سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 10:33
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
أقرّ صدام، بعد سقوط نظامه القمعي، انه جوّع أسوداً أثبتت ولاءها للوطن، واشبع كلاباً كانت أول خائنيه.. أقرّ صدام ـ بعد فوات الأوان ـ إن من يضع نفسه سوطاً بيد جلاد سينتقل بسهولة ويسر إلى يد أخرى أكثر قوة وجبروتا.. أدرك، وهو يرى إلى عرشه يتهاوى، ان "الرفاق" الذين أغدق عليهم وقربهم فرّوا قبل سيدهم، وتركوه وحيدا في حفرة ضيقة كانت الطريق والسبيل لحفرة أخرى أكثر ضيقاً ووحشة وعذاباً.. أدرك، والحبل يلتف حول رقبته، إن الغبي والأرعن فقط من يركن إلى عبيد مأجورين لا ولاء لهم سوى لأنفسهم الوضيعة، ولا سيد دائما لهم في سوق النخاسة.
مدهشة قدرة هذه المسوخ في تلونها وتغيّر أحوالها. تنتقل بخفة حاو وسرعة ضوء بين أقصى يسار إلى ابعد يمين.. مدهش خطابها المتغير بسرعة صاروخ. فما بين الأمس واليوم فسحة لمراجعة البيانات والمواقف تبعا لاهتزاز الأرض تحت أقدام السيد المفدى أو صلابتها.. بالأمس كان الثائرون ضد الظلم خونة مأجورين متآمرين على الوطن ووحدته و(منجزاته)، خارجين على الشرعية والقانون، واليوم هم مع التغيير الذي يقوده أحرار الوطن وضد الباطل والظلم والظلام.. مدهش الى حد الذهول، أن يدرك احدهم ـ فجأة ـ بعد أربعة عقود أو ثلاثة أن سيده كان أفّاقاً أهان الشعب وأحال الوطن إلى خرائب.. مدهش إلى حد السخرية والبكاء أن يصحو ضمير قاتل، بما يشبه المعجزة، فيختار أن يضم صوته مع ضحايا يطلبون القصاص من القتلة والسراق.. ليس ـ في ظني ـ أي دهشة أن يتكرر هذا المشهد المفجع في كل الثورات العربية ابتداءً من ثورة تونس ومصر وليس انتهاء بليبيا واليمن.. السادة الحاكمون متشابهون كأسنان المشط وذيولهم وأذنابهم ـ بالضرورة ـ صور مستنسخة.
يتهاوى في وطننا العربي عرش في اثر عرش، ومع كل ثورة يندّس في بنائها الجديد قرميد ودم ملوّث، قد يكون وجودهما ـ ابتداء ـ ضرورة ودفعا معنويا للثائرين وإضعافا لأنظمة الطغاة.. الخشية ـ كل الخشية ـ من بقائها وتسلقها.. فقد يتهاوى بناء شامخ لهشاشة قرميدة واحدة، وقد يتآكل جسد فتى بقطرة دم ملوثة.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟