أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رباح حسن الزيدان - ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي














المزيد.....

ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 02:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أن المجتمع لا يمكن معالجته بالمواعظ المجردة التي لا تؤثر في الناس لأنهم يسيرون في حياتهم حسبما تقتضيه طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه .
من الممكن مقارنة أبن خلدون من هذه الناحية بمكيافلي , المفكر الايطالي المعروف الذي عاش بعد ابن خلدون بقرن واحد تقريبا .
ففي افكار مكيافلي ما يقرب ان يكون ثورة في التفكير السياسي , فقد كان الانسانيون الذين الفوا كتبا حول الامراء قبله إنما يكتبون حسب التقاليد المثالية والمدرسية التي كانت سائدة في القرون الوسطى , حيث كانت تسيطر عليهم الافكار الكلامية والميتافيزيقية , أما مكيافلي فقد نبذ الافكار الميتافيزيقية والكلامية المثالية . وكان أتجاهه العام نحو الواقعية السياسية أمراً غير مألوف في زمانه .
وجد الباحثون كثيراً من أوجه التشابه بين أراء مكيافيلي واراء سلفه العربي في هذا الشأن . وهنا قد يرد سؤال : هل اطلع مكيافيلي على على مقدمة ابن خلدون واقتبس منها اراءه ام انه توصل اليها نتيجة دراساته الخاصة وخبرته الشخصية ؟ يذهب الاستاذ جومبلاوتز والاستاذ محمد عبد الله عنان الى القول بأن مكيافلي لم يطلع على المقدمة ولم يقتبس منها شيئأ . وفي هذا يقول جومبلاوتز : أن فضل السبق بعود الى ابن خلدون فيما يعود بالنصائح التي قدمها مكيافلي في كتاباته بعد قرن , دون أن يكون له سابق معرفة بابن خلدون .
مهما يكن الحال , فأن من المناسب ان نقف قليلاً لنرى الى اي حد كان التشابه بين اراء مكيافيلي واراء ابن خلدون , وهل وصل مكيافلي الى الابداع واصالة المنطق الى القمة التي وصل اليها سلفه العربي .
أكاد أعتقد أن هناك فرقاً كبيراً بين الرجلين من هذه الناحية . ولكي ندرك هذا الفرق يجب علينا أن نعرف أن مكيافيلي أراد بكتاباته في الغالب أن يقدم مجموعة من النصائح العلمية للأمير بغية الانتفاع بها في سياسة رعاياه . أنه بعبارة اخرى لم يقصد ان يؤسس علماً في الاجتماع له أصوله وقواعده كما فعل ابن خلدون .
يمكن تشبيه مكيافلي في هذا بالرجل الذي يجتمع مع صديق له ينصحه كيف يفهم طبائع الناس وكيف يستفيد من ذلك في معاملته لهم وفي تمشيته مصالحه فيهم . ولكن المشكلة أن الانسان مضطر أن يحصر مثل تلك النصائح العلمية في نطاق الاحاديث الخاصة فلا يدلي بها الا لمن يثق به من صديق أو قريب .
يجوز أن نقول ان كل انسان هو مفكر أجتماعي على وجه من الوجوه, والغريب في بعض المفكرين أنهم حين يتحدثون في خلوة مع من يثقون يه , قد يبدون من الخبرة الاجتماعية الشئ الكثير . وهم لا يترددون في حياتهم اليومية أن يسلكوا كما تقتضيه تلك الخبرة . إنما هم لا يكادون يبدأون بتحبير الكتب أو يتبوأون منصة الخطابة حتى ينقلبوا الى مفكرين طوبائيين يتمشدقون بالافكار العالية التي لا صلة لها بواقع الحياة الاجتماعية .
لقد كان مكيافلي ثائراً على هذا الازدواج في التفكير , كما ثار عليه ابن خلدون من قبل . ونحن إذ نقدر ثورة مكيافلي هذه لا نستطيع أن نقول إنه وصل بها الى مرتبة أبن خلدون : إنهما يتشابهان في كونهما استمدا مادة كتابتهما من الخبرة الاجتماعية في الغالب . ولكنهما يختلفان من ناحية اخرى , فأبن خلدون لم يقدم خبرته الاجتماعية على شكل نصائح عملية كما فعل مكيافلي , بل قدمها بعد أن ربط أجزاءها المتفرقة برباط منطقي متكامل تقريباً وجعل منها فلسفة عامة تقوم على اساس جديد . ويصح أن نقول إذن أن ابن خلدون كان في ذلك خبيراً اجتماعيا وفيلسوفا في وقت واحد . أما مكيافلي فقد كان خبيراً أجتماعياً فقط .
مما يجدر ذكره أن الناس صاروا ينظرون الى مكيافلي بغير النظرة التي نظروا بها الى ابن خلدون . فقد غضب الناس على مكيافلي وأقذعوا في ذم كتاباته . ويقول لرنر : إن مكيافلي صار في أذهان الناس مرادفاً للشيطان نفسه . ولهذا صار اسم مكيافلي صار سبة في الافواه يذكره الناس كلما ارادوا التحدث عن سياسة المكر والخداع .
أما ابن خلدون فلم يحصل من الناس على مثل هذه السمعة السيئة. جلّ ما فعله الناس بابن خلدون هو أنهم أهملوه ونسوه .
ويرى الدكتور علي الوردي ان اراء ابن خلدون كانت أشد انحرافاً من اراء زميله الايطالي , ولكن الناس لم ينتبهوا اليها. فقد أمتاز أبن خلدون بأسلوبه الدبلوماسي الذي يغطي الاراء المنحرفة بغطاء براق . فهو يكثر من ذكر الايات القرأنية والاحاديث النبوية يدعم بها براهينه . ويكثر من ذكر العبارات الدينية التي ينهي بهم ما يقول مثل "الله أعلم", "وهو الهادي الى الصواب ", "وعليه التوفيق", وما أشبه , وظن الناس أنه كغيره من الفقهاء والمؤرخين سائر على سنة الله ورسوله , ولو أنهم أدركوا مقاصده الحقيقية بوضوح لربما شنو عليه حملة شعواء لم يعهد مكيافلي لها مثيلاً .



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اسباب الخلاف بين الدين والسياسة
- أول أنتصار للدولة على الدين في الاسلام
- المعتزلة وتبني منهج العقل
- شر البلية ما يضحك
- تاريخ الالحاد
- يا حوم اتبع لو جرينا *
- خوارق اللاشعور
- عصر التنوير : ظهور مفهوم جديد للدين
- الأنا العربي والأخر الأوروبي
- الاخر في الثقافة العربية الاسلامية (في صدر الاسلام)
- ها كاكا حمه
- انت تتظاهر ... اذن انت كافر !
- ظهور الخوارج في الاسلام
- اكتشاف مربع برمودا في العراق
- الدين والسياسة في الإسلام (3)
- الدين والسياسة في الإسلام (2)
- اخوان الصفا وخلان الوفا
- الدين والسياسة في الإسلام (1)
- قراءات في المشهد السياسي العراقي
- السبئية بين الحقيقة والخيال


المزيد.....




- ماكرون يدعو نتانياهو لإنهاء محنة المدنيين في غزة
- وزير خارجية فرنسا : العلاقات في وضع مؤسف للغاية
- وزير الخارجية الفرنسي يؤكد أهمية استئناف -حوار صريح وواضح- م ...
- عامان من الحرب ولا نهاية في الأفق.. كيف -امتدت- الحرب الأهلي ...
- ماذا يريد ترامب من كندا؟
- هيئة كبار علماء الأزهر تهاجم محمد رمضان
- روسيا.. الحكم بالسجن 15 عاما على أسير أوكراني أدين بترويع ال ...
- صحة غزة: الجيش الإسرائيلي تعمد قتل المسعفين في القطاع ودفنهم ...
- لمواجهة ضغوط الاحتكار.. زوكربيرغ يبحث فصل -إنستغرام- عن -ميت ...
- عون يبحث مع عبد الله الثاني نتائج التحقيق مع خلية تصنيع الصو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رباح حسن الزيدان - ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي