أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - No More War














المزيد.....

No More War


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 14:39
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة


صعد إلى القطار رجل ذو شعر أشقر طويل. يلف حول عنقه وشاحا مخمليا. قميصه المشجر له فتحة على هيئة مثلث قاعدته للأعلى، يغطي نصف بنطاله القصير. يحمل قطعة كارتون بيضاء مربعة الشكل، طول ضلعها يقارب المتر. يضع سلكين طويلين أبيضين في أذنيه، ينتهيان بسلك واحد في جيبه.
مرسوم في اللائحة علامة السلام باللون الأسود، وتحيطها ثلاث كلمات مكتوبة بألوان مختلفة، NO باللون الأخضر، MORE باللون الأزرق، WAR باللون الأحمر.
أكره التطفل على الآخرين. لكني لم أتمالك فضولي هذه المرة فقررت الذهاب إلى هذا الرجل وسؤاله عن مناسبة حمله لهذه اللائحة ذاك اليوم. فأنا أتسقط أخبار المظاهرات لأشترك فيها حتى لو حدثت في أيام عملي. أطلب إجازة من العمل، ولا يهمني حتى فقدانه.
المشاركة في أي مظاهرة في قمة الأوليات عندي، لاسيما الرافضة للحروب. متحديا سوء الطقس، الذي غالبا ما يصادف انطلاقها. ففي الشتاء تنزل درجات الحرارة إلى أدنى مستوياتها، ويسقط الثلج رغم أن مدينتنا نادرا ما تعرفه، وفي الصيف تهب عواصف ترابية وتمطر بغزارة. هل أن هذا الأمر مدبرا؟ هل يعمد أصحاب القرار الأمريكي لاتخاذ قرارات الحرب في أيام الطقس السيئ، للحد من مشاركة الناس في التظاهرات والمسيرات الرافضة للحرب! أم أن الطبيعة تشاركنا برفض الحروب؟
بدا على الرجل السكينة والراحة. لا يبدو عليه التعب من الهتاف والسير الطويل في شوارع المدينة، كأنه ذاهب للتو ليشارك في مسيرة أو تجمع احتجاج. هذا غير وارد، فالقطار آت من وسط المدينة التي عادة ما تقام فيها مثل هذه الفعاليات الجماهيرية.
تشجعت لسؤاله شاقا طريقي وسط عربة القطار. صرت قريبا من مقعده. ابتسم. قبل إلقائي عليه التحية رن هاتفه. أبعد السماعتين المربوطتين عن أذنيه وأخرج هاتفه من جيبه.
بدا منظري غريبا فداريت الموقف بإخراج هاتفي مدعيا ردي على مكالمة ما. لا أذكر ما قلته بالضبط. لا يهم ما أقوله في الأمكنة العامة عندما أتكلم بلغتي. أسبُ أحيانا وأشتمُ وأعلقُ على الأمريكيين الذين حولي في تلك اللحظة. متعة هي أن تقول ما يحلو لك أمام الآخرين وهم لا يفقهوا ما تقول.
ورثت ولعي بالتظاهر من أبي الذي مات كمدا. لم تفته المشاركة في أي مظاهرة منذ وصوله إلى أمريكا لاجئا. حتى بعد إصابته بالشلل، كان يستعين بي لدفعهِ على كرسيه المتحرك. مرتين فقط توقف عن التظاهر في حياته: الأولى في الوطن عندما سجن لأربع سنوات لأسباب سياسية، والثانية عندما مات. كان يكرر أن الساسة هناك آذانهم أمواس تقطع الألسن، وهنا آذانهم من حجر لا تسمع.
أصحاب العمل يتعاطفون معه لسنه ومرضه. كانوا يمنحونه إجازة وقتية للذهاب إلى المظاهرات في حالة انطلاقها خلال عمله.
علمني أبي الكثير من الإسرار: ...رافق صديق عند التظاهر، وإن لم تجد أحدا عليك بالتعرف على أحدهم هناك، الأفضل أن يكون قويا كي يحميك في حالة حدوث اضطرابات. أبق في الصفوف الأخيرة ليتسنى لك الهروب في حالة حدوث اعتقالات. خط لا فتتك بنفسك وبكلمات عامة لا تعرضك للمسائلة القانونية. إياك وحمل لافتات الآخرين. حافظ على سلامة حنجرتك بالهتاف المتقطع الهادئ، أي تحريك الفم فقط مرة والهتاف بصوت واطئ مرة أخرى وهكذا. خذ ما تحتاجه من شراب وطعام ومظلة وملابس أضافية ونقود...
تحادث الرجل مع أبيه. بدا أول وهلة لطيفا معه لكنه سرعان ما رفع نبرة صوته الغاضب قائلا: "هذا ليس من شأنك! لا يحق لك التحكم بحياتي حتى لو كنت أعيش في بيتك، لا تنس أني أدفعُ لك الإيجار".
أنهى المكالمة بكلمة (باي) جافة وقاسية. هز رأسه وكأنه يقول: "يا للآباء المزعجين!". أعاد وضع السماعتين في أذنيه وغرق في سماع الموسيقى.
ألقيت عليه تحيتي. رد بكياسة. فقرأت العبارة: " No More War". ثم سألته: "ما مناسبة هذه التظاهرة؟".
- لم تكن تظاهرة. كنت واقفا لوحدي تحت شجرة وافرة الظلال في وسط البلد، ملوحا بهذه القطعة للسيارات المارة.
- وهل هناك قرار جديد للحرب.
- كلا. اخترت هذا اليوم لأنه يوما جميلا وليس هناك ما يشغلني.

http://maithamsalman.blogspot.com/



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة الفيسبوك
- مجرد لعبة
- مدينة العكازات
- مخاوف
- جلد الوقت
- أسئلة الغاز
- قشور بحجم الوطن (رواية 8)
- قشور بحجم الوطن (رواية 7)
- قشور بحجم الوطن ( رواية 4-5-6)
- قشور بحجم الوطن (رواية 3)
- قشور بحجم الوطن (رواية 2)
- قشور بحجم الوطن (رواية1)
- غرائبية معقولة
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين
- قصة قصيرة


المزيد.....




- من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق ...
- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الغاوون:قصيدة (جحود ) الشاعرمدحت سبيع.مصر.
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - No More War