وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21 - 00:51
المحور:
الادب والفن
منفيون من جنة الشيطان/ 5
الذي يكونُ لَهُ وَلَدٌ
وَلا يكونُ لَهُ أمّ..
ماتَتْ أثناءَ الوِلادةِ
أوْ ذهَبَتْ لِتحضِرَ الخبزَ
فاغتَصَبَهَا أولادُ الشّوارعِ
لأنّها لم تدفعْ جيّداً
ثمنَ الطّعامِ!
الذي يَكونُ لَهُ أمّ
وَلا يكونُ لَهُ أبٌ..
لأنّ الأبَ قُتِلَ في الحَرْبِ
عِندَما لمْ يُهَلّلْ للسّلطانِ
ولمْ يَدْعُ السّمَاَء
لِتُبارِكَ خطُواِتِهِ..
فيُحْفَظُ في الخطوطِ الخلفيّةِ
عِندَما يكونُ لَهُ وَلَدٌ
وَيَكونُ لَهُ أمّ وَأبٌ
وَلا يَكونُ لَهُ وَطَنٌ
وَعندَما يتنازَعُهُ الطّواغيتُ
لإشباعِ رَغَباتهمْ المجنونةِ في الدّمِ
وَتأكيدِ قوّتهم الغاشمةِ
عَلى الدّمَارِ..
الذي يكونُ لَهُ كلّ شيءٍ..
وَلا يكونُ هُوَ أيّ شيئٍ
ممدّداً عَلى سَريرٍ لا يعرِفُ أينَ..
يرَى وَيسْمَعُ ويتكلّمُ وَلا يَعي
لا يعرفُ اسمَهُ وَلا مِنْ أينَ أتى
لا يعرِفُ وَلَدَهُ وَلا أمّهُ وَلا أباهُ..
لا يفْهَمُ مَا هُوَ الوَطَنُ
وَالكِذْبُ وَالجبنُ
هَكذا أخْطأتهُ الشّظيّةُ
وَنسِيَهُ الموتُ عَلى قارعَةِ الطّريقِ
فأصْبَحَ عَاطِلاً عَن الوَطَنِ..
عَلاقتُهُ بالحياةِ انتَهَتْ..
وَوُجودُهُ في الموتِ لم يتأكّدْ..
يضحَكُ كالأبلَهِ..
وَيتكلّمُ كالطّفلِ..
وَيخطُبُ كالأنبياءِ..
يقودونهُ فيمتثلُ..
وَيأمرونَهُ فيَفعلُ..
لا يخافُ وَلا يَسْتَحي..
وَلكنّهُ ليسَ مَلِكاً..
وَلا إلهاً..
يضحَكونَ منهُ فيَضحكُ معَهُمْ..
يخافونَ منهُ فيَضحكُ منْهُمْ..
أنّه فقط خارجَ الوَعْي وَالإحساسِ
لمْ يتناولْ من شجرةِ المعرِفةِ..
وَلمْ ينكشِفُ أمامَهُ الحُجابُ..
هَكَذا كانَ آدمُ..
الآدَمُ الذي مِنْ ترابٍ..
عِندَمَا قالَ لَهُ الله
اسْكنْ أنتَ وَزوجُكَ الجنّةَ
وَلا تقرباً هذِهِ الشجَرَةِ..
ففضّلَ الهروبَ إلى أوربا
والعَيْشَ في مخيّماتِ اللاجئينَ
بَعيداً عن الحربِ وَالشِّعاراتِ
بَعيداً عن الضبّاطِ وَالموتِ
لا دُوَلٌ وَلا حُكّامٌ
وَلا بوليسٌ وَلا جَواسيسٌ
لا أجهزةُ تنصّتٍ وَلا أجهِزةُ تعْذيبٍ
يَومَهَا في الجنّةِ..
عَاطِلاً عَن الشّجرة!!..
الأثنين 22/7/02
*
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟