تراكم الخبرة النفسية وآلية عملها

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 19:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إن اكتساب المعارف وحفظها في الذاكرة واسترجاعها يشترط سلامة الأجهزة العقلية وآليات عملها وقدرة الفرد الذاتية اللاواعية على استخدامها على نحو فعال، فعلى الرغم من تماثلها الوظيفي عند جميع البشر فإنها تختلف بنوعية الآداء الذي يجري اكتسابه خلال الخبرة الذاتية بكيفية الاستخدام الفعال للآليات العقلية لتحقيق الأداء النوعي للوظائف المطلوبة على نحو دقيق.
يؤدي خلل الأجهزة العقلية إلى فقدان أحد وظائفها الأساس مثل نطق الكلام، فضمور أحد خلايا المخ أو عدم اكتمال نموها قد يعرقل وظيفة الكلام عند الطفل أو يؤخرها. لذلك يجري تفعيل آليات النطق بالتمرين على الكلام والتشديد على مخارج الحروف الصائته على نحو خاص باستخدام الحركات المختلفة للشفاه واللسان تصاحبها إشارات متنوعة باليد والوجه على نحو دائم لضبط تواتر نغمات الصوت السليم لتصحيح النطق، ما يُفعل آلية الذاكرة على الحفظ والاسترجاع ومن ثم اكتساب الخبرة النفسية اللاواعية على كيفية استخدام آليات الحفظ والاسترجاع ونطق الكلام على نحو واعي.
كما يجري المساعدة على زيادة الخبرة النفسية اللاواعية للطفل لتفعيل آليات نطق الكلام ووظائفها باستخدام مصورات الحروف أو رسمها على نحو بسيط لاستيعابها على نحو صور تحفظ في خزان الذاكرة يمكن استرجاعها بالتذاكر خلال عملية نطق الكلام أو الكتابة.
على الرغم من الأهمية القصوى لمساعدة الطفل على النطق بالوسائل السابقة الذكر ليست كافية من دون تنمية خبرته النفسية اللاواعية على كيفية حفظ المعلومة واسترجاعها من الذاكرة على نحو فعال لاستخدامها عند الحاجة، فكلما كانت آليات الأجهزة العقلية فعالة وسليمة أدت وظائفها على نحو دقيق. ولا يجري ذلك اعتباطاً وإنما على نحو تسلسل وظيفي لاواعي تختلف سرعة انجازه بإختلاف حجم الخبرة النفسية المتراكمة في الذات خلال محطات العمر، فكلما زادت الخبرة تسارعت أكثر عمليات أداء الوظائف المتسلسلة والمترابطة في آن واحد مثل استيعاب المعلومة وحفظها في خزان الذاكرة واسترجاعها على نحو سريع لاستخدامها عند الحاجة.
إن تباين قدرة البشر على استيعاب المعلومات وحفظها واسترجاعها عند تماثل أجهزتهم العقلية مرده الأساس حجم خبرتهم النفسية بكيفية استخدام آلياتهم العقلية لانجاز الوظائف المطلوبة على نحو أسرع.
يقول (( فيغوتسكي )) : " إن الطفل الذي لا يستوعب العلاقة بين التكرار والحفظ لا يملك خبرة نفسية كافية تؤهله الاستجابة على نحو سريع وفعال، وإنما يستخدم خبرته النفسية المتواضعة فيستجيب على نحو بطيء أو غير فعال ".
إن تراكم الخبرة النفسية في الاستخدام الفعال للأليات العقلية لأداء الوظائف المطلوبة على نحو دقيق يرتبط على نحو رئيس بالمكتسبات المعرفية فكلما زادت خلال محطات العمر تنامت ثقافة الفرد على نحو أكبر وقد يتباين النمط الثقافي مع عمر الفرد الزمني والعقلي، وفي المقابل قد لا يتوافق عمر الفرد الزمني والعقلي مع عمره الثقافي.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أنه ليس شرطاً أن ينتمي شخصان راشدان أو طفلان في عمر زمني وعقلي واحد إلى نفس نمط العمر الثقافي، وليس معلوماً لغاية الآن لماذا يتساوى عمرهما الثقافي ويختلفان في عمرهما الزمني والعقلي؟. وبكل تأكيد أن التطور الثقافي يُفعل خاصية الموهبة على نحو كبير ".
تعدّ الخبرة النفسية المتراكمة بمثابة آلية تفعيل الأداء الوظيفي للأجهزة العقلية عند سلامة نموها الطبيعي ويكتسبها الفرد من تعاظم مكتسباته المعرفية، وليس شرطاً أن يتوافق عمر الفرد الزمني مع حجم مكتسباته المعرفية لتزيد خبرته النفسية ومن ثم زيادة القابلية على تطوير موهبته الخاصة ليستوعب على نحو أسرع وتزيد مداركه العقلية، فالخبرة النفسية تشتغل بآلية وظيفية متباينة فمن جهة تزيد قابلية الاكتساب المعرفي والاستيعابي ومن جهة أخرى تزيد فعالية آلياتها الوظيفية بالاكتساب المعرفي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات