|
دروس من مظاهرات الغضب ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 21:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد كل حدث ـــ مهما كان حجمه ــ يعاد تقييمه مباشرة بغية الفرز بين الأيجابيات والسلبيات واستخلاص العبر لتوظيفها في مستقبل العمل ’ مظاهرات يوم 25 / شباط / 2011 ’ كانت حدث يستحق المراجعة والتقييم’ وقد صدرت بعض التقييمات كان اغلبها نفعالياً احادي النظرة ’ فالبعض كان مغالياً في ايجابياتها وانتصاراتها والبعض حاول تجاهلها ’ وكلا الجانبين نظر بنصف عين مفتقراً للتجرد والموضوعية ’ من جانبي كعراقي املك الحق في طرح وجهـة نظري حريصاً ما استطعت ’ ان اكون منصفاً دون ان ادعي امتلاك الحقيقة . كما توقعنا ’ ان المظاهرات في يوم 25 / 02 ستجمع داخلها عدد غير متجانس من القوى ’ وكذلك الأهداف والنوايا ’ انها مجموعة تظاهرات في مظاهرة واحدة ’ شكلت مجموعة دروس على كل طرف ان يتعلم درسه بما فيهم الحكومـة العراقية . 1 ـــ بعض القوى حشرت بين المطاليب المشروعة للمتظاهرين مطلب اعادة الأنتخابات ــ ولها اسبابها ـــ ’ ومطلبها هنا يفتقر الى الواقعية في اوضاع خرج العراق تواً من انتخابات لازالت بعض الوزارات فيها شاغرة وحالة الجدل المنهك بين الفرقاء لازالت قائمة ’ والمطلب بشكل عام ليس من بين المطاليب الملحة للملايين المسحوقة ’ كما ان خسارة الأنتخابات السابقة ليس نهاية الأمر ’ وبأمكان القوى التي خسرتها ان تضع خارطة طريق وطنية لتغيير معادلة تشكيل الحكومة في الأنتخابات القادمة ان كانت واثقة من فوزها . الدرس الذي يجب ان تتعلمه تلك الأطراف : ان العراق وعلى امتداد اكثر من اربعة عقود من تسلط البعثيين والقوميين العنصريين ’ تعرض الى عملية تدمير وتشويه شاملة على اصعدة الدولة ومؤسساتها والأقتصاد والسياسة والثقافة ’ وقد تم سحق وتدمير المجتمع العراقي بهمجية غير مسبوقة ’ وتمزيق الروابط والتقاليد والقيم والأعراف بين مكوناته وافراغه شبه الكامل من عناصر الخير والمستقبل ’ ان محاولة القفز على هذا الواقع الموروث امر غير ممكن ’ فأذا استغرق الهدم اكثر من اربعة عقود ’ فعملية البناء قد تستغرق اكثر ’ وعلى الجميع ان يتحلوا بالصبر والعمل والموضوعية وتقديم المُثل الرائدة والأبتعاد عن ثقافة اقتناص الفرص التي قد تكون سبباً في ضياع فرصهم ’ وعليهم ان يقتنعوا ’ ان بحر الواقع العراقي وبوصلة حراكه وتموجاته وتغيراته اصبحت اصيلة عنيدة لاتنفع معها محاولات السباحة والأبحار من على اليابسة . 2 ـــ هناك اطراف من داخل حكومة الشراكة الوطنية !!! هيأت للمظاهرات واشتركت فيها لأجندة خارجية ودوافع فئوية بغية رد الجميل لمن دفع لها او تحسين حجم حصتها من السلطة والثروات ’ فبعضها رفعت شعارات وهتافات لتغيير رئيس الحكومة وترشيح اخراً من طاقمها ’ او اقالة المحافظ واستبداله بآخر من حزبها ’ او المزايدة على الآخر برفع شعارات مقاومة الآحتلال وامريكا واطلاق سراح جميع السجناء والمعتقلين وهتافات تسقيط معيبة ضد رئيس الوزراء ’ فكانت تظاهراتهم لأسباب ثأرية كيدية لتصفية حسابات فئوية ’ وهم امتلكوا ويمتلكون اكثر من حصة الأسد في كلا الحكومتين السابقة والراهنه ’ لكن وفي جميع الحالات ’ تبقى الأختراقات الأقليمية حاضرة ومؤثرة من داخل المظاهرات ’ وتبقى اهداف تلك الأطراف هي محاولة الأحتيال على معاناة الملايين المقهورة والأتجار بعذاباتها . اما الدرس الذي يجب ان تتعلمه تلك الأطراف ’ ان الفساد لايصلحه المفسدين والرذيلة لايعالجها الأراذل مثلما الداء لايعالج بأسبابه ’ ثم ان الجماهير العراقية عاشت تجاربها المريرة مع تلك الأطراف المليشياتية ’ كونهم الأسوأ في نظام التحاصص والفرهود الشامل ’ وان اساليبهم البائسة تلك ’ لاتؤهلهم للعبور على ظهر المعاناة للمواطن الضحية ’ وعليهم في هذه الحالة ’ ان يعيدوا تقييم نهجهم وسلوكهم مسبوقاً بالأعتذار عن جرائم ارتكبوها ’ هذا اذا ارادوا تحسين جزأً من صورتهم في نظر الجماهير ’ بعكسه سيسحقهم الواقع العراقي ويتجاوزهم اكثر . 3 ـــ قوى الردة التي استعدت مادياً ومعنوياً واعلامياً وامور اخرى كثيرة ’ واشتركت في يوم الغضب بقوة وشراسة املـة في ارباك الأوضاع وتعميم الفوضى والأنفلات الأمني ’ تماماً كما حصل في تونس ومصر وليبيا الآن ’ بغية اسقاط الحكومة وبتخطيط مسبق ومباشر مع اجنحتها السياسية من داخل حكومة الشراكة الوطنية ’ وبدعم من الخارج ’ لأعلان حكومة طواريء او مجلس عسكري للأنقاذ او ما شابه حيث تصفية المكتسبات التي تحققت وتغييب الحلم العراقي في الأصلاح ’ والعودة بالعراق الى مربع ما قبل سقوط نظامهم الدموي في عام 2003 ’ لكن الحقيقة التي يجب ان تدركها تلك القوى الشريرة ’ ان ما حصل في تونس ومصر ’ لا ارضية له على الواقع العراقي ’ وهم يتحركون في بيئـة ترفضهم تماماً ’ وان استطاعوا التسلل من ثقوب العملية السياسية وحكومات المشاركة ’ فأبواب الشارع العراقي مقفلة في وجوههم وليس من السهل اختراق جدار رفضهم ’ وتلك القوى غير مؤهلة ولا راغبة لتعلم الدرس ’ كما لاتجدي معها النصيحة ’ انها زمر سافلة موبؤءة لاينفع معها غير الأجتثاث الجدي رحمة بالمجتمع وحفاظاً على سلامة الأمـة ’ انها طغم شيطانية غبية ستواصل اجترار اوهامها المستحيلـة ’ وان مغازلتها ومحاولة مصالحتها واشراكها في السلطة والثروات ’ لايقدم عليها الا من في عظمـه بعث . 4 ـــ الجماهير الشعبية : وهي الأكثر صدقاً وانسجاماً مع اهدافها ومطاليبها وطموحاتها المستقبلية المشروعة ’ وهي الضحية والأكثر ضرراً من بيئـة التحاصص والفساد ورذائل المحسوبية والمنسوبية والأثراء غير المشروع ’ والأكثر ارباكاً من ثقافة التضليل والخداع والأكاذيب والأستغفال الشامل’ وهنا على تلك الجماهير’ وبدعم من القوى والشخصيات الوطنية المخلصة من داخل المؤسسة الحكومية وخارجها ’ والمواقف المتضامنة من قبل منظمات المجتمع المدني المستقلة ’ تلك الكتل صاحبة الحق بعراق الغد الديموقراطي المتحرر ’ وصاحبة المصلحة بالتغييرات التي ستاخذ بيد العراق نحو افاق التحولات الأيجابية ’ والراغبة حقاً في السلم الأجتماعي الدائم واشاعة المحبة والعدل والمساواة بين جميع مكونات المجتمع العراقي المتعطش للأمن والأستقرار والأزدهار بعد تجفيف منابع الفتن والكراهية والأحقاد والفوضى ’ تلك الجماهير ومن اجل استرجاع كامل حقوقها وتحقيق مطاليبها الملحة ’ عليها ان تمسك بعروة حقها في التظاهر والأعتصام وتطوير نشاطاتها الأحتجاجية كماً ونوعاً ’ بعد ان تضع بينها وبين القوى المشبوهة للردة البعثية ’ خطوط حمراء لاتسمح بتجاوزها ’ انها ستجد الى جانبها كل القوى الخيرة وستتسع دائرة تأثيرها وستجد من تصعيد موجة المطالبة بحقوقها المشروعة ’ خارطة طريق لحسم الأمور لصالح الأنسان والوطن من داخل صناديق الأقتراع لأنتخابات 2014 . هذا هو جوهر الدرس الذي يجب ان تتعلمه الجماهير الشعبية ’ بغية تقديم الأجابات الناجعة لأسئلة الحراك العراقي المتصاعد ’ ثمرة تحصدها لصالح عراق المستقبل . 5 ـــ الحكومة العراقية : هل تعلمت الدرس ’ وهل وصلت الى نهاية الطريق المسدود لنظام التحاصص والتوافقات والمشاركات وانفلات شهوة الفرهود الشامل ’ وبشجاعة عليها ان تنظر الى صورتها على مرآة الرأي العام ’ الذي ابتدأ يرفض الكثير من ممارساتها ويتوعدها عند ابواب صناديق الأقتراع للأنتخابات القادمة ... وما جدوى الأصرار على تضليل الناس واستغفالهم واللعب على معاناتهم ’ وهل تعتقد ان المظاهرات وردود الأفعلا المشروعة ’ ستتوقف قبل ان تحقق كامل مطاليبها ... ؟ واذا ارادت مخلصة ان تجنب العراق مخاطر الردة البعثية ’ عليها ان تتفهم الحالة العراقية وتستوعب وتحقق حقوق الناس ومطاليبهم في ضمان حرياتهم وكرامتهم وخبزهم ’ عليها الصدق والصراحة مع شعبها ’ لتعيد ربط خيوط الثقـه معه ’ وبجدية وحسن نية تعمل على اجتثاث المخاطر السياسية والأجتماعية والفكرية والثقافية والتنظيمية لمجرمي البعث وظلاميي القاعدة ’ الى جانب اجتثاث مصادر الفساد وامراض المحسوبية والمنسوبية وتفشي الرشوة ’ واعادة تشكيل الحكومة بعيداً عن الترهل والبلادة وفقدان الكفاءات والنزاهة وتقليص حجم المتطفلين على ثروات البلاد وارزاق الناس ’ ابتداءً من ترشيق حجم الرئآسات مروراً بمقاولي مجلس النواب ولجانهم وقطع شريان تهريب الثروات عبر الوكلاء والدلالين وحبربشية الحزب والعشيرة والعائلة ’ واسترجاع ما تم تهريبه فعلاً ’ يرافق ذلك انصاف الملايين من ضحايا النظام البعثي من بينهم المهجرين والمهاجرين ومصالحتهم وتعويضهم عن خسائرهم المادية والمعنوية وليس العكس ’ واشراك الكفاءات في الأعادة السليمة لبناء مؤسسات الدولة ’ وليس العكس . اخيراً واذا ما استثنينا مدينة بغداد وبعض مدن الجنوب والوسط ’ حيث الطابع العام للمظاهرات كان سلمياً ومطلبياً ... فهل ان . 1ـــ المظاهرات التي حدثت في الموصل وكركوك والرمادي وباقي الأقضية والنواحي في المناطق الغربية ’ كان طابعها سلمياً ومطلبياً حقاً وذات مشروعية ام ... ؟؟ 2 ـــ المظاهرات التي خرجت في البصرة وبعض مدن الجنوب والوسط ’ هل كانت جميعها ملتزمة بالأهداف والمطاليب المشروعة للمتظاهرين ام ... ؟؟ 3 ـــ بعض المثقفين ( الكتاب ) الذين غيروا مواقعهم واتجاهاتهم وسارعوا للقفز على موجة المطاليب المشروعة للملايين المسحوقة ’ ومن اجل ان يكونوا ايجابيين ازاء المأزق العراقي الراهن ’ كيف ينبغي عليهم ان يتصرفوا ... ؟؟ . 4 ــ ما سبب العزلة التي عانت منها محاولات التظاهر في الخارج ... ؟ 5 ـــ اليسار العراقي : من اين يجب ان يبدأ .. وبأي اتجاه عليه ان يسير ضمن حراك الواقع العراقي الراهن ’ حتى لا يضيف الى واقعه المنهك انتكاسات غير ضرورية ... ؟؟؟ تلك اسئلة واشارات سنعود اليها في مقالات لاحقـة ... ؟ 29 / 02 / 2011
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغضب في الأتجاه المعاكس ...
-
وزراء بدون ( وايرات )
-
دار السيد ليست ( مامونه ... )
-
نتمناك : يا زمن شرطة مهاوش ...
-
معكم : مستقلون من اجل العراق ...
-
المرأة في الزمن الذكوري ...
-
معارضون من ذلك الزمان ...
-
لوعة في عيون سومرية ...
-
لن نرتدي الظلام فالنور اجمل ...
-
بعث الجماجم والدم : هل يكفي معه الأجتثاث ... ؟
-
اين الوطنية من تلك المشاركة ... ؟
-
دولة القانون : بين الحزبية والتيارية ...
-
علاوي : وسائل بعثية في زمن غير بعثي ...
-
ذبحوا النجاة في حضن سيدة النجاة ..,.
-
وصلت مبادرة خادم الحرمين ورسائله ...
-
شر الأمور في مبادرة ( .... ) السعودي
-
مفخخة ويكليكس .. والعراق المنصر
-
مجازر بحق المواقف المنصفة ...
-
الأشاعات الناسفة ...
-
دولة القانون والخطوة الأهم ...
المزيد.....
-
أمسكت مضرب بيسبول واندفعت لإنقاذه.. كاميرا ترصد ردة فعل طفلة
...
-
إسرائيل ترسل عسكريين كبار ورؤساء أجهزة الاستخبارات لمحادثات
...
-
الدفاع الروسية تنشر لقطات لعملية أسر عسكريين من -لواء النخبة
...
-
فيروس جدري القرود -الإمبوكس-: حالة طوارئ صحية في أفريقيا ودع
...
-
بشير الحجيمي.. المحلل السياسي العراقي أمام القضاء بسبب كلامه
...
-
عاملُ نظافة جزائري يُشعل المنصات ووسائلَ الإعلام بعد عثوره ع
...
-
رافضة المساس بوضع الأماكن المقدسة.. برلين تدين زيارة بن غفير
...
-
رباعية دفع روسية جديدة تظهر في منتدى -الجيش-2024-
-
بيلاوسوف يبحث مع وزير دفاع بوركينا فاسو آفاق التعاون العسكري
...
-
بالفيديو.. لحظة قصف الجيش الإسرائيلي شبانا في مدينة طوباس
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|