|
عندما يرتفع سعر البيض..تبيض الديوك.
كمال احمد هماش
الحوار المتمدن-العدد: 3297 - 2011 / 3 / 6 - 12:05
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لن نتساءل عن السر الذي يجمع انظمة الاعتدال والتبعية للولايات المتحدة مع انظمة وحركات تعتبر اميركا الشيطان الاكبر،في مواقفها الداعمة لثورات الشعوب في بعض الاقطار العربية ،بينما يقوم هؤلاء بصناعة المجازر ضد من يرفع رأسه في وجه النظام في هذه الاقطار. كما لا يجوز التساؤل او الاستغراب من قدرة حركة احتجاجية على اسقاط طائرات ،طالما ان جيش الدولة تتم تسميته بميليشيات تواجه قوات الثورة، حيث ان مصطلحات الخطاب التي يصوغها الناطق الرسمي باسم البيت الابض يتم تبنيها من طهران الى تطوان ، ومن الجزيرة الى العربية التي انفصل اسمها عن تعبيراتها منذ زمن،،في غرائبية تجعل من العقيد القذافي وكأنه من يتصدى للولايات المتحدة. ان التسرع في الحكم والاعتقاد بان هذه التساؤلات ان تمت فانما تصب دفاعا عن القذافي، ليس تهورا فحسب وانما سذاجة وامعانا في التضليل لمن تسول له نفسه بذلك، حيث ان العقيد جزءا اصيلا من منظومة عقداء وامراء تسنمت رقاب العباد في مرحلة ما بعد الاستعمار العسكري التي لا يمكن وصفها بالاستقلال الذي دأب التاريخ المزور على وسمه بذلك. كما ان التسلح باتهام الدعوة لقراءة ما يجري بانها قراءات تتستند الى نظرية المؤامرة،يعتبر اختزالا للمجموع المعرفي التراكمي الذي يفترض ان النخبة الفلسطينية والعربية اليسارية بالتحديد قد امتلكته سابقا عبر قدرتها على التحليل المادي للتاريخ واسناد الصراع ،على المصفوفة الطبقية في هذا المجتمع او ذاك والتي تؤهل المجتمعات الاوروبية للثورات بقدر ما تؤهل مجتمعات العالم الثالث،. ان وحشية العولمة وتداعياتها في المجتمعات الاكثر تطورا يوازيها المغالاة في استعباد الشعوب وامتلاك السلطة وليس ممارستها من جانب عائلات وطوائف واحزاب الحكم في الاقطار العربية تحديدة والعالم الثالث عنموما. حيث وصل الامر الى قياتم البرلمان الديمقراطي الفرنسي باقرار رزمة قانون التقاعد بوجود ملايين المتظاهرين في الشوارع في ذات اللحظة،ودونما دعوة خارجية واحدة للحكومة الفرنسية بالتراجع عن اجراءاتها. اما ان يعتقد البعض بنهاية التاريخ في النموذج الاقتصادي الاجتماعي للدول الرأسمالية لمجرد انها دول مانحة لهذه المؤسسة او ذاك الحزب او تلك السلطة ،فلا شك بان ذلك ضرب من بيع الاوطان بالمفرق ،واختيار اله جديد لعبادته ، واستبدال تقديس الحكام بتقديس الدولة المانحة. فالقراءة المتأنية لاطروحة صمويل هنتنغتون عام 1992 والتي تتحدث عن صدام الحضارات ،الى جانب ما كتبه نيكسون عام 1982 (نصر بلا حرب)، لم تكون موضوعات تنظيرية انشائية للمتعة الذهنية او ضربا من التوقعات والتحاليل،بقدر ما كانت خططا لرجال هم اما في موقع الحكم المباشر وبالتالي فان رغباتهم خطط، او انهم كانو جزءا من –مستودعات التفكير والتخطيط – لادارة الحكم . وحاضر اليوم هو مستقبل الامس الذي عالجته هذه الكتابات من منطلق علم المستقبليات، الي انهمك في حينه في البحث عن عدو جديد للامبريالية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، متوصلا الى ضرورة صياغة الخصم قبل نشأته التلقائية والمعتمدة على جذوره ومقدراته الذاتية،وبحيث يمتلك الصلابة والقدرة على مجابهة قصة –أمركة العالم- وسيادة الحضارة الغربية،في سياق التحول في مرجعيات الصراع من الايدولوجيات الى الثقافات. ان تصوير الشرارة التي اطلقت حركات احتجاجية في تونس ومصر بانها بحثا عن الديمقراطية فحسب، يرد عليه الشهيد بوعزيزي الذي تقبل ان يكون من الطبقة المسحوق بعمله كبائع متجول رغم تاهيله الجامعي ،وذلك من منطلق-امشي الحيط وقول يا رب الستيرة ،ولكنه اكتشف في اول معاكسة له مع النظام وممثليه الفاسدين، بأن هذا الرضى المقنع غير كاف للتعبير عن العبودية للنظام ،فكان ما كان. ان ثورة الكرامة الانسانية شيئ اراد به بوعزيزي ان يؤكد حقه في تعبه اليومي ودونما تقديم رشوة تحوله الى أجير عند شرطي او مسؤول حكومي، بينما الديمقراطية الليبرالية الباريسية لم تستطع التنصل من دورها كخادم للرأسمالية الحاكمة والمتغولة في فرنسا ، فخدمت هذه الديمقراطية متطلبات الرأسماليين بتمديد فترة العبودية المأجورة من جهة ،لتكشر عن عنصريتها تجاه الاخر باعتبار القانون موجها اصلا لتقليص فرص العمل التي تحفز المهاجرين للذهاب الى فرنسا. ان للشعوب العربية وغيرها حقا بالثورة ضد كل اشكال الحط والاهانة للكرامة الانسانية التي تبتدئ من غياب العدالة الاجتماعية التي ترتكز الى عدالة توزيع الثروة ، في بلدان تملكها عائلات وقبائل قرابية او رأسمالية، لتعيد هذه الثورات ارساء ضمانات المساواة في المجتمع . ولكن الذهاب بشعارات هذه الثورات نحو خدمة سياسات الليبرالية الجديدة ،لن يغير من واقع هذه المجتمعات سوى انها ستمتلك حرية الجوع والفقر ، التي ستضع الارواح المتمردة والرافضة بين خياري الجريمة المتفشية في الغرب، او الاستمرار في انتاج فائض القيمة لزيادة نضارة الوجه البشع للعولمة الاقتصادية. وقد يكون محقا القارئ القائل بان سيطرة النزعة الاقتصادوية على التحليل تخرجه من مسار الموضوعية ، ارتباطا بالجدل الاجتماعي السياسي الثقافي، ولكن الفهم ان البنى الاجتماعية والسياسية التي ترتكز اليها النظم السياسية في الاقطار العربية عموما ،انما تحمل مورثات اسيادها الاستعماريين التطورية بما يبقيها ضمن حيز السيطرة والتبعية. ان اخطر حادثة مر بها الوطن العربي في الاشهر الاخيرة ،لم تكن ثورة تونس الخضراء ولا انتفاضة ميدان التحرير ،وانما تقسيم السودان بقرار سيادي اسلامي ثوري،وفق الاتجاه الرئيس للسياسات الغربية، والتي تجاهلتها وسائل الاعلام العربية الهامة وهمشتها لصالح ،دعم هذه الوسائل الديمقراطية جدا للمطالب الديمقراطية في مصر وتونس كما اسمتها. كما ان ما سبق ذلك من حادثة الانقسام في فلسطين تصبح اكثر قابلية للتفسير مع تشابه السيرورة السياسية والتفصيلية ،بدءا من الحديث عن محاربة الفساد ووصولا الى نهب مقرات السلطات او احراقها ، وبدعم ذات الوسائل الاعلامية،وعجز الانظمة المهيمنة على الشأن الفلسطيني عن فعل شيئ للحفاظ على وحدة الجغرافيا السياسية الفلسطينية، ولا يزال البعض يعتقد بأن التفكيكية منهجا ادبيا من تداعيات العولمة،ولا يمتد الى الجغرافيا والساسة وحتى القيم. ولعل رؤية الاشعاع الايجابي في ثورات الشعوب المطالبة بصيانة كرمتها وحقوقها الاساسية في العيش الحر الكريم، لا يجب ان نراها بعين بعض الساسة التابعين او المثقفين الذين اقتنعوا بان بوابة المجد تفتح عبر توصية لملحق اميركي او بريطاني يرى فيه منظرا للديمقراطية، فيستحق بذلك منصبا مهما في امارة العبيد ، او منحة لمؤسسته الخاوية روحيا وثقافيا . انما يجب رؤية هذه الثورات كبوابة نحو تكاملها عربيا من خلال انخراط القوى الممارسة للكفاح الاجتماعي والتي لا زال بعض جمرها تحت الرماد، والقادرة على تنظيم وبرمجة معطيات هذه الثورات بحكمة لا يمتلكها الفيسبوك ، الذي ستغلقه اميركا في لحظة ما وتوقف الاتصالات عن العالم المعتمد على اقمارها ،اذا ما شعرت باجراس الثورة ،وهي تعيد ثروات الشعوب لها وتحقق بناءا حضاريا مناه ضا لوحشية الرأسمالية. ان تهافت الكثير من الساسة والكتاب وبعض من يسمون انفسهم بالمفكرين القوميين ،وعبر تنظيرهم للديمقراطية الليبرالية التابعة والمدعومة أميركيا ، بعد ان كانو ديوكا في معاداتها ،انما يتحولون لديوك تبيض سعيا لبيع بيضهم لمعبد روما.
#كمال_احمد_هماش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة مصر .؟..زمن الشعب
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|