أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - حليمةُ تُعِدُّ الشاي














المزيد.....


حليمةُ تُعِدُّ الشاي


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


حليمةُ تُعِدُ الشايَ على نارِ الحطبِ لفارسٍ لا يأتي.

وحليمةُ وردةٌ غريبةٌ نبتَتْ في شفةِ ناي، زينتُها ابتسامةٌ يطلُعُ منها الصُّبحُ، وقليلٌ من الحنّاء على يديها تأخذُ شكلَ فَرَسٍ مرسومةٍ بيدِ طفلٍ لا يجيدُ الرسمَ، وعِطرُها نعناعُ حديقتِها التي لم تضمرْ في جهنّمِ الصيفِ، يشتبكُ دائماً مع ذيلِ ثوبِها فتصيرُ الرائحةُ اسمَها ويصيرُ الظلُّ رسولُ قدومِها.

اختلفَ الرُّواةُ في ميلادِها، ولم تقُلْ شيئاً عن وَحْدَتِها، أهلُها سكّانُ شجرةِ الكينا أمامَ البيتِ وقطّةٌ تشبهُ الحريَّةَ بلونٍ ناريٍّ مخيفٍ ولا يُقاوَمُ، ناداها كلُّ ولدٍ: أمي، وناداها كلُّ رجلٍ: حبيبتي، وحلُمَتْ بِها كلُّ عشبةٍ تماماً كما تحلُمُ بالماءِ عندَ العصرِ في طقسٍ لا توازنَ فيه، وعلى غيرِ ما يشاعُ من لجوءِ الطيورِ إلى أعشاشِها حينَ تذهبُ الشمسُ إلى موتِها اليومي، كانت العصافيرُ تجتمعُ حولَها لتسمعَ حكاياتِ عينيها قبلَ أن تنام.

أعطَتْ للطبيعةِ أسماءها، فقبلُها لم يكُنْ بحرٌ ولا سماءٌ ولا زرعٌ ولا مطرْ، كانت تُعرَفُ بالإشارةِ، فأعطتْها حليمةُ اللُغةَ هديَّةً في عيدِ ميلادِ الأرضِ حينَ فتّحَتْ عينيها، والأرضُ مثلَ فِراخِ الطَّيرِ، تتبعُ من تراهُ حين تبصرُ نفسَها للمرَّةِ الأولى، وحليمةُ كانتْ قبلَ ميلادِ الصوتِ وقبلِ طفولةِ الأزمنة.

أشارَتْ بيديها في رقصةٍ فريدةٍ لم يقلِّدْها أحَدْ، فتحرَّكَ الموجُ وطارت السُّنُوْنُواتُ وتحدَّدَت الجهاتُ وفكَّرَ النحلُ لأولِ مرّةٍ بالعسل، تفجَّرَتِ الريحُ وسَقَطَ المطرُ وخرجَتْ فاكِهةٌ في غيرِ موسِمِها، وبكتْ لحظةً فتكوَّنَ مِلحُ البِحار.

حليمةُ تُعِدُّ الشايَ لفارسٍ لا يأتي

وحليمةُ أكبرُ من فكرةِ البلادْ، وأوسعُ من حُلُمْ، وأكثرُ خضرةً من فكرةِ الصبايا عن الحبِّ، وأقلُّ انتشاراً بينَ العارفينْ، حليمةُ انبهارُ القمحِ بصورتِهِ في الرغيفْ، هي حنانُ الضِّرعِ بالحليبِ ودليلُ الدُّوريِّ إلى المكانِ اللائقِ بعشِّهِ وهي اختمارُ كلِّ فكرةٍ في رأسِ مبدِعِها.

حليمةُ، وفيما الشايُ ينضُجُ كترتيباتِ عُرسِ فجرٍ على شمسِهِ، لم تكُنْ تكبُرُ، لم تعرِفْ بياضَ الشيبِ، ولم تراوِدها تجعيدةٌ واحِدةٌ في جِلدِها الذي جاءَ من خارجِ اللونِ، بُخارُ الشايِ يصعدُ مُدُناً، ورائحةُ البرتُقالِ المتحرِّرَةِ من الحطبِ ترسمُ حدودَ العوالمِ فيما ثوبُها يقرأُ الغيبَ غرزةً غرزةً.

حليمةُ ما زالتْ تُعِدُّ الشايَ
وتُنضِجُ قلبَها بصبرٍ للذي لم يأتِ

28 آذار 2011



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرارٌ للمعْرِفَةْ أو مدينةٌ للتجربة
- مَنْ هذا؟
- حِيْنَ يَأْخُذُكِ النُّعَاسُ
- رجلٌ وامرأةٌ وصباحٌ لا يمكنُ تفسيرُهُ
- الأَرْنَبُ الَّذي لَمْ يُعْجِبْهُ اسْمُهُ قصة للأطفال
- كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ
- برافو قناة الجزيرة
- أمُّهُ قبل الفجر تماما
- قلتُ: وحّد مزاجك
- أيها الكافر محمد بوعزيز
- أسيل وحيدا وحيدا
- أما أنا فسأشاهد فيلما لجاك نيكلسون ولن أتذكر الحرب مطلقا
- لأنَّكِ حبيبتي أنا من أنا
- وسأدّعي أنه النوم
- في الكتابة
- البنت التي لم تعرف انها ماتت
- عن المرأةِ والنايات
- ظهرها لشرفتي ووجهها للبحر قصة قصيرة
- ]45[
- يدان من خجل


المزيد.....




- -دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
- وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي ...
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...
- شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
- آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
- هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر ...
- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
- لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
- وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض ...
- الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - حليمةُ تُعِدُّ الشاي