طالب عباس الظاهر
الحوار المتمدن-العدد: 3322 - 2011 / 3 / 31 - 15:36
المحور:
الادب والفن
لحظة حصار
قصة قصيرة جداً
طالب عباس الظاهر
التقيا فجأة على قارعة الحصار، بعد ملايين من سنين الغفلة والنسيان...شدهما الحنين بقوة لمغامرات الشباب الأول،وهالهما زحف فلول المشيب وانتصارها...تعانقا... بكيا...وظل احدهما طويلاً في حضن الآخر...ورقصت أرواحهما على أطلال ملحمة الوفاء...وقررا التمرد العصيان،وإعلان الثورة على مارد (الطحين...!)على حين غفلة من أفاعي الزمن...الملتفة حول أيامهما، استهوتهما المغامرة بعد أن زينها لهما شيطان اليأس...!
ليخوضا بعد اعتزال طويل نوبة جديدة من نوبات جنونهما الصاخب،رغم إحكام الفقر سلطانه عليهما،وقد نسيهما الفرح منذ زمن استطال...إذ خلفتهما الأيام ... كعصف مأكول على مائدة الزمن...إقتنعا بضرورة خلق وقت سري يستطيعان الإشارة إليه بثقة...دليلاً على وجودهما، مجرد لحظات يصنعا فيها السعادة بحذق... ليطمئنا بأنهما مازالا قادرين...متحدين المتطلبات اليومية المتنامية بمتوالية غريبة...لم يدركها علم الرياضيات بعد.
بعيداً عن سيمفونية صراخ الأطفال الخالد قالا : طز في الميزانية... إنها مع أقصى التدابير المنزلية، لن تقف إلا على بطنها...اندفعا في السبيل كفرسان الصعلكة العتاد...تسكعا جيداً... شربا وشربا، حتى اختلطت وجوه الأشياء أمام أعينهما، ولم يصعد وحي الخمر إلى الرأس كادته...فتهامسا: بأنه ككل شيء في زماننا مغشوش...!
حتى عندما أرادا الغناء...انقلب فجأة إلى بكاء...بكاء، وسرعان ما خذلتهما سبل السلوى حينما لاذا إليها هاربين...ووجدا أنفسهما أمام مرارة الحقيقة عاريين...إلا من جنونهما القديم.
أخيراً اقفلا خائبين...لأنهما رغم كل المحاولات البائسة...ظلا بعيدين، وكل منهما في منأى عن الآخر...مرابط في موضعه من جبهة الحياة، في مقارعة انفرادية مع الهموم، وفي تسلق سلـّم متواليته العجيب.
فجأة التقت أعينهما بمرارة...لكن بعفوية تماماً...ضحكا بألم وسخرية وقررا الوداع.
[email protected]
#طالب_عباس_الظاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟