أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ياسر قطيشات - -الحرية- المظلومة !!















المزيد.....

-الحرية- المظلومة !!


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 23:28
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لعل كلمة حرية هي أكثر الكلمات أو الشعارات شيوعا واستعمالا، الأمر الذي جعلها عرضة للتزييف والتجريد، فأصبحت تعني كل شيء ولا شيء في آن واحد! إلا أننا عندما نتحدث عن الحرية ، فنحن لا نبحث مفهوما مجردا من الزمان والمكان ، بل نبحث مفهوما تستخدمه أو توظفه جماعة بشرية معينة خلال فترة تاريخية محددة .
مفهوم الحرية مرتبط بالإصلاح في النطاق البشري الاجتماعي، بهدف الانطلاق والتطور من أجل حرية التعبير والتأويل والابتكار. إذن يهدف هذا المفهوم إلى استحداث حركة إصلاحية، أو إلغاء قوانين، أو محو عادات أو تقاليد، أو تغيير سلوك أو ممارسات.
وأزمة الحرية المظلومة في العالم العربي المعاصر ، تكاد تكون أو هي بالفعل أم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية التي تمر بها الأمة العربية اليوم ، وربما منذ قرون متتالية، فأزمة حرية الاختيار وأزمة الاستبداد السياسي وأزمة غياب الفكر العربي الواقعي ، وأزمة الضياع التي يعيشها الإنسان العربي ، وأزمة سيطرة الآخر (الغرب) ثقافياً وحضارياً على فكر ومقدرات وثروات هذه الأمة ، وأزمة غياب الرأي الآخر ، وأزمة الإذلال والهوان الذي أصاب الأمة ... الخ ، لم تكن لتحدث في تاريخ الأمة العربية لولا الأزمة الحقيقية التي بدأت بتهوان العالم العربي "فكراً وممارسة" في تطبيق الديمقراطية والحرية بكل معانيها السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، وعلى مختلف مستوياتها الفردية والنخبوية والجماعية.
وتشهد المنطقة العربية، منذ نشوء الكيانات السياسية الوطنية المستقلة في منتصف القرن الماضي ، أرقاما غير مسبوقة في قمع الحريات والاعتقالات ، وانتهاك الضمانات القانونية للمجردين من حريتهم ، وتعريض الكثير منهم للتعذيب وسوء المعاملة ، ولمحاكمات غير عادلة.
وتعاني النساء بشكل عام من عدم المساواة ومن التمييز ضدهن في القانون وفي الواقع. ولا زالت أرقام الأمية الهجائية مرتفعة في العديد من البلدان العربية. وهناك تنصل مستمر من حقوق الإنسان بذريعة الخصوصية. ويسمح بالظاهرة الحزبية في أربعة عشر بلدا عربيا فقط. والانتخابات لا تكون في أغلبها إلا شكلية. وهناك تركيز متزايد للسلطة في الجهاز التنفيذي ، وتعتبر أجهزة المخابرات هي الآلية الأهم في تعزيز سلطة ذلك الجهاز.
وفي غياب شرعية تستمد من إرادة الأغلبية ، لجأت معظم الأنظمة العربية إلى الاستناد إلى شرعيات تقليدية أو ثورية أو أبوية تدعي الوصاية على المجتمع بحكمة "رب العائلة" ، وفي مقابل المنع القاطع للتنظيمات الحزبية ، هناك دول عربية أخرى تسمح بتعدد حزبي مشروط ؛ وأول الشروط حظر أهم وأقوى حزب معارض.
كما أن أزمة الحرية المظلومة في الوطن العربي تبدو واضحة في طغيان العصبية في المجتمعات العربية وضعف البنى المؤسسية. وكل مظاهر الفساد والتعصب بالتربية والتعليم السائدين في البلدان العربية ؛ فما أن يدخل الطفل المدرسة حتى يجد مؤسسة تعليمية لا تعتمد إلا نزعة التلقي والخضوع التي لا تسمح بالحوار الحر ، والتعليم الاستكشافي ولا تفتح الباب لحرية التفكير والنقد ، بل تضعف القدرة على المخالفة وتجاوز الراهن ، ويتركز دورها المجتمعي في إعادة إنتاج التسلط في المجتمعات العربية .
ويرى تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004 أن الأمة العربية تحتل الصفوف المتأخرة مقارنة مع باقي الأمم ، سواء فيما يرتبط بالمعرفة أو الحريات العامة أو حقوق المرأة ، والسبب -حسب التقرير- هو فقدان قيمة الحرية التي تعتبر المدخل الأول للتنمية الإنسانية بكافة أشكالها .
فغياب الحرية المظلومة جعل المنطقة العربية في المرتبة الأخيرة وفق ترتيب لجميع مناطق العالم على أساس حرية التمثيل والمساءلة، وجعل المرأة العربية من خلال المشاركة السياسية والاقتصادية الأكثر تدنياً في العالم. فما زالت المرأة العربية تحتل (5,3%) فقط من مقاعد البرلمانات في الدول العربية مقارنة بحوالي (11%) في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء و (12%) في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
كما أن غياب الحرية المظلومة سبباً في خلخلة النظام التعليمي ، وأدى إلى نقص المعرفة الذي نجم عنه اتساع الفجوة الرقمية بين البلدان العربية والعالم المتقدم ،وكذلك أدى إلى ضعف الاقتصاد وازدياد معدلات الفقر .
ولإقامة حرية سياسية فاعلة في الوطن العربي ترقى لمواجهة المشكلات السياسية التي يعاني منها العالم العربي اليوم ، يجب بناء تلك الحرية من خلال بنى وعمليات اجتماعية تفضي إليها وتصونها ، وتضمن اطرادها وترقيتها. وتتلخص هذه البنى والعمليات في نسق الحكم الصالح الذي من أهم مقوماته :
1. صون الحرية بما يضمن توسيع خيارات الناس .
2. الارتكاز على المشاركة الشعبية الفعالة مع تمثيل شامل لعموم الناس .
3. الاعتماد على حكم المؤسسات بدل التسلط الفردي .
4. سيادة القانون المنصف والحامي للحرية على الجميع دون استثناء .
5. إيجاد قضاء كفء ونزيه ومستقل .
ومن ناحية أخرى ، فان تحقيق الحرية الاقتصادية يؤدي إلى تغييرات ونتائج ايجابية جمة في معدلات النمو ومسارات التنمية والاستثمار والإنتاج ودخل الفرد والاستثمار الأجنبي وغيرها. كما أيضا لها تأثير ايجابي في توزيع الدخول والتعليم والبحث والتطوير والرفاه الاقتصادي وتحقيق المساواة الاقتصادية بين الأفراد. ولهذا ربطت نتائج كل الدراسات بين الحرية الاقتصادية والانجازات الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق تبعاً لذلك، خصوصاً فيما يتعلق بالنمو.
ولا يمكن التقليل من أهمية الحرية الثقافية في تحقيق النجاحات أو الإخفاقات الحاصلة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فحرية الثقافة هي بداية الطريق الصحيح للتنمية الإنسانية . وأعتقد أن الشراكة بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في هذا المجال هي من البدائل الحديثة المطروحة لتحقيق التنمية والحد من الفقر ، وهذا لا يتأتى إلا من خلال حرية مسئولة وثقة متبادلة بين الحكومات العربية والمنظمات المدنية المحلية .
والحقيقة أن حرية الفرد لا يمكن أن تزدهر وتترسخ في المجتمع العربي في غياب توافر فرص العمل العديدة في شتى الميادين، وهي التي تمكّن الإنسان من العطاء والإبداع في ظروف العيش الكريم التي توفرها تدريجياً عملية التغيير الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن الدخول في نهضة علمية وتقنية شاملة.
إن تفعيل وتطبيق الحرية المظلومة في الوطن العربي في مجال السياسة تضمن حرية الفكر والرأي وتحصّن الحقوق ، وفي المجال الاجتماعي تحفظ الأسرة من التفكك وفي المجال الاقتصادي تضمن نجاح المشروعات ونماء الاقتصاد وتحقيق الكفايات ... وكذلك في التربية والعلوم وكل المجالات التي تعيشها الأمّة العربية.
وان أرادت الدول العربية أن تواجه أزمة الحرية المظلومة التي تدق ناقوس الخطر بشكل دائم، فما عليها سوى الوصول إلى التنمية الشاملة من خلال المعرفة والحكم الصالح وتمكين المرأة ، والأهم التصدي لكل البنى السياسية والاجتماعية التي تحول دون تحقق طموح الإنسان العربي في الحرية والتغيير والاصلاح .



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديغول فرنسا يرحل وزعماء العرب باقون حتى القيامة !!
- التحديات التي تواجه بناء دبلوماسية عربية موحدة
- المشهد الأخير للقومية: أزمة الدولة العربية
- التجربة الديمقراطية في البحرين (4)
- سمات الدولة العربية وعلاقات التعاون والنزاع
- التجربة الديمقراطية في البحرين (3)
- حقيقة معمر القذافي: سيرته وشخصيته وأكاذيبه !!
- التجربة الديمقراطية في البحرين (2)
- التجربة الديمقراطية في البحرين (1)
- جماهيرية -الهلوسة- والزحف المقدس
- معمّر القذافي: جنون العظمة وكاريزما معقدة
- أسطورة القذافي -الآلهة- تدفع ليبيا نحو الهاوية !!
- -الضربة الاستباقية- كاستراتيجية جديدة في العلاقات الدولية
- المشهد السياسي الاردني: الاصلاح بين أزمات مركبة وملفات شائكة
- تسونامي الثورات الشعبية ودولة -الثقب الأسود- العربية
- المصلحة العربية بين القطرية والقومية
- ردا على المشككين: الأردن محصّن بشرعية النظام والاستقرار
- إلى أين يسير الأردن ؟!!
- لم ينتهي الدرس -يا غبي- !!
- أزمة الحرية وجدلية التنمية والتغيير في الوطن العربي


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ياسر قطيشات - -الحرية- المظلومة !!