محفوظ أبي يعلا
الحوار المتمدن-العدد: 3295 - 2011 / 3 / 4 - 03:13
المحور:
الادب والفن
1
ـ لمَ لا أصمت؟ و لمَ أصمت؟ الثرثرة لا تجدي . و هل الصّمت يجدي؟
الأفكارُ في ذهني تتقافز . و الحقيقة مرّة . و ها أنا أكتب .. لأخفف من مرارتها .. و لأخفف من تقافز الأفكار .
ها أنا أكتبُ حتّى أرتاااااااااااااح .
ـ يا مهموم !
ـ قل يا عمر
ـ مهموم .. عمر .. ما الفرق؟ إن هي إلاّ أسماءٌ سميتموها …
ـ …
ـ و إذا كتبت يا عمر ..
? so what
ـ ذلكَ همٌّ آخر ..
2
ـ صدقني .. العالم غريب و نحن أغرب . في هذا العالم لا أعرف كيف أعيش خارج القلق و لي في كلام هيدجر تأمل : " الإنسان إمّا أن يحيا وجوداً مبتذلاً تافهاً لا قلق فيه , و إمّا أن يحيا وجوداً أصيلاً مفعماً بالقلق وجود يستطيع فيه أن يؤكد ذاته و أن يصبح نفسه " .
بالكتابة أمارسُ قلقي كما يجبُ أن يمارس .
ـ الكتابة هي نوع من الشهادة الموجزة على موتك . تأمل يا عمر .. تأمّل ثمّ اكتب .
ـ عندما أكتبُ أخشى أن أفضح نفسي!
ـ و ماذا ستفضح؟
ـ أفضح كونيّ رجل وحيد يموتُ بصّمت .
ـ الحقيقة يا عمر أن لا أحد يهتم بما ستفضح!
3
ـ أربعون سنة مرّت و أنا لازلتُ أبحثٌ عن المعنى . هذه الأرضُ ليست للمعنى!
أريدُ مكاناُ هادئاً أتخلصُ فيه من كلّ هذا الضجيج الإنسانيّ , و أنظمُ فيه فوضاي!
ـ في كل يوم تقول هذا الكلام يا عمر .. في كل يوم ترغب في تنظيم فوضاك و فوضى العالم .. في كلّ يوم تحلم بمكان هادئ .. يا عمر خذ الحياة كما تسقط عليك .. خذها بحلوها و مرّها .. بضجيجها و عذابها .. بغثيانها و غرابتها .
ـ سأخذها … و هل هناك بديل؟ و هل هناك خلاص؟ و هل هناك مُخَلص؟
4
مرت السنوات , و بلغ عمر السبعين سنة .
سؤالٌ من صديقه القديم :
ـ ما جديدك يا عمر؟
ـ لا جديد .. و الشمسُ لازلت كالأميرة الحسناء الّتي تغير ملابسها , و لكن , ماذا يعنيني من جمالها؟!
ـ …
ـ لازلت أنتظر المخلص .. لازلت أنتظره يا هيدجر !
ـ هيدجر !!!
صديق عمر يحدث نفسه :
ـ صديقي المسكين يعاني من الخرف … الخرف الّذي يسبق الموت . سيموت صديقي قبل أن يجد خلاصه .
#محفوظ_أبي_يعلا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟