|
العام والخاص في ثورة التحرر العربي
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3297 - 2011 / 3 / 6 - 20:11
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
كان طموح محمد علي ، في القرن التاسع عشر ، بإقامة إمبراطورية عربية تضم مصر والسودان وبلاد الشام ، مما أفزع الدول الأوربية ، فتحركت لنصرة الدولة العثمانية التي خرج عليها والي مصر ، فاعيد إلى مصر واحتلتها بريطانيا فيما بعد ،ثم طمح الشريف حسين والي مكة بالإمبراطورية العربية بتشجيع بريطانيا مطلع القرن العشرين ، وتحرك للتخلص من العثمانيين فكان إن انقلبت عليه بريطانيا وفرنسا بعد انتهاء الحرب، باتفاقية ( سايكس بيكو ) وخسر ملكه، وتم تقسيم تلك الإمبراطورية إلى بلدان بعناوين مختلفة ، وتنصيب ملوك ورؤساء عليها ، وإنشاء كيانات لم تكن قائمة ، وتشجيع ( الخاص )والنزعات القبائلية بتلك البلدان ، وبالتزامن مع انتهاء الانتداب البريطاني إقامة إسرائيل عام 1948 . كان المسمى السياسي لهذه المنطقة ، وحسب الجغرافيا ( الشرق الأدنى ) وقد أنشئت بريطانيا إذاعة لهذه المنطقة بهذا الاسم ، وكانت الرؤية الاستعمارية يومها ، تقاسم ثروات المنطقة ، خاصة مع بوادر استخراج النفط من المنطقة الغنية به ، وتجزئته كضمان للسيطرة ، وتسهيلاً للاحتواء ، وإقامة سلسلة من القواعد العسكرية ، إضافة إلى إقامة كيان سياسي مسلح في وسط الشرق الأدنى ( إسرائيل ) لضمان صعوبة أو عدم توحده في حال حدوث اية متغيرات ( جيوسياسية ) . وعلى هذه القاعدة ، تم تنظيم المنطقة ، وإقامة حكومات ضعيفة ، ومن جانبها ولضمان استقرارها ، إقامة هذه الكيانات أنظمتها على أسس دكتاتورية ، ومنعت وقمعت حركات التحرر ، وحرية الرأي والتعبير ، وتحالفت مع المعسكر الامبريالي ، الذي انتقلت قيادته في الخمسينيات من القرن الماضي إلى أميركا ، الإمبراطورية الامبريالية الصاعدة ، والتي ساعدت وسعت لإدخال المنطقة ضمن سياسية الحرب الباردة ، مع محاولات تحالفها مع إسرائيل ،مثل مشروع ايزنهاور او حلف بغداد، أو على الأقل إن لا تكون إسرائيل ، أولوية لها في عقيدتها السياسية، ومع نهوض حركة التحرر العربي في منتصف الخمسينيات و أوائل الستينات ، وقيادة عبد الناصر طليعة لها ، تحركت تلك الأنظمة ،معادية لها ولضربها ،بإيعاز أميركي ، ثم جاءت هزيمة عام 67 ، المدعومة أميركيا بل وبهندستها ، لتغيب حركة التحرر ، رغم نهوض حركة المقاومة الفلسطينية ، لكنها لم تستطع إن تكون رأس حربة لحركة التحرر ، بفعل التصاقها بالأنظمة العربية ورفع شعار ( عدم تدخل في الشؤون الداخلية ) مما حولها إلى ( قطاع خاص )و مع انتعاش الخاص في البلدان العربية ،وضاعت القضية العامة سواء الوحدة العربية ، أو باسترداد الأراضي العربية المغتصبة من فلسطين الى الأهواز والى الاسكندرون ، وتردت مفاهيم القومية العربية وحركة التحرر ، مما أنعش الفكر السلفي الديني ، الذي اعتماد مفهوم ( الإسلام هو الحل ) ، فأهدر العام العربي ولعله غاب بالديني الذي تشظى حتى افرز حركات أصولية مغتربة عن الواقع ، اتخذت من العنف وحتى الإرهاب سبيلا ، وتراجعت الحريات وازداد القمع والاضطهاد، في كافة البلدان العربية التي تحول قادتها إلى ملوك دون حاجة الى مسميات ملكية بالاستمرار والتوريث ، فاغتربت الشعوب في أوطانها وضاقت الأرض بما رحبت . ومع نهاية القرن الماضي ، غيرت الامبريالية عقيدتها السياسية ، يشجعها خروج الاتحاد السوفيتي ، وطرحت نهج العولمة ، والشرق الأوسط الجديد ، والغي تعبير الشرق الأدنى ، الى الجديد ، بمعنى شموله أفغانستان وباكستان ، وضمنها بالطبع إسرائيل ، وبدء العمل على إعادة صيغة تلك المنطقة وتقسيمها الى اثنيات وطوائف ، لتسهيل عملية الاحتواء والهيمنة ، وهنا نذكر ان الرئيس الإسرائيلي ( شيمون بيرس ) كان اصدر كتاب يحمل عنوان / شرق أوسط جديد / تحدث فيه عن اقتصاديات المنطقة وتطويرها ورفع مستوى معيشة شعوبها ، تحت مسميات / مرحلة السلام / بالطبع دون الالتزام بإقامة دولة فلسطينية ولكن مع القول (jont vencher) ( الاستثمارات المشتركة ) ، وفي تلاقي مع خطابات جورج بوش في حينها ، ليعبر عن طبيعة الاستعدادات لإعادة رسم خريطة المنطقة سياسياً واقتصادياً . وانتفضت الشعوب العربية ، على حكامها فأرسلتهم إلى الجحيم ، وأفسدت على المتآمرين مخططاتهم ، وإعادة للأمة العربية هيبتها ولحركة التحرر العربية مسارها ، وهذا ما يفسر تخبط الولايات المتحدة وحلفائها خاصة التصريح الأخير ( لاوباما ) والقائل إن ما يجري قد يكون مفيداً !! إلا انه لا يعني بالضرورة استسلامهم ، وسيبدؤون بإعادة رسم مخططاتهم ، وهذا ما دفع ( نتنياهو ) رئيس وزراء إسرائيل إلى الإعلان عن ( مبادرة سلام ) سيعلنها في أميركا التي كان مستوجب زيارتها خلال شهر أيار ، وطلب تعديلها الى نهاية آذار 2011، وبذلك فان ثورة الشباب العربي لم يسقط أنظمة التخلف والقمع ، بل اسقط معها الرؤية الأمريكية الاسرائيلة وتحالفاتها . معروف تماماً إن الثورة تشكل تطهيراً / و تأثيرا ابعد من حدودها الجغرافية ،والثورات الشعبية الجارية سواء السلمية أو المسلحة ستعيد صياغة المنطقة ، وتصويب الوضع الذي فرض عليها خلال قرن من الزمن ، وتعيد بناء العالم العربي ومؤكدة / أن الثورة هي الحل / لكل قضايا الوطن والشعب ، وان سلطة الشعب أصبحت حقيقة قائمة ، ولن يعد ممكنا العودة بالتاريخ إلى الخلف وهي رسالة إلى كافة حركات التحرر العربي ، والتي تكلست مع الزمن ، وتجاورنها الثورة ، عليها حل تنظيماتها وإعادة بناء أحزاب ونظم متوافقة مع الزمن والمرحلة ، وعلى الامبريالية وإسرائيل إن تدرك إن زمن التآمر والتخويف انتهى وعليها الإقرار بالواقع والخضوع له ، ليس على طريقة خطاب ( اوباما ) بالقاهرة الذي اتضح نفاقه ، بل عليها إدراك حقائق العصر أولها إن العولمة سقطت ، وسياسية القطب الواحد فشلت ، وان العالم يتحرك دائما إلى الأفضل، وان العام العربي سيتحقق .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة حركة تغير في التاريخ
-
كل السلطة للشعب
-
زمن الثورة وزمن هزيمة الردة
-
عاشت ثورة الشعب التونسي البطل
-
تحية للشعب التونسي
-
لمصلحة من يذبح المسيحين
-
تحية لعمال سيدي بو زيد
-
عيد الميلاد وفهم الاخر
-
هجرة المسيحين او الغربة الوطنية
-
الثورة هي الحل
-
الفضائية حالة نضالية متقدمة
-
مراجعات نقدية
-
الانغلاق الفكري الديني
-
ثقافة الفكر السلفي العصبوي
-
الراهن الفلسطيني والخيارات
-
حول منع العمل واستهلاك منتج المستوطنات
-
لا زالت الطبقة العاملة قاطرة التاريخ
-
المفاوضات والمرحلة الراهنة
-
المفاوضات والاستيطان
-
الحركةالنقابية الفلسطينية تاريخ واقع افاق
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|