|
ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 23:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
-1-
جميلة، وبرَّاقة، ومغرية، تلك الوعود التي أطلقها – مؤخراً - النظام السوري لرشوة الثورة الشعبية السورية الصاعدة والماحقة، وتدجينها كالعادة.
وجميلة، وبرَّاقة، ومغرية، تلك الخطوات التي خطاها النظام السوري في الترقيع ووضع (نُصَّ نعل) للحذاء الدكتاتوري القديم، ومنها إقالة الحكومة، لكي يأتي بحكومة أخرى.
فالنعلُ واحدٌ، ولكن الساق مختلفة.
فما الفرق؟
-2-
النظام السوري، والليبي، واليمني، ثم العراقي، فيما بعد، يلعبون مع شعوبهم لعبة الذئب الماكر والفريسة.
فالأنظمة (الذئاب) تعرف من شعوبها من هي فريستها (المعارضة)، ولكنها الآن غير قادرة على التهامها كالعادة. وتتركها إلى حين تهدأ العواصف الثورية، لكي تلتهمها على مهلها.
فما الذي يمنع أياً من هذه الأنظمة من اعتقال، وسجن، وقتل معارضيها، إن استسلم الثوار للوعود المسمومة المغموسة بعسل السلطة الذي (تبيعه) على شعوبها منذ أكثر من أربعين سنة؛ أي منذ 1970؟
وهل ستنسى السلطة ثأرها، وهو ثأر الذئاب من الفريسة؟
فهذه السلطة ما أن تطمئن إلى مأمنها، حتى تنقضّ على فريستها (الثوار الآن)، وتلتهما، كما سبق أن التهمت غيرها من فرائس المعارضة والثوار، في السنوات الماضية الطويلة من حكمها، وليليها الطويل الأسود.
-3-
النظام السوري وباقي الأنظمة، ذات ليل طويل أسود وكالح . ما عدا النظام العراقي وليله القصير حتى الآن، ولكنه سيطول على ما يبدو، وأسود حتى الآن. ويحكم هذا النظام العراق منذ ست سنوات 2004-2010 بحزب الدعوة الديني من قبل الجعفري والمالكي، وسيحكمها – إن استطاع – خمس سنوات أخرى 2010-2015، برئاسة أمين الحزب العام نوري المالكي. وبذا، يكون "حزب الدعوة"، قد حكم العراق 11 سنة، وربما سيستمر أكثر.
فما الفرق بينه وبين حزب البعث، أو "الحزب الوطني" المصري، أو "اللجان الشعبية" في ليبيا، أو "حزب المؤتمر الشعبي العام"، الحاكم في اليمن، منذ 1978 برئاسة علي عبد الله صالح؟
-4-
فيا ثوار سوريا الأحرار..
يا ثوار ليبيا الأحرار..
يا ثوار اليمن الأحرار..
استمروا في ثورتكم.. فثورتكم لا تريد الإصلاح.. فلا مجال للإصلاح.. ولكنها تريد التغيير، تغيير نظام الحكم، الذي فشل طوال ليله الطويل الأسود، في تحقيق أي هدف، وأية تنمية، وأية حرية، وأية جزء بسيط من الديمقراطية، التي سبق ووعد بها، كمواعيد "عرقوب" الكاذبة والمضللة.
-4-
أحر التهاني للشعب العراقي البطل، في الذكرى الثامنة لتحرره، وخلاصه من حكم الدكتاتورية البعثية- الصدامية.
وعزائي الحار جداً للشعب العراقي البطل، على ما فعله به السياسيون العراقيون من نهب، وسرقة، وفساد، ثم اضطهاد، وفشل سياسي، وتنموي، منذ 2003 إلى الآن. وما زال من سرقوا، وفسدوا، وفشلوا، يحكمون العراق إلى الآن!
لقد نبَّهنا الكاتب العراقي النجيب عدنان حسين في الأمس، إلى أن من يحكم العراق الآن، نظام أسوأ مما كان تحكمه الدكتاتورية البعثية – الصدامية. وقال:
"حتى قبل انطلاقها في 25 شباط الماضي، نالت أولى التظاهرات المطالبة بإصلاح النظام كإلغاء المحاصصة والطائفية السياسية، ومكافحة الفساد المالي والإداري ، وتوفير الخدمات الأساسية، اتهامات بالبعثية والقاعدية، وبالسعي إلى إحداث الفوضى وإثارة العنف، وحتى إسقاط النظام. وتجاوز الأمر لدى الحكومة مستوى الاتهام والتحذير اللفظي إلى مستوى اتخاذ الإجراءات العملية، لمنع التظاهرات بالقوة الغاشمة. فطلب نوري المالكي شخصياً ومعه قادة الكتل المؤتلفة في حكومته، ورؤساء الهيئات، والمؤسسات الدينية، من المواطنين عدم التظاهر، بل أعلنت الحكومة حظر التجوال، وأغلقت الطرق، والجسور المؤدية إلى أماكن التظاهر، واستخدمت كل أساليب القمع ضد المتظاهرين، بما في ذلك الرصاص الحي، الذي أودى بحياة العديد من الأشخاص، وأصاب العشرات غيرهم، بجروح بليغة."
فما الفرق بين حكم "حزب الدعوة" الديني - المالكي، وبين حزب البعث - الصدامي؟
وهل يستطيع أحدٌ أن ينكر وجود فساد في العراق الآن، الذي وصفته "منظمة الشفافية الدولية"، بأنه "أقبح فساد شهدته البشرية"؟
فلماذا إذن، يمنع حزب الدعوة- المالكي الشعب العراقي من التظاهر والاحتجاج على هذا الفساد، الذي ما زال يذيق العراق والعراقيين العذاب اليومي من جوع، وعطش، وظلام، ومرض، وجهل، لبلد من أغنى بلاد العالم، ولديه ثاني أكبر احتياطي من البترول في العالم أيضاً؟
-5-
لهفي على هذا العراق الجميل، الحاضن لأكثر من ثمانين بالمائة من حضارة وثقافة العرب، والذي خرج من تحت دلف الدكتاتورية البعثية – الصدامية، ليدخل تحت دلف المزراب الدعوي الديني - المالكي.
ولا أمل لنا، إلا بسقوط النظام السوري، الذي تآمر مع دولة الملالي الإيرانية، ودول أخرى في الخليج، على تدمير العراق، وإشاعة الفوضى
والدمار فيه. لا أريد أن أكتب أكثر. فقد كتبت كثيراً (كتاب الزلزال: أوراق في أحوال العراق، 2004، ومقالات أخرى بعد هذا التاريخ والى الآن) عن العراق المنكوب بحكامه منذ قرون طويلة، ومنذ العصر العباسي الثاني (847-1258م) حتى الآن.
ولن أعيد ما كتبته.
وما أطلبه، وأتمناه للشعب العراقي، أن يثور ثورته الشعبية - التي لم يثرها حتى الآن- ويسحق الفساد والفاسدين، ويأتي بمن يخاف ويحترم الشعب العراقي.
وليس لي أخيراً من قول، إلا أن أذكركم بقول كارل جينج (1875-1961) من أن "التاريخ ليس ما تحتويه المجلدات الضخمة، ولكن التاريخ ما نكتبه بدمائنا الغزيرة."
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟
-
ما ضرورة الدولة -السلطوية- المستنيرة؟
-
التنوير الفكري في الحالة العربية
-
الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!
-
سوريا -بيضة قبّان- الثورة العربية
-
لا هوان لمصر في يوم الامتحان
-
لماذا يتعفف الإخوان حتى الآن عن الحكم؟
-
نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
-
مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
-
شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
-
عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
-
عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
-
ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟
-
مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
-
ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟
-
الإخوان: من مجلس الشعب الى ميدان التحرير
-
العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي
-
مبارك يدفع ثمن ديمقراطيته غالياً
-
مخاوف من تدمير تراث بورقيبة
-
هؤلاء هم أعداء ثورة بورقيبة
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|