أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة زعيتر - الوردة أنت














المزيد.....

الوردة أنت


نجاة زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 16:25
المحور: الادب والفن
    


عندما أقبض ما يملأ هذا الفراغ من مكونات لا أدركها و تحاصرني تعبث حولي،تتنفس معي، تتطاير عاليا،ثم تعود تسخر مني.سأدفع بها بعيدا إلى مجال معزول عني ، سأجلس في أي ركن من ذاتي،أتحيز لأعماقي و أصرخ دون أن يعيد الصدى صوتي....و أشرب عصير أي فاكهة دون قضم أظافري.

ظل ينتظر ردا،و كنت أتطلع إلى وجه النادل الشاب الذي أعجبني تناقض تقاطيعه.

قال ماذا ستجنين من هذا الهراء؟

و كما يتخلص الشجر من يابس ورقه،تعرى جبل الرتابة الجاثم بداخلي،أحسست أنني ثمرة زيتون حان عصرها،و أن أيد كثيرة تسللت لتساهم في هذا الفعل الضروري بشغف يحمي إرثها المهدد.

تمسكنت ثم تمايلت،بعدها تمطت في داخلي بقوة لا تحتمل التراخي،شكل خارق لعجوز صلبة،لسانها حاد يجلدني بنهم،يغريني بالعبث والتخيل،متعددة الأعين كثيرة الأيدي تنظر إلي من أعلى،أرتفع إليها فتدحرجني بعيدا عنها،تحرضني على التراقص،أستقر في قبضتها ،تكورني هي الأخرى و ترمي بي إلى مجال لا أدركه

بسرعة تجاهلت كتل الأمان المتحفزة للتشبث و تابعت تناقض ملامح النادل ترابي اللون!

تقاسمتني إستكانة عينيه و إختناقها،بدا لي أنه لن يغفر لي تجاهلي و إهتمامي بوجه النادل.

ماذا لو كففت عن هذا الهراء كما ينصحني؟

عاد نشيده المتكرر ينهم مني:عندما نحب نكون على إستعداد كامل للتنازل!

عيون أجدادك تفضحك،عروقهم المزروعة بين أشجار الزيتون تمدها بالطيبة و اللزوجة تراقبك تنتهكين طهر عصيرهم!

العجوز تتمطى في أعماقك تتسلقك،تغرسك في قلبها المفتوح على كل الحكايات ،فلا يصلك إسترحامه.

تفضلين العودة إلى مراقبة النادل المتنقل بين الطاولات بفرح غامض متفان.

سال الدم في فمي،أكلت أصبعي،عاد النادل بزهرية شفافة تزينها وردة واحدة وضعها أمامي،غطست إصبعي الدامي في مائها،وجلست أتفرج على إمتزاجهما الأرجواني

خطر لي لو يتسرب دمي مني؟لو أسهو فينزف إصبعي كامل الدم المتجول بشراييني و أوردتي؟

ترى هل ستمتص هذه الوردة الوحيدة كل دمي؟

ولو فعلت فهل ستصبح الوردة "أنا" ؟!تحلم بما أحلم به ،تشعر بما يقبضني،و قد تعجب بتقاطيع النادل المتناقضة و تصحو ذات صباح تكور قبضتها تملأها من هذا الفراغ و تدفع بها هي الأخرى إلى مجال معزول عنها!

و لو خيرتها فهل ستمتص دمي فتحمل هذا القلق النابت به؟

و لو نظرت إلى وجهي فهل ستتعرف على العجوز الصلبة التي تتمطى في داخلي ،تسرد لي حكايتها منذ ألف عام؟و أن عملية إستنساخ دموية أعطتها دوري و دمي و حتى أقدام قلقي العابثة.

رفعت رأسي ،نقطة ضوء وحيدة تترقبني،تملأعيني و كامل جسدي،تسمرني في مكاني،تنظر نحوي بحنان مستفز،تغمرني و تنحسر عني.

أستحلي لعبة الضوء،أتدرج في إنسيابه اللذيذ،أشعر بذاته الواضحة تفضحني،تكشف ما بداخلي.

يغيضني إمتناعه الصامت عن التفكك في.

أراني بعيدا،و أتخلص أخيرا من الحاجة إلى التباهي بتقمص الأشياء و الصراع من أجل اقتنائها و الإحتفاظ بها

أتخلص أخيرا من سطوة المكان ،يقفز خوفي من جسكي المسجى .لكنه يعود ينبت في كفي وردا أحمرا و في اليد الأخرى عشبا بريا.

تمتص الوردة طراوة الدم ،ترمقني أتأملها،عين الدهشة تنصفها تهدهدها ،و أحيانا تقطفها و ترمي بها إلى جيوب يأس محتمل.

أعجبني خاطري المتخيل فأحببت متابعة عبثه اللذيذ لكن صوته قاطعني مجرحا:كتبت و نشرت كثيرا ،فماذا جنيت غير الوحدة و الترقب؟

تقاطرت ضجرا،سلخ جلده و بان أمامي عاريا إلا من بياض عضامه !إمتلأت دمامل حزن إنتفى حيائي من أعين الزوايا المحدقة بي:ستصبحين زوجتي فما حاجتك لأوراق جرائد تحمل توقيعك؟

أخرجت مرآتي الصغيرة ،أعدت ترتيب زينتي صفعت خد الفضول بقليل من العطر وضعته وراء أذني ثم قليلا على وجه الوردة،فتحت حقيبة يدي ،دفعت للنادل دون أن أنظر هذه المرة في ملامح وجهه،و أخذت الوردة معي،تثائبت العجوز في قلبي فرحا.ربما خفت لو يتحول تخيلي إلى حقيقة و تصبح الوردة"أنا"؟



#نجاة_زعيتر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطعة الموسلين الخضراء
- سؤال الجواب
- رحلة إنسانية
- المفقود


المزيد.....




- مسلسل تل الرياح الموسم الثاني الحلقة 148 مترجمة قصة عشق
- المغرب: فيلم -عصابات- يتوج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطن ...
- نخبة من نجوم الدراما العربية في عمل درامي ضخم في المغرب (فيد ...
- هذه العدسات اللاصقة الذكية تمنحك -قدرات خارقة- أشبه بأفلام ا ...
- من بينها -يد إلهية-.. لماذا حذفت نتفليكس الأفلام الفلسطينية؟ ...
- تونس تحيي الذكرى المئوية لانتهاء مهمة السرب البحري الروسي
- مصر.. نجمات -جريئات- يثرن جدلا في مهرجان الجونة السينمائية ( ...
- منصة ايكس تعلق حساب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية
- -مصور العراة- يجرد الآلاف من المتطوعين من ملابسهم لالتقاط صو ...
- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة زعيتر - الوردة أنت