أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رباح حسن الزيدان - الأنا العربي والأخر الأوروبي















المزيد.....

الأنا العربي والأخر الأوروبي


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 03:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حاول المسلمون اختراق اوروبا وفتحها من جهتين , الاولى من شمال افريقيا حيث تقدمت جيوش طارق بن زياد في شبه الجزيرة الايبيرية ففتحت بلاد الاندلس ثم أكملت فتح باقي شبه الجزيرة , وسارت الجيوش العربية عابرة جبال البيرينيه بأتجاه فرنسا , حيث فشلت في التقدم بعد خسارتها معركة بواتييه (بلاط الشهداء) أمام جيوش شارل مارتل . لكن الجيوش العربية أستقرت في شبه جزيرة إيبيريا , وأقامت أمارات ودويلات عربية أستمرت منذ 710م , عام دخول طارق بن زياد مضيق الجبل الذي سمي بأسمه حتى 1492م , عام سقوط غرناطة وهي أخر الامارات الاسلامية في الاندلس .
والجهة الثانية التي أخترق المسلمون فيها أوروبا هي حروب الجيوش التركية (العثمانية) في جنوب شرق اوروبا , فقد بدأ الضغط العثماني منذ بداية القرن الثالث عشر , ثم تبعه حروب وفتوحات عديدة , فأحتل الاتراك قسماً من بلغاريا عام 1354م قبل سقوط القسطنطينية بقرن واحد , وأحتلوا في العام نفسه جزء من البلقان واليونان , ووصلوا الى هنغاريا عام 1396م فأحتلوها أيظاً. وكانوا قبل بضعة اعوام قد هزموا الامبراطورية الصربية , ثم أحتلوا بولونيا واستوالوا على بلغراد وأحتلوا كامل هنغاريا وحاصروا فيينا الحصار الاول ثم أحتلوا قبرص ثم كريت .
ثم بدأ النهوض الاوروبي بعد قرن ونصف القرن من جهة وضعفت الامبراطورية العثمانية من جهة أخرى , فأخذت تخسر أراضيها الاوروبية واحدة بعد أخرى , ففقد العثمانيون سلوفينيا وترانسلفانيا وكرواتيا عام 1699م (معاهدة كالوفيتس) , وتخلوا عن بلغراد في معاهدة (باساروفيتس) لمصلحة النمسا . ثم أستمرت خسارتهم لهذه المقاطعات الاوروبية بكثافة منذ نهاية القرن الثامن عشر , فانسحبوا من اليونان عام 1821م ومن بلغاريا عام 1877م , وأستمروا يخسرون مقاطعاتهم الاوروبية حتى أنسحبوا كلياً عام 1911م .
كانت هذه الاختراقات والاحتلالات والحروب وسيلة للتواصل بين شعوب أوروبا والمسلمين , ولم تكن المعايير في هذا التواصل معايير دينية كما كان الامر في شبه جزيرة إيبيريا , بل برز صراع المصالح والإثنيات والثقافات والاستراتيجيات وغيرها , وكان صراعاً سياسياً بالدرجة الاولى , وصراعاً أقتصادياً وتنافساً على المكاسب والمصالح والهيمنة الامبراطورية وغيرها .
وقد أدى هذا التواصل الاسلامي الاوربي الى تعرف كل طرف بالاخر . وأصبح الاخر معروفاً , وقامت علاقات سياسية واجتماعية وثقافية واسعة ومتعددة بين الطرفين خلال هذا التواصل الذي دام مئات السنين . كذلك قامت تحالفات ومعاهدات وغيرها . فقد تحالف فرانسوا الاول مع سليمان القانوني , وتواصل فخر الدين الثاني مع الحضارة والثقافة والعلوم الاوروبية (الايطالية خاصة) , وحاول الاستفادة منها في مجال الزراعة والبناء على الخصوص . وعُقدت تحالفات عديدة بين العثمانيين وبعض الامراء والملوك أو التيارات الاوروبية موجهة ضد أوروبيين أخرين , فقد أستعانت بعض التيارات الدينية المتصارعة في أوروبا بالعثمانيين وخاصة خلال حرب الايقونات فتحالف البروتستانت مع العثمانيين , وكان القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر عصراً للتبادل المكثف , في الثقافة اليومية اولاً بما فيها التغذية , وأدخلت عدة محاصيل جديدة مثل المشمش والشمام والارز , وتقنيات طهوية جديدة وممارسات جديدة مثل شرب القهوة .
فرافق هذا التطور والازدهار التجاري تواصل ثقافي وأجتماعي وسياسي , ولم يرق ذلك الكنيسة بطبيعة الحال , بعد أن تولت منذ عدة قرون حمل راية العداء للإسلام والمسلمين وتشويه الدين الاسلامي والتحريض عليه , وقد أصدر البابا حرماً رسمياً في منتصف القرن الرابع عشر يقضي بعدم تعامل تجار البندقية مع تجار البلدان الاسلامية أو التواصل معهم , ولكن عمق العلاقات التي كانت سائدة , سواء في المجال الاقتصادي أو غيره , أدت الى عدم أحترام هذا الحرم أو تطبيقه من أحد , وبقي وكأنه صيحة في واد .
وبعد مرور الوقت تكونت في أذهان العرب صورة سلبية عن المجتمعات والقيم الاوروبية منذ الحروب الصليبية , وأصبحت هذه الصورة نمطية في القرنيين السابع عشر والثامن عشر بسبب التوغل الاستعماري الغربي في البلدان العربية , وغدا الغرب هو الاخر النقيض والعدو , لكنه في نفس الوقت القدوة على الصعيد الادبي والفكري .
وتكرس في ثقافة المشرق عن حق , أن الغرب هو القوة والسيطرة والتحكم , وهو العدو الاستعماري الذي جاء ليهيمن ويستحوذ ويسيطر على البلاد والعباد ويسرق الثروات .
من جهة أخرى فإن العربي يعزي نفسه أمام تقصيره , بأنه روحاني وبأن الغرب مادي , ويظن نفسه متديناً دون الغربي , فيعطي لنفسه شهادة عفافة وقداسة : ومادية الغرب اصطنعها الشرقي لينحت صورة مشرفة عن نفسه , وهو ايظاً يحتاج الى صورة مشوهة عن الغربي ليعزي نفسه عن تخلفه .
حاول المسلمون اختراق اوروبا وفتحها من جهتين , الاولى من شمال افريقيا حيث تقدمت جيوش طارق بن زياد في شبه الجزيرة الايبيرية ففتحت بلاد الاندلس ثم أكملت فتح باقي شبه الجزيرة , وسارت الجيوش العربية عابرة جبال البيرينيه بأتجاه فرنسا , حيث فشلت في التقدم بعد خسارتها معركة بواتييه (بلاط الشهداء) أمام جيوش شارل مارتل . لكن الجيوش العربية أستقرت في شبه جزيرة إيبيريا , وأقامت أمارات ودويلات عربية أستمرت منذ 710م , عام دخول طارق بن زياد مضيق الجبل الذي سمي بأسمه حتى 1492م , عام سقوط غرناطة وهي أخر الامارات الاسلامية في الاندلس .
والجهة الثانية التي أخترق المسلمون فيها أوروبا هي حروب الجيوش التركية (العثمانية) في جنوب شرق اوروبا , فقد بدأ الضغط العثماني منذ بداية القرن الثالث عشر , ثم تبعه حروب وفتوحات عديدة , فأحتل الاتراك قسماً من بلغاريا عام 1354م قبل سقوط القسطنطينية بقرن واحد , وأحتلوا في العام نفسه جزء من البلقان واليونان , ووصلوا الى هنغاريا عام 1396م فأحتلوها أيظاً. وكانوا قبل بضعة اعوام قد هزموا الامبراطورية الصربية , ثم أحتلوا بولونيا واستوالوا على بلغراد وأحتلوا كامل هنغاريا وحاصروا فيينا الحصار الاول ثم أحتلوا قبرص ثم كريت .
ثم بدأ النهوض الاوروبي بعد قرن ونصف القرن من جهة وضعفت الامبراطورية العثمانية من جهة أخرى , فأخذت تخسر أراضيها الاوروبية واحدة بعد أخرى , ففقد العثمانيون سلوفينيا وترانسلفانيا وكرواتيا عام 1699م (معاهدة كالوفيتس) , وتخلوا عن بلغراد في معاهدة (باساروفيتس) لمصلحة النمسا . ثم أستمرت خسارتهم لهذه المقاطعات الاوروبية بكثافة منذ نهاية القرن الثامن عشر , فانسحبوا من اليونان عام 1821م ومن بلغاريا عام 1877م , وأستمروا يخسرون مقاطعاتهم الاوروبية حتى أنسحبوا كلياً عام 1911م .
كانت هذه الاختراقات والاحتلالات والحروب وسيلة للتواصل بين شعوب أوروبا والمسلمين , ولم تكن المعايير في هذا التواصل معايير دينية كما كان الامر في شبه جزيرة إيبيريا , بل برز صراع المصالح والإثنيات والثقافات والاستراتيجيات وغيرها , وكان صراعاً سياسياً بالدرجة الاولى , وصراعاً أقتصادياً وتنافساً على المكاسب والمصالح والهيمنة الامبراطورية وغيرها .
وقد أدى هذا التواصل الاسلامي الاوربي الى تعرف كل طرف بالاخر . وأصبح الاخر معروفاً , وقامت علاقات سياسية واجتماعية وثقافية واسعة ومتعددة بين الطرفين خلال هذا التواصل الذي دام مئات السنين . كذلك قامت تحالفات ومعاهدات وغيرها . فقد تحالف فرانسوا الاول مع سليمان القانوني , وتواصل فخر الدين الثاني مع الحضارة والثقافة والعلوم الاوروبية (الايطالية خاصة) , وحاول الاستفادة منها في مجال الزراعة والبناء على الخصوص . وعُقدت تحالفات عديدة بين العثمانيين وبعض الامراء والملوك أو التيارات الاوروبية موجهة ضد أوروبيين أخرين , فقد أستعانت بعض التيارات الدينية المتصارعة في أوروبا بالعثمانيين وخاصة خلال حرب الايقونات فتحالف البروتستانت مع العثمانيين , وكان القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر عصراً للتبادل المكثف , في الثقافة اليومية اولاً بما فيها التغذية , وأدخلت عدة محاصيل جديدة مثل المشمش والشمام والارز , وتقنيات طهوية جديدة وممارسات جديدة مثل شرب القهوة .
فرافق هذا التطور والازدهار التجاري تواصل ثقافي وأجتماعي وسياسي , ولم يرق ذلك الكنيسة بطبيعة الحال , بعد أن تولت منذ عدة قرون حمل راية العداء للإسلام والمسلمين وتشويه الدين الاسلامي والتحريض عليه , وقد أصدر البابا حرماً رسمياً في منتصف القرن الرابع عشر يقضي بعدم تعامل تجار البندقية مع تجار البلدان الاسلامية أو التواصل معهم , ولكن عمق العلاقات التي كانت سائدة , سواء في المجال الاقتصادي أو غيره , أدت الى عدم أحترام هذا الحرم أو تطبيقه من أحد , وبقي وكأنه صيحة في واد .
وبعد مرور الوقت تكونت في أذهان العرب صورة سلبية عن المجتمعات والقيم الاوروبية منذ الحروب الصليبية , وأصبحت هذه الصورة نمطية في القرنيين السابع عشر والثامن عشر بسبب التوغل الاستعماري الغربي في البلدان العربية , وغدا الغرب هو الاخر النقيض والعدو , لكنه في نفس الوقت القدوة على الصعيد الادبي والفكري .
وتكرس في ثقافة المشرق عن حق , أن الغرب هو القوة والسيطرة والتحكم , وهو العدو الاستعماري الذي جاء ليهيمن ويستحوذ ويسيطر على البلاد والعباد ويسرق الثروات .
من جهة أخرى فإن العربي يعزي نفسه أمام تقصيره , بأنه روحاني وبأن الغرب مادي , ويظن نفسه متديناً دون الغربي , فيعطي لنفسه شهادة عفافة وقداسة : ومادية الغرب اصطنعها الشرقي لينحت صورة مشرفة عن نفسه , وهو ايظاً يحتاج الى صورة مشوهة عن الغربي ليعزي نفسه عن تخلفه .



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخر في الثقافة العربية الاسلامية (في صدر الاسلام)
- ها كاكا حمه
- انت تتظاهر ... اذن انت كافر !
- ظهور الخوارج في الاسلام
- اكتشاف مربع برمودا في العراق
- الدين والسياسة في الإسلام (3)
- الدين والسياسة في الإسلام (2)
- اخوان الصفا وخلان الوفا
- الدين والسياسة في الإسلام (1)
- قراءات في المشهد السياسي العراقي
- السبئية بين الحقيقة والخيال
- دعاة السلفية بين مطرقة الوردي وسندان الجابري
- اين الطريق ؟ أعلمانية ؟ أو أسلام ؟ أم توفيق ؟
- الديمقراطية في الأسلام كما يراها علي الوردي
- بذور العلمانية في الأسلام
- مقالة / المد والجزر بين علي ومعاوية
- مقال / من شب على شئ شاب عليه


المزيد.....




- ترامب يهدد بالانسحاب من مفاوضات وقف الحرب الروسية الأوكرانية ...
- مدفيديف يدعو الاتحاد الأوروبي للتصرف بحكمة والسير على خطى وا ...
- مؤسسات غزة التعليمية تتحول لأماكن نزوح
- روسيا وقطر وإيران.. وساطات للشرق والغرب
- مقتل 80 شخصا بقصف أمريكي على الحديدة
- اجتماع سري في باريس: مساعٍ إسرائيلية للتأثير على الموقف الأم ...
- صوت الشارع يعود في اسطنبول: تظاهرات للإفراج عن معتقلي الاحتج ...
- -سرايا القدس- تعرض مشاهد من استهداف جنود وآليات إسرائيلية في ...
- الخارجية الروسية: السلطات الأوروبية تواصل إخافة شعوبها بـ-حر ...
- الخارجية الأمريكية: نتتبع معلومات موثوقة تتعلق بهجمات وشيكة ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رباح حسن الزيدان - الأنا العربي والأخر الأوروبي