باقر جاسم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 985 - 2004 / 10 / 13 - 09:15
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
كنت أراقب عن كثب مسألة الإنتخابات الرئاسية الأفغانية و ما أكتنفها من تعقيدات و تأجيل لمرتين . و قد لاحظ المهتمون أن هده الإنتخابات قد راهنت عليها القوى اليمقراطية المؤمنة بالسلام الإجتماعي و الحكومة الحالية و قد دعمت هده القوى الشعبية الواسعة قوى دولية مختلفة فضلا عن دعم الأمم المتحدة لإجرائها معتبرة أن الإنتخابات ستؤدي الى إضفاء الشرعية لمن سيتم إنتخابه و هدا سيكون بداية مرحلة جديدة تمكن الحكومة من إنجاز برامجها في المجالات الآتية :
1. مهمات البناء السياسي و الأقتصادي و الاجتماعي،
2.مهمات بناء مؤسسات الدولة و بسط سيطرتها على البلاد،
3.مهمات ترسيخ مكانة أفغانستان في المجتمع الإقليمي و الدولي.
كانت هده هي مراهنة قوى الشعب الأفغاني و المجتمع الدولي، أما مراهنة قوى فقهاء الظلام و أمراء الحرب ممثلين في بقايا طالبان و القاعدة وأتباع حكمتيار فقد راهنت على إفشال الإنتخابات و ضرب و تهديد القائمين عليها أو الدين سيقومون بالإشتراك فيها و قد توجوا تهديداتهم بخطف بعض الموظفات اللائي يعملن في التهيئة للإنتخابات ، و كانت قوى الظلام ترجو من مما قامت به منع الشعب الأفغاني من ممارسة حقه الطبيعي في إنتخاب رئيس للدولة ؛ فكيف كانت نتيجة هاتين المراهنتين؟ كان أمام الشعب خياران : الأول الأنصياع للإبتزاز السياسي والتهديد الإجرامي و الثاني رفض منطق الإبتزاز و الإسهام بفاعلية في صوغ مستقبل البلاد. و هنا أود الإشارة الى أن الحكومة الإفغانية ليست لها القدرة على إجبار الناس على الإسهام في الإنتخابات لإسباب يعرفها الجميع و بناء عليه يمكن إعتبار الإسهام من عدمه مؤشرا له دلالة تتجاوز عملية التصويت لهدا المرشح أو داك الى
رفض التهديدات و الإبزاز و أعمال الخطف فلقد أدرك الأفغان أن المشاركة الفاعلة هي خيار حياة و بداية سليمة لبناء أفغانستان جديدة .
من الدلائل الإيجابية للإنتخابات الأفغانية تلك المشاركة الواسعة للنساء الأفغانيات اللائي كن من المحجبات و من مرتديات النقاب أي من الملتزمات دينيا؛ و لكن التزامهن الديني لم يمنعهن من الموقف الإيجابي الدي يفصح عن رفضهم للوصاية على أرواح الناس و عقولهم التي مارستها طالبان طويلا. و أجد أن دلالة ما قامت به المرأة الأفغانية يتجاوز في آثره اللاحق و مغزاه العميق كل ما قلته هنا ليصل الى درجة إعلان الإفتراق النهائي بين الممارسة الدينية للفرد و السلوك السياسي . فالوصاية التي يوهم رجال الدين من فقهاء التكفير الناس أنها منوطة بما يرسمونه لهم من سلوك سياسي لم تعد مقبولة و ضربت في الصميم مما يبشر ببزوغ محلة جديدة من رفض تدخل الدين في السياسة و من قبل ناس متدينين.
بقي أن نقول أن إنعكاسات الإنتخابات الإفغانية ستكون إيجابية و مباشرة على الإنتخابات العراقية المأمولة في المستقبل القريب. و عسى أن يفقه أبناء شعبنا الدرس الإفغاني جيدا.
#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟