أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!















المزيد.....

ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفصل بين هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 والثورتين التونسية والمصرية في كانون الثاني (يناير) 2011 عشر سنوات. هذه السنوات العشر هي الأسوأ في التاريخ العربي الحديث. وعندما يعود إليها المؤرخون، ذات يوم، سيجدون الكثير مما يثير الخجل والنفور، ويبرر التساؤل، ونقد الذات، والحيلولة دون تكرار ما حدث في تلك السنوات العجاف.
تلك هي سنوات القاعدة، والانتحاريين، والبرابرة، والميليشيات، وذبح الأسرى على شاشة التلفزيون، والحرب الأهلية، والجزيرة، والطالبان. سنوات الزرقاوي، وبن لادن، وفقهاء الفضائيات، والطغاة، واللصوص، وأسياد الحروب، وتجّار الدم والنفط وفلسطين.
هذه المرحلة قد انتهت الآن. أسقطتها الثورتان التونسية والمصرية. بيد أن هذه الفرضية لا تعني أن كل ما تقدّم سيختفي دفعة واحدة حتى في تونس ومصر. فما تزال الطريق طويلة، والانتكاسات المتوّقعة كثيرة. كل ما يمكن قوله الآن أن مرحلة قد انتهت، وأخرى في طور التكوين.
بيد أن السؤال الذي يستحق أكثر من إجابة يُصاغ على النحو التالي: ما الذي أوصل العرب إلى تلك السنوات العجاف، لماذا طردوا أنفسهم من التاريخ، وكيف ماتت السياسة على مدار عقد كامل من الزمن؟
هنا، محاولة لتشخيص ما أوصلنا إلى تلك السنوات. وهي، بالمناسبة، طريقة للتعرّف على بعض ملامح ما يتكوّن في مرحلة نزعم بأنها جديدة تماما. فالحاضر، دائما، مفتاح الماضي وسرّه غير الدفين.
1-
افتتح العرب قرناً وألفية جديدين بعملية إرهابية فريدة من نوعها في التاريخ الإنساني. في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) هاجم انتحاريون بطائرات مدنية مُختطفة برجي مركز التجارة العالمي، ومبنى وزارة الدفاع الأميركية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة آلاف شخص من جنسيات مختلفة، لا يتحمل أحد منهم مسؤولية السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
أطلق منظمو العملية على هجماتهم "غزوتي نيويورك وواشنطن". ولم يمض وقت طويل حتى خرج بن لادن معلناً مسؤولية جماعة من مخلّفات الحرب الباردة عن الغزوات، وراسماً حدودا بين "فسطاطين" جديدين في لغة السياسة هما الكفر والإيمان. جديدان بقدر ما يتعلّق الأمر بتسعة وتسعين بالمائة من العرب الأحياء، الذين خاض آباؤهم وأجدادهم حروب الكفاح ضد الكولونيالية وتصفية الاستعمار، وشاركوا في تجرب بناء الدولة القومية الحديثة.
ومن المُحيّر، والمؤسف، أن أحداً لم يتوقف طويلا أمام ما تنطوي عليه مفردات من نوع "الغزوة" و"الفسطاط"، والكفر والإيمان، من دلالات تاريخية، ولاهوتية، مغايرة للغة ومفردات السياسة في القرن العشرين. وكلها مفردات مثيرة لاهتمام المؤرخين وعلماء السياسة والتاريخ والنفس والاجتماع. حتى برنارد لويس لم يصل به الجموح أو الطموح إلى تخيّل أن مفردات كهذه يمكن أن تتحول إلى لغة للخطاب في عالم العرب الأحياء، عندما كتب قبل عقود عن لغة السياسة في الإسلام.
تنتمي مفردات الغزوة والفسطاط والكفر والإيمان إلى القرون الوسطى، وما قبلها. وقد خرجت من التداول في الحواضر، على الأقل، منذ الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك، وظلت في الأزمنة الحديثة محصورة في مناطق صحراوية هامشية، لم تعرف سوى الحروب القبلية على مدار قرون.
لم يكن مقدراً لتلك المفردات أن تصعد من الهامش إلى المتن، بالمعنى التاريخي للكلمة، لولا تضافر ثلاثة عوامل أعادتها إلى مكان الصدارة، وحوّلتها إلى لغة في السياسة، تجنّد الأنصار، وتزعزع مفردات استقرت في الوعي العربي منذ مطلع القرن العشرين. مفردات من نوع: الحرية، والاستقلال، والكفاح ضد الكولونيالية، وحروب التحرير القومية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة، والمواطنة، وحقوق الإنسان.
الانزياح اللغوي، هنا، ليس من زلاّت اللسان. فاللغة ليست وسيلة اتصال وحسب، بل وعلاقة بالعالم أيضا. بمعنى آخر، ثمة مشكلة معرفية، هنا. بعد الثورة الإيرانية بقليل وصف محمد حسنين هيكل الخميني برصاصة انطلقت من القرون الوسطى واستقرت في قلب القرن العشرين. وهذا ما يمكن أن يُقال عن المفردات الجديدة وأصحابها، مع فارق كبير:
الدوافع المحرّكة للرصاصة الجديدة تختلف عن مثيلتها الإيرانية أولا، ولحظة وقوعها جاءت في زمن الفضائيات ثانيا، وتضافرت في شحنها بالبارود مصالح إقليمية ودولية أكثر قوّة وتعقيدا ثالثاً.
2-
يمكن التفكير في تلك العوامل وتصنيفها على النحو التالي:
أولا، صراع الحضارات. الفكرة التي جالت دائما في أذهان أشخاص مختلفين وفي أزمنة مختلفة، ووجدت تعبيرها اللغوي الجديد، ومبرراتها النظرية (التي لا تخلو من رصانة أكاديمية مفتعلة) على يد الأميركي هنتنغتون، الذي توّقع أن ينشب الصراع العالمي الجديد ـ بعد انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي ـ نتيجة الصدام بين كتل حضارية ودينية، في طليعتها صدام عالم الإسلام مع الغرب المسيحي. وقد وجدت هذه الفكرة قبولا لدى أوساط مختلفة في الغرب والشرق على حد سواء.
تغذّت في الغرب على تحيّزات استشراقية، وذكريات تاريخية، تبرر الخوف من وكراهية عالم الإسلام والمسلمين. وفي الشرق، ولنقل في العالمين العربي والإسلامي، تغذت على سياسات الهوية، السلاح الأمضى لدى جماعات الإسلام السياسي المعارضة، وانتفعت من حقيقة أن عددا كبيرا من الأنظمة القائمة في هذين العالمين يستمد شرعيته من سياسات الهوية نفسها، للحد من قدرة معارضيه على انتقاده لأسباب تتعلّق بالمساواة والعدالة الاجتماعية والحريات العامة والمواطنة. وقد ازداد ميل الأنظمة إلى توظيف سياسات الهوية بعد إخفاق مشاريعها التنموية، وتحوّلها إلى دكتاتوريات سافرة.
ثانيا، ردة الفعل الأميركية بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، التي اجتمعت فيها تحيّزات استشراقية، وذكريات تاريخية قديمة، مع حسابات عقلانية باردة بشأن مستقبل الإمبراطورية الأميركية بعد انتهاء الحرب الباردة، على أمل أن يكون القرن الحادي والعشرين أميركياً أيضا. وفي سياق ردة الفعل هذه احتل الأميركيون أفغانستان والعراق، وأطلقوا على مستوى العالم حملة عسكرية وسياسية واقتصادية ودعائية، تشبه صيد الساحرات، اسمها الحرب على الإرهاب.
لتمرير الحسابات الباردة وحملة الانتقام، قدّم الأميركيون مرافعة أيديولوجية حول الديمقراطية، التي حمّلوا غيابها في العالمين العربي والإسلامي مسؤولية الإرهاب. وقد أسهمت التداعيات السياسية والثقافية لهذه الحملة، التي كانت انتقائية ومنافقة، في تعزيز ميل الأنظمة القائمة إلى توظيف سياسات الهوية دفاعاً عن نفسها وعن خصوصيات وهمية، اجتماعية وثقافية وسياسية، زعمت أن الأميركيين لا يفهمونها جيداً من ناحية، وإلى تبرير ممارساتها غير الديمقراطية كعلاج لا غنى عنه في صد موجة الإرهاب من ناحية ثانية.
ثالثا، توّفر الدفيئة الأيديولوجية والمالية والاجتماعية والسياسية للقائلين بمفردات الغزوة والفسطاط والكفر والإيمان. فلم يكن من قبيل المصادفة، مثلا، أن الغالبية العظمى من المشاركين في هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) كانوا من السعوديين أولا، وأن الوهابية كانت مصدر رؤيتهم لأنفسهم وللعالم ثانيا، وأن قيادتهم تنحدر بالمعنى التنظيمي من سلالة "المجاهدين" في الحرب الأفغانية، الذين أصبحوا بلا قضية بعد خروج الروس، واندلاع الحرب الأهلية بين أمراء الحرب الأفغان، وانتهاء الحرب الباردة ثالثا.
3-
بيد أن أفغانستان لم تكن هي الدفيئة، بل مارس هذا الدور بامتياز المجتمع السعودي، الذي شهد ميلا متزايداً نحو تديين كافة مناحي الحياة منذ اندلاع الثورة الإيرانية في العام 1979، وتمرّد جهيمان العتيبي في العام نفسه. ولنلاحظ أن الانخراط الفاعل في الحرب الباردة وقع أيضا في ذلك العام بعد الاجتياح السوفياتي لأفغانستان.
خرج الحكّام السعوديون في ذلك العام بخلاصتين فحوى الأولى أن حداثة الشاه القومية واستعداء رجال الدين أسهما في سقوطه، والثانية أن الرد على التطرّف باسم الدين يُعالج بمزيد من الدين. وهذا تحوّل كبير وبعيد الأثر في مجتمع يتسم بالمحافظة، وتفشي الأمية، ويقوم نظامه السياسي على التحالف التاريخي بين العائلة الحاكمة ورجال الدين الوهابيين.
ولم يكن مقدراً، بالضرورة، لما أصاب دفيئة كهذه أن يُحدث تحوّلات بعيدة المدى في العالم العربي لولا اجتماع وتضافر عوامل إضافية في فترات تاريخية متقاربة. في نهاية الستينيات، وبالتحديد في العام 1967، تكبّدت الناصرية ضربة موجعة بالمعنى السياسي والثقافي والعسكري.
وعجّلت وفاة عبد الناصر بعد سنوات قليلة في إسدال الستار على مرحلة الحرب الباردة العربية ـ العربية التي امتدت على مدار عقدين من الزمن(1949ـ 1970) ووسمتها حروب الأيديولوجيات، وحلقات متلاحقة من الانقلابات العسكرية، والحركات الراديكالية التي أطاحت بعروش، وأشعلت حروبا أهلية، وخاضت حروبا للتحرر القومي، ودعت إلى الوحدة العربية.
ولا شك أن الضغوط التي جابهت الحكّام السعوديين في تلك الفترة كانت مُفزعة. فقد وجدوا أنفسهم في طليعة معسكر المحافظين العرب، وقد أحاطت بهم العديد من الضواري الأيديولوجية.
فالقومية العربية في صيغتيها الناصرية والبعثية، وقشرتها العلمانية، ودعوتها الاشتراكية، ومشروعها التحديثي، تهدد شرعية وبقاء النظام نفسه. وحتى إذا لم تفعل، فإن مجرد التأقلم معها يعني المجابهة مع الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي الذي يؤمن الحماية للنظام، والذي لن يتورع في حال المجابهة الحقيقية عن احتلال منابع النفط. أما اليسار والشيوعية فيجسدان الشر المطلق. لذلك، رفض لحكّام السعوديون إقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي.
والواقع أن صعود السعوديين إلى مكان الصدارة في السياسة العربية بدأ منذ قمة الخرطوم في العام 1968، عندما تعهدت الدول النفطية بتمويل ما عُرف آنذاك بدول المواجهة، وتكرّس بعد خمس سنوات، مع الحظر النفطي في العام 1973، الذي صيغت حوله أساطير كثيرة.
أما خلاصته فكانت زيادة الرصيد القومي والمالي للسعودية ودول النفط، وإعادة اكتشاف الولايات المتحدة والغرب للقيمة الإستراتيجية لهذا الجزء من العالم، على الرغم من حقيقة أن شركات النفط الكبرى لم تتضرر ماليا من الحظر. وقد تعزز هذا الرصيد مع انقلاب الرئيس السادات على الناصرية، وإخراجه لمصر من حلبة الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
وهذا ما سنعود إليه في أكثر من مقالة قادمة على أمل استكشاف معنى نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة ومثيرة للتفاؤل، ربما من بين أسمائها: ربيع الشعوب العربية.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي سيبقى من العقيد..!!
- الله، ومعمّر، وليبيا وبس..!!
- مصر قامت والقيامة الآن..!!
- عَمَارْ يا مصر..!!
- الشعب يريد إسقاط الرئيس..!!
- تحيا تونس..!!
- لا أحد يحب العرب هناك..!!
- إذا نجت مصر نجونا..!!
- مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!!
- نعم، الجواب: نعم..!!
- الفشل في استثمار الفوز..!!
- قبل تأشيرة الدخول إلى دبي وبعدها..!!
- الثقافة والسياسة والسلطة..!!
- فكر الحداثة في فلسطين..!!
- من المفيد الكلام عن أشياء أخرى..!!
- دولة إسماعيل..!!
- يوسا وحرب نهاية العالم..!!
- مديح الأدب القاسي ..!!
- ظاهرة جديدة ومُفرحة..!!
- ليلنا طويل والنجوم قليلة..!!


المزيد.....




- في دبي.. شيف فلسطيني يجمع الغرباء في منزله بتجربة عشاء حميمة ...
- وصفه سابقًا بـ-هتلر أمريكا-.. كيف تغير موقف المرشح الذي اختا ...
- كوبنهاغن تكافئ السياح من أصدقاء البيئة بالطعام والجولات المج ...
- بوتين خلف مقود سيارة لادا أثناء وصوله إلى افتتاح طريق سريع ب ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لقصف مواقع تابعة لقوات كييف باستخد ...
- إسرائيل.. شبان من الحريديم يعتدون على ضابطين كبيرين في الجيش ...
- ماذا تخبرنا مقاطع الفيديو عن إطلاق النار على ترامب؟
- إصابة 3 إسرائيليين في إطلاق نار في الضفة الغربية، والبحث جار ...
- مؤيدو ترامب يرون أن نجاته من الموت -معجزة إلهية-
- جو بايدن: أخطأتُ بالدعوة -لاستهداف- دونالد ترامب


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!