|
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 00:02
المحور:
كتابات ساخرة
أحدُ معارفي يُرّدِدُ دائماً عندما يتحدث .." نحن المُضَحِين .." ويَقصد نفسه وعائلته . وهو بذلك يتعّكز على تأريخ والدهِ الذي كان كان مُلتحقاً بالثورة الكردية في الستينيات من القرن الماضي .. ثم إستقر بعد 1975 في المُدن الخاضعة لسيطرة حكومة بغداد ، الى ان قامتْ الإنتفاضة الشعبية في 1991 ، وإستتب الأمر في أقليم كردستان على شكلِ حُكمٍ ذاتي تحت الحماية الدَولية ... فجّيَرَ سنوات إلتحاق والدهِ السابقة ، لحسابهِ الخاص ( في حين كان هو مجرد شاب يافع في الستينيات ولم يحمل السلاح إلا للزينةِ فقط ، ولم يُشارك في عمرهِ في معركةٍ حقيقية ) .. وحصلَ على الكثير من المكاسب .. ولا يتوانى عن القول .." نحن المُضحين ! " . في نهاية السبعينيات .. كان هنالك شابٌ في العمادية ، هو الأكثر " كشخةً " و " أناقةً " .. وهو في الحقيقة شابٌ لطيف يهوى الفن من التمثيل والغناء والعزف ، وعلى الرغم ان والده وهو ايضاً .. كانا منتمين لحزب البعث ، لكنهما لم يكونا مؤذيَين . صاحبنا كان يلبس أحدث الموديلات وتسريحته مُمَيزة وطعامه وشرابه من النوع الجيد ... بإختصار كان مُدّللاً و " بَزِر نستلة " ، لسببٍ من الأسباب " زعلَ " الشاب من أبيهِ ، فقّررَ الإلتحاق بالبيشمركة .. في القرى القريبة من العمادية !. وفعلاً نّفذَ ذلك . بعدَ يومين جاء أحد المراسيل الى والدهِ وقال له : ابنك يُسلم عليك ، ويطلب ان ترسل له : [ شامبو ، ومجموعة من العطور الفاخرة ، وعلبة من النستلة التي يحبها !] . ذهب الاب فوراً الى دائرة الأمن وشرح لهم الامر بالتفصيل ، وطلبَ موافقتهم على الذهاب ، لإرجاعهِ . فوافقوا على ذلك . وفعلاً ذهب الوالد الى القرية في اليوم التالي ، وصالحَ إبنهُ وأعادهُ معه . الشاب أعلاه توفى قبلَ سنوات ... لكنه لو كان حياً اليوم ، لكان من حَقِه ان يقول ، انه ايضاً مُضّحي ومُلتَحِق بالثورة ، ولو لأيام معدودة ، ويُريد الإمتيازات المُترتبة على ذلك !. صديقٌ لي ، كان مُدَرِساً في الثمانينيات ... إلتَحق لبضعة أسابيع فقط، بالقُرى العائدة الى العمادية ، وإنضَمَ الى تشكيلات " الدفاع المدني " أو المقاومة الشعبية ، وهي خاصة بالمُلتحقين الجُدَد من الذين لايملكون السلاح أو لايجيدون إستخدامه ، وتوكَل الى معظمهم عادةً مهام إدارية وتنظيمية ومُساندة لقوات البيشمركة " علماً ان العديد منهم لعبَ دوراً مُشرِفاً في مراحل الثورة كافةً " . لِحَد اليوم ... يقول بأنه "عندما كان بيشمركة في الثمانينيات .. فأن أغلب المسؤولين الحاليين ، كانوا لاشيء في ذلك الوقت "!. صديقي هذا إنسانٍ طيب بالمُجمَل ... ولكن الكثير من الذين كانوا يلتحقون ب " الثورة " ، أصبحوا في الحقيقة ، عالّةً على الثورةِ وعلى أهالي القرى .. المُجبَرين على إيوائهم وإطعامهم . وعلى كل حال ... فأن شهرين او حتى أكثر في القُرى الخاضعةِ لسيطرة الثُوار ... لاتكفي لإمتلاك تجربة نضالية أو تأريخٍ كفاحي مُميَز !!. شخصٌ أعرفه .. كانتْ عائلته ، مثل عائلتي ، مقيمة في بغداد منذ الستينيات ، ونشأَ ودرسَ هناك .. في مُقتبل السبعينيات وبعد بيان 11 آذار .. كان يزور في الصيف بعض أقاربه من المنتمين الى الثورة الكردية . في السنين الاخيرة .. حصلَ على تأييدٍ وتزكية ، بكونهِ كانَ مُنظماً الى الثورة منذ السبعينيات ، " علماً انه كان موظفاً ومنتمياً لحزب البعث لغاية 1991 " ، وهو يحمل الآن رتبة عسكرية ويقبض راتباً مُحتَرماَ !. - عموماً ... ليسَ " كُل " الملتحقين بالثورة ، كانوا مناضلين ومُكافحين ، بل ان بعضهم ، شّكَل عبئاً على الثورةِ ، والبعض الآخر كان يذهب ويعود الى احضان السلطة ، بشكلٍ مكوكي ، وآخر يهرب من الحكومة بعد إختلاسهِ لأموال عامة أو إقترافهِ لجريمة . كما ان الباقين في المدن والقرى الخاضعة ، للسلطة .. لم يكونوا جميعهم مُوالين للحكومة والبعث . - العديد من المتشدقين ، ب " نضالاتهم " والمُبالِغين بأدوارهم المزعومة ... يحصلون اليوم على إمتيازات لايستحقونها . - الثوار الحقيقيين ، الذين ذاقوا الأمَرين من شظف العيش ، وعانوا من الجوع والعطش ، ولسعتهم برودة الشتاء القارس ، وجالوا قمم الجبال والوديان ، مشياً على الأقدام ، وخاضوا المعارك الشرسة ... لسنين طويلة ... هؤلاء الشجعان ، باتوا اليوم أقلية قليلة ، نسبةً الى " مُناضلي الشامبو والعطور والنستلة " ، المستحوذين على المكاسب والامتيازات !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طقوس الفَرَح
-
إنتفاضة دهوك 1991
-
مَنْ المُصاب بالصَمَم ؟
-
إستجواب برهم صالح وخطاب البارزاني
-
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
-
وكيل وزير يَشتُم المُدّرِسين !
-
إنتفاضة 1991 ألمَنْسِية
-
إصلاحات جَذرية مطلوبة في الأقليم
-
تصارُع أحزاب السُلطة في مُظاهرات يوم الجمعة
-
القِطة لم تأكل الدجاجة
-
على هامش حرق فضائية ن ت ف
-
القذافي .. وصدام
-
حذاري من بلطجية البعث
المزيد.....
-
60 فنانا يقودون حملة ضد مهرجان موسيقي اوروبي لتعاونه مع الاح
...
-
احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا
...
-
ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم
...
-
بعد 7 سنوات من عرض الجزء الأخير.. -فضائي- يعود بفيلم -رومولو
...
-
-الملحد- يثير الجدل في مصر ومنتج الفيلم يؤكد عرضه بنهاية الش
...
-
رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 .
...
-
مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|