أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان محمد السعيد - الثقة














المزيد.....

الثقة


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 3296 - 2011 / 3 / 5 - 19:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل الإضطرابات السياسية التي تعصف بالعالم العربي الأن فيما يمكن أن يطلق عليه صحوة عامة وشاملة أستنفرت المهمشين والضائعين وأستجابت لأصوات الحكماء والشرفاء والتي ظننا أنها ذهبت سدى حتى جائت ساعة الحساب ووقف أصحاب الحقوق المهدرة في وجه ظالميهم بعسكرهم وجبروتهم ‘ لم تعيدهم المدرعات والدبابات لديارهم فقد أصبح الموت أفضل من الحياة في الذل والعار ، ولم تعدم النظم المتسلطة وسيلة نفسية كانت أو مادية لخنق هذه النفحة الحرة التي سرت في أجساد الشعوب فتارة كانت الضغوط بالعسكر والنار وتارة كانت الضغوط بالترهيب بالفوضى وإنعدام الأمن وعندما لم تفلح تلك الوسائل أصبح التهديد بإنهيار الإقتصاد وفرار رأس المال وشبح الجوع القادم هو أخر المحاولات البائسة للضغط على الشعوب ومحاولة تركيعهم ، ولكن هل كانت هناك ثقة حقيقية تدفع برأس المال لإدارة عجلة إقتصاد سليم في ظل حكومات ديكتاتورية تفتقد لأدنى درجات الشفافية ولا تعترف بسيادة القانون ؟

عندما تدار الدولة بثقافة إحتكار السلطة وإحتكار رأس المال يصبح هناك أزمة ثقة تجتاح الجميع ويحجم الناس عن محاولة ضخ أموالهم في مشاريع صغيرة تنعش السوق وتزيد من فرص العمل فهناك دائما حيتان كبار قادرين على إبتلاع الأسماك الصغيرة التي تحاول السباحة في بحر الأعمال وقد تكون نشأة الشركات المتعددة الجنسيات التي التهمت الأسواق العالمية في السنوات السابقة هي ما خلق الأزمة المالية العالمية ، والتي وجدت مناخ مناسب في ظل حكومات تفشت فيها مظاهر الفساد من رشوة وإلتفاف على القوانين وإنعدام للرقابة والمسائلة ، ولذلك فالمنطق يقول أن إزاحة الفساد هى أولى خطوات بناء إقتصاد قوي جاذب لرأس المال ومن الغريب أن يكون للفسيولوجيا دور في بناء الثقة فقد وجد العلماء أن الشعوب التي تعاني من أزمات مالية وإقتصادية ينخفض لدى أفرادها إفراز هرمون الأوكسيتوسين oxytocin والذي يعمل أيضا كناقل عصبي وهو عبارة عن بروتين صغير مكون من تسعة أحماض أمينية ثبت علميا قدرته على تقوية أواصر العلاقات الإنسانية ويفرز مع حليب الأم فيقوي العلاقة بين الأم ووليدها كما أنه يسرع من عملية الولادة وهو ما يقوي العلاقة بين الزوجين ويخلق بينهما نوع من الثقة المتبادلة.

ولبيان مدى تأثير هذا الهرمون على العلاقات الإقتصادية قام العلماء بإجراء تجربة عملية وظفوا فيها متطوعين لا يعرفون بعضهم البعض وتم تقسيمهم لمجموعتين (أ ، ب) وتم توزيع عشرة دولارات على كل واحد وطلب من المجموعة "أ" أن ترسل جزء من العشرة دولارات حسب الرغبة لفرد في المجموع "ب" بحسب ما يجود هو به ويتم مضاعفة هذا المبلغ ثلاثة مرات وتضاف هذه الهبة على حساب الشخص الثاني في المجموعة "ب" فإذا تبرع فرد في المجموعة "أ" بخمسة دولارات يحصل الفرد في المجموعة "ب" على (3x5) وتضاف على مكافئته الأساسية "العشرة دولارات" فيكون مجموع ما يحصل عليه 25 دولار .

وفي المرحلة الثانية يسمح للفرد في المجموعة "ب" أن يعيد جزء من المال الذي حصل عليه لفرد في المجموعة "أ" مع التأكيد بأنه غير ملزم بإعادة أي شئ للطرف الأخر وأن المبلغ الذي سيرسله سيصل كما هو دون زيادات ، وبعد أن قام الجميع بخياراتهم تم أخذ عينات من دمائهم لفحص نسبة الأوكسيتوسين oxytocin ومقارنتها بالخيارات التي أتخذها الأفراد محل التجربة . ويعتبر علماء الإقتصاد أن نصف التجربة الأول هو مقياس للثقة بينما النصف الثاني هو مقياس للوفاء . وقد أثبتت التجربة أن المبالغ المالية التي أرسلها الناس تلقوا ردا عليها بنسبة 98% فكلما زادت الثقة زاد الوفاء وكلما أرتفعت نسبة الأموال التي تم تحويلها أرتفعت نسبة هرمون الأوكسيتوسين oxytocin المفرزة وعمليا فقد بدأت أجسام الفئة "ب" في إفراز الهرمون بعد تلقيهم الأموال من الفئة "أ" مباشرة . وتكمن أهمية هذا الهرمون في الجسم في الفترة الطويلة نسبيا التي يحتاجها البشر في الحضانة والرعاية وحتى ما بعد سن المراهقة فهذا الهرمون يوفر نوع من الترابط القوي بين أفراد الأسرة الواحدة لحماية الأطفال وحتى يستطيعون رعاية أنفسهم والإعتماد على الذات ومواجهة الحياة .

ولحسن الحظ فإن هذا الهرمون يفقد تأثيره أو لا يعطي تأثير كافي في حالة تعاطيه بالوسائل الصناعية أي أنه يجب أن يفرز في علاقة إنسانية طبيعية صادقة وإلا كان يمكن إستخدامه للتأثير في الجماهير أو التلاعب بهم .

ومن العجيب أن تسجيل قياس نسبة ضئيلة من هذا الهرمون تزامنت مع أرتفاع نسبة هرمون الديهيدروتستوستيرون dihydrotestostérone والذي يجعل من الذكور أكثر عدوانية مما يؤكد أن المناخ الذي تقل فيه الثقة أو تنعدم يتسم بالعدوانية وهذا ما كان ملموسا وبقوة في مجتمعاتنا التي فقد فيها الناس الثقة بالنظام وأصبحوا أكثر عدوانية وتشككا في كل ما يحيط بهم ويفسر أيضا كيف أن إسقاطهم لرموز الفساد والتي صنعت حالة إنعدام الثقة من الأساس وثقت العلاقة بينهم وجعلتهم أكثر محبة وترابطا ولغت الفروق الفردية والطبقية والطائفية بينهم .

محاربة الفساد هي أهم وأول خطوة ليس فقط لبناء إقتصاد أكثر قوة ، ولكن لبناء إنسان ومجتمع أكثر ترابطا وأقوى إنتماءً لوطنه.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- نتنياهو يعاود الحديث عن حرب القيامة والجبهات السبع ويحدد شرو ...
- وزير خارجية إسرائيل: الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين -خطأ جسيم ...
- معلقون يتفاعلون مع قرار حظر الإمارات التحدث باللهجة المحلية ...
- بوتين يعلن عن هدنة في شرق أوكرانيا بمناسبة عيد الفصح وزيلينس ...
- المحكمة العليا الأمريكية تقرر تعليق عمليات ترحيل مهاجرين فنز ...
- وزارة الدفاع الروسية تعلن عن عودة 246 جنديا من الأسر في عملي ...
- البحرية الجزائرية تجلي 3 بحارة بريطانيين من سفينتهم بعد تعرض ...
- الأمن التونسي يعلن عن أكبر عملية ضبط لمواد مخدرة في تاريخ ال ...
- -عملناها عالضيق وما عزمنا حدا-... سلاف فواخرجي ترد بعد تداول ...
- بغداد ودمشق.. علاقات بين التعاون والتحفظ


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان محمد السعيد - الثقة