أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - القذافي الخَطِر!














المزيد.....

القذافي الخَطِر!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3297 - 2011 / 3 / 6 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حكم القذافي يَصْلُح تعريفاً لحكم الفرد الخالص، المطلق، الذي لا يبقي لغيره ولو نزراً يسيراً من السلطة، فإنَّ الدكتاتور المثالي لا يميل إلاَّ إلى الألقاب التي يمكن أنْ تتَّسِع لـ "عَظَمَتِه" التي لا يراها سواه، فمناصب من قبيل "رئيس الجمهورية (أو الدولة)" هي أضْيَق، وأضْيَق كثيراً، من أنْ تتَّسِع له.

وهذا الذي يسمُّونه "جنون العَظَمَة" هو خاصية (شخصية وسلوكية) جوهرية لكل حاكم فردي نال، بالاغتصاب والسطو والإكراه بصوره كافة، من السلطة (الفعلية الحقيقية) ما نمَّا لديه الإحساس بأنْ لا شيء في بلاده، كَبُر أم صَغُر، يمكن أن يحدث إذا لم يُرِدْ له الحدوث، فهو الحاكم الذي ليس كمثله حاكم؛ أمَّا أمْرُه فيوشِك أنْ يكون كذاك الذي بين "الكاف" و"النون". وفي الشِّعْر صُوَّر هذا الحاكم الذي من شاكلة القذافي خير تصوير في قول أحد شعراء السلاطين: ما شِئْتَ لا ما شاءت الأقدار، فاحكم فأنتَ الواحد القهَّار!

إنَّ الله؛ ولأنَّه الله، ليس كمثله شيء، فهو لا يشبه أي شيء نَعْرِف، أو يمكن أنْ نَعْرِف؛ وليس من شيء نَعْرِف، أو يمكن أنْ نَعْرِف، يشبه الله. والدكتاتور المثالي، الخالص، كالعقيد معمر القذافي، امتلك من "جنون العَظَمَة" ما جعله قاب قوسين أو أدنى من تأليه نفسه؛ فهو الذي أوحى إلى جمهوره الضئيل في تلك الخيمة أنْ يهتفوا "الله ومعمَّر لا غير"؛ فكيف لدكتاتور كهذا أنْ يَقْبَل أنْ يُوْصَف بأنَّه "رئيس"؟!

و"جنون العَظَمَة" هو ما يجعل صاحبه، أي القذافي، في سعيٍ دائم إلى أنْ يُثْبِت بالقول والفعل والتصرُّف والسلوك أنَّه نسيج وحده؛ وإنَّني لأجزم بأنَّ القذافي يستنفد وقته وجهده، كل يوم، في إجابة سؤال واحد لا غير يستبد بتفكيره، هو: ما الذي يمكنني الإتيان به من قول أو عمل أو تصرُّف أو سلوك يُفاجئ الناس جميعاً، ويتعذَّر، إنْ لم يستحِلْ، عليهم توقُّعه؛ لأنَّ فيه خروجاً تاماً عن المألوف والمعتاد؟

وفي هذه الطريقة فحسب ينال القذافي مزيداً من الشهرة الإعلامية، ويجعل الناس يعرفون ليبيا من خلاله؛ فهو لا يملك شيئاً من مقوِّمات القيادة الحقيقية، فيضطَّر، من ثمَّ، إلى أنْ يختلف، وأنْ يُظْهِر اختلافاً، في أمور شكلية، فيَقِل المُعْجَبون، إنْ وُجِدوا، ويَكْثُر المتعجِّبون.

لكنَّ القذافي يعرف خيراً من سواه "حقيقته القيادية"، ويعرف أيضاً أنَّ "الكتاب الأخضر" لا يكسبه شيئاً من النفوذ في ليبيا، أو في خارجها، وأنَّ قارئ هذا الكتاب، ولو كان قليل الذكاء والثقافة، لن يجد فيه إلاَّ ما يَصْلُح سبباً للهزء والسخرية منه، ومن صاحبه.

والقذافي يعلم علم اليقين أنَّ حكم ليبيا لن يدوم له إلاَّ بإحكام قبضته هو (وأبناؤه وفئة ضئيلة من الموالين له والذين يثق بهم ثقة مطلقة) على مصادر السلطة الفعلية والحقيقية، وهي النفط، وعائدات تصديره، و"الكتائب الأمنية".

إنَّه يستعمل النفط، مع عائداته التي يُحوِّل قسماً كبيراً منها إلى ثروات شخصية (في الخارج) له ولعائلته، في شراء تأييد الغرب له ولبقائه في الحكم، أو في شراء سكوته عمَّا يأتي به من أفعال يجب عدم السكوت عنها؛ ولقد قال صراحة في خطاب له بعد تفجُّر ثورة السابع عشر من فبراير "إنَّني دَفَعْتُ ثمن بقائي هنا".

القذافي الآن في منتهى الخطورة؛ إنَّه الطاغية المحاصَر بشعب يمقته، وثائر عليه؛ وقد استطاع بفضل ثورته وانضمام جزء كبير من الجيش إليه تحرير الجزء الأكبر من ليبيا، والسيطرة على النفط، حقولاً وآباراً وأنابيب وموانئ.

والقذافي (مع أبنائه وقِلَّة من الموالين له حتى الموت) ما عاد قادراً على الإفلات من المحكمة الجنائية الدولية، ويزداد عجزاً عن التصرُّف بقسم كبير من ثروته الشخصية الهائلة والموجودة في الغرب.

ولدى القذافي الآن، في صراعه ضدَّ شعبه الأعزل والثائر عليه، من الدوافع والقوى والأسلحة ما يجعله مستسهلاً لارتكاب مجازر في حق شعبه، فنجاته ما عادت باحتمال واقعي، و"الكتائب الأمنية" مستخذية تماماً لمشيئته وأوامره، ومستودع المرتزقة الأجانب في متناوله، وأموال طائلة يستعملها لشراء الولاء والتأييد له ما زالت بين يديه، كما أنَّ شيئاً من الولاء القبلي ما زال متاحاً له.

وهذا الواقع الفريد للصراع بين الشعب والطاغية يتحدَّى الآن المجتمع الدولي أن يجيب عن السؤال الآتي: ما الذي يمكن أنْ يفعله المجتمع الدولي، وينبغي له فعله، لإثبات وتأكيد أنَّ هذا المجتمع لا يسمح، ولن يسمح، من الآن وصاعداً، لأيِّ دكتاتور بأنْ يرتكب مجازر في حق شعبه الأعزل الثائر عليه؟

إنَّ على المجتمع الدولي، ممثَّلاً في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، أنْ يقرِّر فعل كل ما من شأنه إنهاء قدرة الدكتاتور القذافي على ارتكاب المجازر في حقِّ شعبه الأعزل على ألاَّ يشمل هذا التدخُّل الدولي (الذي قرَّرته الأمم المتحدة، وطلبه الشعب الليبي عبر ممثليه وقادة ثورته) وجوداً عسكرياً أجنبياً (دولياً) على الأراضي الليبية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْغوا عقولكم حتى تصدِّقوهم!
- كما أصبحنا يجب أنْ يُولَّى علينا!
- الدستور!
- حصانة دولية للثورات العربية!
- مصر.. أكثر من -انتفاضة- وأقل من -ثورة-!
- الطاغية المُطْلَق!
- البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر!
- -نصف انقلاب-.. و-نصف ثورة-!
- شباب اكتشفوا الطريق.. واخترعوا الوسيلة!
- -الثورة الناقصة- هي الطريق إلى -الثورة المضادة-!
- انتصرنا!
- لِنَعُدْ إلى جريمة -كنيسة القديسين-!
- سِرُّ -الجمهورية شبه المَلَكِيَّة-!
- لولا مخافة الشرك بالله لأمَرْتُ مفتي السعودية أنْ يسجد للصبي ...
- لِتَحْذَر الثورة -الحل البونابرتي- و-لصوص الثورات-!
- أمْران لا بدَّ من توضيحهما!
- ما رأي الطبِّ النفسي في الخطاب وصاحبه؟!
- من حقِّه أنْ يُخْلَع لا أنْ يَرْحَل!
- نصفه فرعون ونصفه نيرون!
- قصة موت غير مُعْلَن!


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - القذافي الخَطِر!