؟
-
لن ننسى أيها الطغاة
-
الدين والاستبداد والثورة
-
الثورة التونسية وانعكاساتها المستقبلية
-
أن تكون متديناَ
-
اللغة العربية تحتضر
-
عرض مبسط لآخر تطورات الاقتصاد العالمي
-
نداء إلى المسلمين والمسيحيين في العالم العربي
-
صراع العلم والدين..الى أين؟
-
خريف الرئيس
-
وفاة أعظم مفكر عربي معاصر د.محمد أركون
-
عودة الحمار ( الجزء الثاني )
-
عن الكرة و السياسة والفساد في مصر
-
الشعوب العربية ومعضلة رجال الدين
-
البرادعي والسفيرة الأمريكية
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|