عبد الرحيم الراشدي
الحوار المتمدن-العدد: 3297 - 2011 / 3 / 6 - 19:17
المحور:
الادب والفن
في زمن الضجر
تفر الأصابع من يديها ،
و تهرب البسمة من شفتيها،
و رائحة من نحب تفر من خياشيمنا.
ترحل عنا الأحاسيس و الروائح الجميلة،
و نحن ننتظر،
عسى أن تعاد إلينا
أصابعنا،
شفاهنا ،
أنوفنا ،
ذاكرتنا البصرية و الشمية.
من يعيد إلينا طفولتنا،
فرحنا،
أحباءنا الذين رحلوا عنا.
إلى متى نخجل من أشيائنا،
من أنفسنا،
إلى متى تهجرنا ذكرياتنا،
وتفر منا خطانا.
تستنكرنا وجوهنا،
و تفر منا جدران البيت و المقهى.
تطمرنا جدران المكاتب،
تلفنا الدروب بحبالها،
تهجرنا التلقائية،
و تنسانا العفوية،
و تضيع حميمية الأشياء منا.
مسحوقون نحن تحت ضغط الحياة،
مسحوقون تحت ضغط الأشياء،
هش كياننا،
شفاف، عار
من كل شيء.
عار،
إلا من لحظة عابرة،
حلم قادم،
أيام سعيدة،
قد لا نذكر ألوانها.
موسيقى، أنغام
لذيذة.
رائحة خبز، و بن، و شاي.
رائحة تراب، و حرث، وزرع.
من يعيد إلينا
أشيائنا المفتقدة،
أحلامنا السابحة،
في وهم السراب.
صبانا الذابل،
في صدورنا،
القابع في نفوسنا،
المكبوت في أحشائنا،
يولي، يعود
كطيف بعيد، بعيد
أسف يجترنا عند الوداع،
و عند اللقى،
نلوك الأسى.
آه. ضجر، ضجر.
تبرم، و سأم.
و سويعات فرحنا القديم،
تمضي مهرولة عجلى.
أيامنا:
ثكلى،
إلا من فرح قليل ،
آه.
ضجر، ضجر
مخيم،
مقيم،
ثقيل.
في زمن الضجر
تصير السلحفاة
سيدة الوقت،
و تمسي الحلزون
احكم الحكماء،
سيدة الشعراء،
و منظّر لعبة
الانطواء.
في زمن الضجر
تتوقف أعضاءنا
عن أن تكون.
يقتلنا الصمت و السكون،
و نذوب، نذوب
مثل ضباب قد يزول،
أو لا يزول.
عبد الرحيم الراشدي
#عبد_الرحيم_الراشدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟