|
كوسا وحسين ، وإن تعددت أسباب هروبهما ، فمصيرهما واحد
كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 15:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعاد بي خبر هروب وزير الخارجية الليبي موسى كوسا الذي أعلن استقالته من منصبه الأربعاء الماضي لمسئولين بريطانيين عند وصوله إلى لندن , والذي كان يعتبر من المقربين الأوفياء للزعيم الليبي معمر ألقذافي وخاض في السنوات الماضية كل المفاوضات التي أتاحت عودة ليبيا إلى الساحة الدولية , والمكلف بالعديد من الملفات الليبية الشائكة لاسيما في أفريقيا والملفات مع الغرب ، أعادني هذا الخبر إلى أكثر من خمسة عشر عاما إلى الوراء , وبالتحديد عام 1995 , عندما أقدمت شخصية عراقية هي الأخرى فرضت على الشعب العراقي من قبل النظام السابق , شخصية جاهلة ساذجة غير موءهلة علميا ، بينها وبين الثقافة أميالا ، ولا تعرف القيم ولا الأصول الانسانيه هي شخصية حسين كامل . ويتشابه الاثنين في الكثير من الصفات , فحسين كامل المولود في قرية العوجة بتكريت 1956 من عائلة فقيرة تعمل بالزراعة وأكمل الدراسة الابتدائية ، فشل في إكمال المتوسطة حيث كان يوصف بالفاشل {الغبى} ، إلا أنه أستطاع أن يحصل على ثقة صدام حسين وأن يصبح واحدا من المقربين له وأن يتزوج أحدى بناته ، وليصل عبرها إلى رتبة فريق أول ركن في الجيش العراقي ، و يتقلد بعدها عدة مناصب ، أمتلك من خلالها أسرار كبيرة من برامج التسليح العراقية . الصراعات العائلية ، هي القاسم المشترك بين كامل وكوسا , فالأول خلافاته وخاصة مع عدي ، ابن صدام ، عجلت في هروبه آنذاك في وقت ، حيث - كانت بغداد تعيش حلم موعد أن تقدم الأسرة الدولية على تخفيف العقوبات عليها - على الرغم من أنه كان يطمح إلى حكم البلاد في يوم من الأيام حسب المقربين منه ، هرب حاملا معه ملفات العراق التسليحية ليستقر بالأردن ، وليقدم إلى الاستخبارات الأميركية والبريطانية والأردنية التي أجرت التحقيقات معه ، وكذلك رولف اكيوس رئيس اللجة الخاصة للأمم المتحدة «انسكوم» ومفتشوه تسجيلات جلسة استمرت ثلاث ساعات ، أستخدمها المفتشون فيما بعد كخريطة طريق واستطاعوا من خلالها إلى وضع العراق في عين العاصفة بالنسبة للولايات المتحدة . وبعد فترة قصيرة في الأردن , وبعد أن أفرغ حسين كامل ما في جعبته من معلومات توقفت عنه الزيارات ، كما توقفت مقابلاته مع وسائل الإعلام ، ليجد نفسه بعد عدة شهور وحيدا في قصر ، بعد أن رفضه الجميع ، وتخلى عنه حتى أولئك الذين خدعوه وأقنعوه بالهروب ، ليجد نفسه مرغما على قبول وعد بعدم التعرض لحياته في حال عودته للعراق ، حيث وصف ايكيوس حالته بالقول «ربما أكون الشخص الوحيد من غير الأردنيين الذي رآه قبل عودته ، كان واضحا انه لا يملك أي نفوذ وسط مجموعات المنفيين من العراقيين ، فقد هجروه هجر النواة ولم يتبق احد حوله ، كان رجلا بلا مستقبل» ليلقى مصيره المحتوم على أيدي من صنعوه .
وبالنسبة لكوسا لا يختلف فيه حاله عن كامل , سوى أن المسئول الليبي كان متعلما ، لكنه يظل أيضًا شخصية مثيرة للجدل العميق ، حيث استطاع أيضا أن يحصل على ثقة الزعيم الليبي معمر ألقذافي ليبدأ حياته المهنية في جهاز الاستخبارات كمسئول عن أمن السفارات الليبية بشمال أوروبا وليظل من أقرب المقربين للقذافي على مدى 30 عامًا . كوسا (61 عامًا) والذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات بين 1994 و2009 ، كان يتمتع بنفوذ كبير في اللجان الثورية التي تشكل عصب النظام الليبي ويعتبر رجل ثقة لدى القذافي ، وأنه أحد مهندسي عودة ألقذافي إلى حظيرة الأسرة الدولية ، وهو العقل المدبر لتفجير طائرة «بان آم» الأميركية فوق لوكربي الاسكتلندية في ديسمبر / كانون الأول 1988 حسب المصادر الغربية ، وأدى دورًا كبيرًا في إطلاق سراح عبد الباسط المقراحي ، الليبي المدان بذلك التفجير بالإضافة إلى دوره الكبير في قضية الممرضات البلغاريات بأعتباره مفاوضا أساسيا ، و التي أدت إلى الإفراج عنهن في تموز-يوليو 2007 وكذلك التخلي عن البرنامج النووي الليبي في العام 2003 الذي مهد الطريق أمام رفع الحظر التجاري الذي كان تفرضه الولايات المتحدة على ليبيا منذ 1986. والخلافات العائلية لعبت على ما يبدو أيضا دورا في قضية هروب كوسا إلى بريطانيا ، في وقت أن ليبيا أحوج لرجالها ( المخلصين ) ، حيث تشير وثائق ( ويكليكس ) إلى أن الوزير الليبي بدأ منذ فترة بالتخلي عن ملاصقة مركز الدائرة المحيطة بالقذافي وراح يتحرك نحو محيطها ، وعبّر الوزير في مجالسه الخاصة عن ضيقه بمعتصم ألقذافي ، حيث دارت في العام الماضي إشاعات في طرابلس مفادها إن ابنًا آخر للقذافي دخل معه في مشادة كلامية قبل أن يوجه لكمة إلى وجهه على مرأى عدد من الحضور. أذن فشخصية موسى كوسا ، تعد اليوم بالذات ، حيث يقوم الناتو بعدوانه على الشعب الليبي أولا ودك المواقع العسكرية الليبية ثانية ، شخصية ذات أهمية خاصة بالنسبة للغرب ، لأن مثل هذه الشخصية بالتأكيد على دراية عما يجري في ليبيا ومن أين يتزودون بالسلاح ... ويمكن أن يعود لهم ذلك بفائدة كبيرة ، فمن خلاله يمكن معرفة أسرار كثيرة عن برامج التسليح الليبية ومواقعها ، حيث تكتسب المعلومات المتوفرة لدى كوسا واتصالاته بألوية الجيش الليبي أهمية كبيرة بالنسبة لدول الناتو . فإن كان حسين كامل قد فضل الموت على أيدي أهله وبينهم ، إلا أن كوسا قد لا يحصل على مثل هذه ( المكرمة ) ، خصوصا وأن لجوءه إلى بريطانيا لم يمنحه الحصانة وكما اكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان موسى كوسا لن "يمنح الحصانة من قبل القضاء البريطاني او القضاء الدولي" ، وهذا يعطي الحجة لهم بمحاكمته ، فهو المطرود سابقا من الأراضي البريطانية في 1980 - عام تعيينه سفيرًا لبلاده في لندن - بعدما أدلى بحديث غير عادي لصحيفة «تايمز»، أمام مبنى سفارة بلاده في سنت جيمس سكوير، تعهد فيه بقتل معارضي ألقذافي المقيمين في بريطانيا وإثر ذلك منحته السلطات البريطانية مهلة 48 ساعة للمغادرة ، وهو العائد إلى بلاده حيث توالت اتهاماته بالانهماك في تدبير الأعمال الإرهابية هنا وهناك ، وهو المتهم في منتصف التسعينات من قبل مصادر استخباراتية غربية بتدبير تفجير لوكربي الذي قتل فيه 270 شخصًا ، التي لازال "التحقيق حول الاعتداء مفتوحا " حسب تعبير وزارة الخارجية الأسكتلندية ، وأيضًا بتفجير طائرة فرنسية في أفريقيا الوسطى ومقتل 170 شخصًا فيه ، وقد يستجوب أيضا حول قضية أخرى هي مقتل الشرطية ايفون فلتشر أمام سفارة ليبيا في لندن في 1984 وعلى هذه الأسس ، فإن أي محاولة للتغاضي عن هذا ستكون مستحيلة على الرغم من تنكره لنظام العقيد الآن. مصير كوسا الذي على ما يبدو قد شد العزم والقفز من " السفينة الغارقة " ، بالتأكيد لن يكون مختلفا عن سابقه حسين كامل ، فإن فضل المسئول الليبي البقاء حيثما لجأ ، فإن التهم ضده جاهزة ولا تحتاج إلى عناء ، وبهذا سيقضي ما تبقى من عمره في سجون الغير ، وإذا ما شاء القدر أن يعيد نفسه وأقتنع كوسا بوعود العودة للبلاد دون المساس بحياته ، فإن الخيانة لدى قبيلته حتما لن تغتفر " بالتسامح " !!! .
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفتخر .. لأنك عربي
-
ماذا لو كانت ليبيا بلدا للموز ..... ؟
-
صحوة موت عمرو موسى سياسيا
-
أيها الليبيون .. العبرة لمن أعتبر
-
في العراق .. عجيب أمور .. غريب قضية
-
بعد خطاب مبارك .. مصر إلى أين !!
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|