|
ابو ابراهيم(اسود حسين الراعي)وطريق الشعب
كفاح جمعة كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 08:27
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عامل كادح عرف مرارة العيش وتحسس اّلام العمال ومعاناتهم من الحياة. نشأ في بحزاني ، واخر عمل كان يؤديه هو العمل عل نول الحياكه اليدوي الذي كان سائدا في بحزاني لنهاية السبعينات من القرن الما ضي .من مواليد بحزاني، نهاية الاربعينيات واضطر لترك الدراسة من الثالث متوسط للمساهمة في اعالة العائلة . شغف الحياة والظلم وعذابات الفقراء قادوه الى صفوف الحزب الشيوعي في سن مبكرة. اصبح كادرا بجدارة في صفوف اتحاد الشبيبه في بحزاني وكان مبادرا ونشطايتقدم بحيوية الشباب اقامة الفعاليات الرياضية والشبابية . منْ مِنْ جيلنا لايتذكرلعبة كرة الطائرة في العطله الصيفيه باستمرار بين اشجار الزيتون وقرب (الخفيخ)1.كان ابا ابراهيم يحمل على كتفيه شبكة الطائره المثبتة على عمودين من خشب(الاسبيندار) من البيت الى ساحة المباراة ثم يجمعها ويعيدها الى البيت بعد انتهاء المباريات. رفض ذات يوم دعوة لاطلاق الرصاص على هدف من حجر يسمى بالشعبي (نيشان) ليبرز من الاكثر دقة في اصابة الحجررفضا قاطعا، وقال ان رصاصنا يجب ان يوجهه لصدور اعداء الشعب العراقي والحزب الشيوعي وليس للاحجار. كان عاشقا صادقاً من صميم القلب لحبيبتة (كُولي) ابنة العم المرحوم عسكر عدوس البقال.. تعلق بها كثيراً وكان يردد على مسامعها أغنية فنان الشعب الكردي الخالد محمد عارف جزراوي (كولي محرومي جياي بلندي) خاصة في أماسي الصيف الهادئة التي كان أهالي بحزاني قد تعودوا أن يمضوها على أسطح المنازل العتيقة قبل أن يتزوجها . كلف في فترة ما بتوزيع طريق الشعب على المشتركين بها وكان يؤدي هذه المهمة على أتم وجه برحابة صدر. كانت الجريدة تأتي مع سيارات الأجرة العاملة على خط الموصل / بعشيقة وبحزاني.. يجلبها اغلب الأحيان أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي وأحيانا السواق بأنفسهم. كانت طريق الشعب تصل المشتركين في بحزاني قبل الخامسة عصراً من كل يوم تقريباً وبشكل منتظم. ذات يوم لم تصل الجريدة في موعدها كما جرت العادة.. تأخرت مما سبب القلق لأبي إبراهيم.. بعد اتصالات له علم أن حصة بحزاني قد أرسلت إلى برطلة بالخطأ.. كان الوقت صيفاً واعتقد في شهر تموز... بعد الظهرتقل حركة السيارات إذ عادة ما تكون نشطة عند الصباح بسبب ذهاب الموظفين إلى أعمالهم والطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم. وقد صعب عليه الحصول على سيارة تقله وتعيده من والى برطلة لذا فضل الذهاب على الدراجة الهوائية التي استعارها من المرحوم سالم أو شقيقه المرحوم داود أبناء سليمان لاسوكا الحكيم... استبسل في ذلك الحر الشديد لإحضار الجريدة في موعدها على الدراجة رغم شدة الحر وبعد المسافة التي تتجاوز ال20كلم بين المدينتين. عند مدخل بحزاني (القديم) التقيناه وهو قادم من برطلة على الدراجة الهوائية ومعه الجريدة كان يتصبب عرقاً بغزارة من شدة الحر والتعب.. بعد أن حييناهُ طلب مني أن أوزع الجريدة اليوم بدلاً منه لا لشيء سوى لكسب الوقت إذ كان عليه أن يذهب إلى البيت للاستحمام ومن ثم توزيع الجريدة وهذا يتطلب قرابة ساعة: قال لي انه في هذه الساعة يمكنني أن انهي التوزيع. لم يكن إمامي سوى قبول الفكرة برحابة صدر. لكنني ليست لدي قائمة بأسماء المشتركين.. أجابني بلهجة بحزاني (خس عليكَ.. أكيا كيي في جيبي امسكها وغوح وزع)... وهكذا وزعت الجريدة على الفور بدلا منهُ في ذلك اليوم.
كان حزب البعث واجهزته الامنيه تلاحق الشيوعيين من اليوم الاول الذي وقعت فيه اتفاقية (المهزله الوطنية) عفوا اقصد الجبهه الوطنية. وكانوا يحيكون القضايا ضد جماهيرقاعدة الحزب وهكذا فعلوا مع ابو ابراهيم وثلاثة اخرين من رفاقه ففي عام 976 احاكوا له قضية مقتل شرطي على ايادي البيشمركه عام 970 واتهموه بالمشاركة بقتله وعلى اثرها قيد بنفسه حركته في بحزاني وبحكم عمله مع القطاع الخاص استطاع الصمود لفترة في القرية بالرغم من ملاحقاة الامن الفاشلة له والتي كانت تهدف لاعتقاله .وفي موقع عمله على النول اليدوي والذي كان في منزله صنع له فتحة خاصة اولنقل شباك خاص ليمكنه من روية الشرطه والامن ببساطة من خلاله في حالة قدومهم لاعتقاله وهكذا تلافى الوقوع في ايدي تلك الزمر حين قدومهم في تموز- اب عام 976 واستطاع الهرب من البيت باتجاه الشوبكخ2 ومن هناك قطع المسافة بين بحزاني والموصل مشيا على الاقدام لحين وصوله الى مقر محلية نينوى في منطقة الدواسه ومن هناك غادر بعد فترة الى بغداد . في بغداد عمل مع شركة كحارس وسكن منطقة قريبة من الجندي المجهول القديم وحول سكنه الى بيت حزبي تقريبا ابان الحملة عام 78. اشتدت الحملة الفاشية على قواعد الحزب الشيوعي نهاية 78 وبداية 79 بشكل لم يسبق له مثيل.. أغلقت وصفيت جميع مقرات الحزب في العراق.. بقي أبو إبراهيم يتنقل بين بغداد والموصل ينقل البريد السري في جيبه وفي سيارته الموسكوفيج.. ولكونه لم يكن معروفاً في الموصل من قبل عناصر الأمن بعد أن انتقل للعمل في بغداد منذ فتره طويلة. في تلك الأيام السوداء التي صفي العشرات من مناضلي الحزب في أقبية السجون ودهاليز الأمن والمخابرات لمجرد الاشتباه أو كما يقال لمجرد شم رائحة الشيوعية منهم.. في تلك الفترة.. كان من الممكن أن تقوده إلى الإعدام.. في تلك المحنة الحالكة التقيته في الموصل.. بعد العناق قال لي: ـ معي طريق الشعب مكتوبة باليد فيها قرار الحزب الانتقال للنضال المسلح وقد توجه عدد كبير من الرفاق إلى كردستان لهذا الغرض. كادت عيناه تغرق بالدموع عندما واصل حديثه.. وقال مسترسلاً ومنتقداً.. بالرغم من انه كان على الحزب أن يتخذ هكذا قرار قبل الآن.. لكن لا بأس ... أراد أن يأتي معي إلى البيت، أخبرته أن منزلنا مراقب بشكل مستمر من قبل عناصر الأمن ولا يترك دون مراقبة لساعات متأخرة من الليل.. قال ليحدث ما يحدث لازم التقي بأبي باسل والدك لأشحن معنوياتي قليلا بلقائه. وصلنا البيت كلا على حدى وقد استقبله والدي.. بسرعة البرق اخرج طريق الشعب من جيبه أعطاها إياه.. تفضل أبو باسل خذ نسخة من الجريدة التي صدرت من جديد.. لكن هذه المرة مكتوبة ومستنسخة بخط اليد.
بعد عودته لبغداد في نهاية ايلول 980 اعتقل أبو إبراهيم ...وتذكر وتتذكر زوجته أم إبراهيم تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل خروجه من البيت.. تقول: ـ في ذلك اليوم قبل أن يخرج قبل الأطفال جميعهم.. وعند وصوله إلى الباب الخارجي عاد ليقبلهم ثانية.. وبعد وصوله للباب عاد للمرة الثالثة ليقبل الأطفال من جديد.. عندها قلت له: ـ مابك كلها ساعة وتعود.. لكن يبدو انه كان يدرك حجم ما يحيق به من مخاطر محتملاً أنه لن يعود مرة أخرى.... وبالفعل خرج ولم يعد... نصب له كمين واقتيد من إحدى ساحات بغداد الجديدة إلى أقبية النظام السرية... بقي حياً لغاية عام 1982 في تموز صدر قرار عفو لإخراج الآلاف من السجون (باستثناء السياسيين) لحاجة النظام لهم لديمومة عجلة الحرب مع إيران.. يبدو أن احد المفرج عنهم كان أبو إبراهيم قد وثق به مما دفعه إلى أن يحمله رسالة لأهله بأنه مازال على قيد الحياة .. من المؤكد أن أبا إبراهيم قد صمد لغاية تلك الفترة بوجه الجلادين وأنهم لم يستطيعوا أن ينتزعوا منه شيء يقنعهم بأنه على علاقة بالحزب الشيوعي .. بعد وصول الرسالة الشفهية إلى أهله عبر ذلك السجين تسرب الخبر إلى أجهزة الأمن واعتقل من جديد ذلك السجين المطلق سراحه ليحكم عليه بالسجن سنتين ويقول بعض من اقارب ابا ابراهيم ان الشخص هذا ربما كان مرسلا من قبل اجهزة السلطة الامنية عمدا وقد حذرنا حينها اهل الفقيد من ذلك ... بعدها انقطعت أخبار ذلك المناضل الصادق الذي وهب حياته وكرسها من اجل العمال والفلاحين وكل الكادحين . غيب أبو إبراهيم كالآلاف من المناضلين في أقبية السجون والمعتقلات الفاشية لم يعثر على قبره لحد اليوم... لكن ثمة وثيقة صفراء من مخلفات الفاشية قد وثقت اسمه وكنيته بين المعدومين.. أجل غيبه الفاشست.. لكنهم لم يستطيعوا من حني هامته.. وبقي اسود الراعي واسمه الحقيقي "ربن حسين الراعي" قامة شيوعية عمالية صامدة تحنى لها الهامات..
1 الخفيخ منطقة يقع فيها مرقد مقدس بنفس الاسم وكانت مساحات البيادر فيها تتحول لساحات رياضية. 2 الشوبكخ منطقة فيها مرقد مقدس في نفس الاسم وهي كثيفة باشجار الزيتون.
#كفاح_جمعة_كنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب سري للغاية للعقيد للقذافي
-
نوري المالكي لا يستحق أن يكون الوزير الأول!
-
سلمان... يا رحيقَ جبل ٍ امتزج بالخردل السام المحرم!
-
كمين شرقي بيبان
-
صور من ماضي العراق القريب
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|