أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر قاسم أسعد - مولانا الحاكم ( جل جلالك ولك الأسماء الحسنى )














المزيد.....

مولانا الحاكم ( جل جلالك ولك الأسماء الحسنى )


عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت في زيارة إلى بلد عربي قبل عدة سنوات وفي يوم جمعة ذهبت مع الأصدقاء لصلاة الظهر في المسجد ، دخلنا على بركة الله وجلسنا في الصفوف الأمامية لنستمع للخطبة ، صعد الخطيب إلى المنبر وبعد أن حمد الله حمدا كثيرا وتفوه بالمقدمة المعهودة ــ وإذا لم تخني الذاكرة كانت الخطبة عن كفالة اليتيم ، وبالمناسبة موضوع الخطبة بكلماتها وحروفها تأتي جاهزو للخطيب وعلى طبق من النقود وهي مكفولة ككفالة اليتيم ـــ المهم في الأمر استمعت كباقي المصلين للخطبة .

بعض المصلين كان يغفوا قليلا وبعضهم أصابته سنة من النوم ، وبعضهم شطح بأفكاره خارج المسجد ، بعضهم بدأبالتثائب ، وبين الحين والأخر نسمع صوت سعال يعلو هنا ويخفت هناك ، بعض المصلين بدأ بإصدار أصوت ونغمات مختلفة النوتات من قاع حنجرته ثم أخرج منديل من قماش ــ ليس له لون ولكن له رائحة ــ ثم يبصق بالمنديل وينظر اليه ويلفه في جيبه ،

ومع ذلك ما زال الجميع ينظر إلى الخطيب وبعضهم يهز رأسه موافقا على ما جاء من خطبة الأمام ( وحجة الاسلام ) .

الخطيب يقف مزهوا وعلامات الفرح والسعادة بادية على تقاطيع وجهه الكئيب لاعتقاده أن خطبته لاقت رواجا منقطع النظير ولسان حاله يقول أنه تغلب على كل الخطباء وسيغدو مسجده أكثر شعبية وأكثر إقبالا للجماهير .

انتهت الخطبة ... شمر الخطيب عن ذراعيه وكأنه يعطي إشارة متفق عليها مع المصلين أن ثمة أدعية ساخنة سوف تلهب الجو وتعمل حراكا بين المصلين وعلى المصلين رفع أيديهم إلى السماء ،،، بدأنا نسمع بعض المصلين ( يتنهنه ) و( ويهمهم ) كأنه يمرن حنجرته على قول ( آمين ) ، قال الخطيب كلماته التمهيدية في الدعاء وطلب من الله أن يعم الأمن والرخاء والسعادة على المسلمين ، وأن يحفظهم من كل طاغية ومكروه ــ طبعا الدعاء للمسلمين فقط وباقي الشعب من غير المسلمين غير مشمولين بالدعاء ــ وصل الخطيب عند نهاية الدعاء وبدأ الحماس أكثر وأكثر حتى ظننت أن الخطيب سيدعوا لثورة ضد أعداء الدين وتخيلت نفسي في بداية معركة للتحرير ،

ولمزيد من المصداقية لا أذكر تفاصيل دعاء الخطيب ولكني أستطيع أن أستخلص ما تيسر لي من فهم ،

ومجمل الدعاء أن الحاكم هو خليفة الله في الأرض وأن الله مكن له هذا الحكم لينشر الدين ،وعلى جميع المسلمين وغيرهم أن يزداد حبهم وولائهم للحاكم لأن الله أمرهم بذلك في كتبه ، الحاكم هو الآمر الناهي وهو يحلل ويحرم كيفما اتفق له لمصلحة البلاد والعباد ، الحاكم هو مصدر التشريع والتنفيذ والقضاء وبيده جميع السلطات ، الحاكم خازن أموال الأمة وهو الوحيد الأمين عليها وينفقها في ما يراه مناسبا ، الحاكم لا يخطئ أبدا وكل ما يصدر عنه من قول أو فعل أو تقرير يجب أن يكون نبراسا وهاديا وشعارا للجماهير ، الحاكم لا ينطق عن الهوى ويأتيه الوحي مباشرة وإذا كان مشغول يأتيه الوحي عن طريق مخابراته ، الحاكم له ألقاب لم تخطر على بال إبليس ،

حتى كاد الخطيب أن يقول (( الحاكم جل جلاله وله الأسماء الحسنى فاعبدوه ))

عندما تدخل المسجد عليك أن تصلي للحاكم ركعتين حمدا وشكرا للنعمة التي أغدقها عليك ، أما الشعب فهو مكلف بطاعة الحاكم وتمجيده والثناء عليه ، اقترح أحدهم أن يتم صناعة سجادة خاصة عليها صورة الحاكم وتوشيحها بخيوط الذهب بما تيسر من القاب الحاكم وصفاته ، واقترح أخر أن يتم صناعة مسبحة خاصة تحتوي على ثلاثمائة وخمس وستون حبة ــ عدد أيام السنة ــ وعلى كل حبة يكتب صفة من صفات الحاكم وعند كل شاهد دعاء خاص للحاكم بأمر الله ، ولا ننسى عند الانتهاء من كل تسبيحة للحاكم أن نخر وتلامس جباهنا الارض ، وإن لم يمتثل الشعب ستحل عليهم اللعنة الابدية وسيتم دفنهم أحياء في أقبية تحت الارض خالدين فيها لا يموتون ولا يرزقون وسيتم تعذيبهم على أيدي شياطين العذاب الذين عينهم الحاكم ،ومن اتبع سنن الحاكم ومشى على الصراط المرسوم دخل جنة الحاكم فرحا بما آتاه منه ،

اقترح صديقي من نفس البلد التي كنت بها أن يتم جمع كل أقوال الحاكم وأفعاله وتصرفاته وتوثيقها وطباعتها في كتاب خاص ويتم توزيعها على الشعب لتلاوتها في كل أوقاتهم ، ومن يموت من الشعب يدفن معه الكتاب بيمينه لضمان حسن السيرة والسلوك ، ،،

انتهت الخطبة والصلاة ،والدعاء للحاكم لم ينتهي ، وبدل أن يقول المصلين لبعضهم تقبل الله قال بعضهم ( تقبل الحاكم طاعتنا ) .

والسلام على الحاكم الذي لا يموت ، أعتذر لاني نسيت أن أذكر لكم أن كثير من شياطين الحاكم كانوا في المسجد ــ ليس للصلاة ــ وإنما لتسجيل سيئات المصلين لتكون حجة عليهم يوم حساب الحاكم العظيم ،

مولانا الحاكم ،،،، ما زال لسان الشعب يلهج بالدعاء ويرفع أكفه إلى السماء .....!!!

مولانا الحاكم ،،، عليك وعلى من اتبعك السلام ...!!!



عمر قاسم أسعد / كاتب ومؤلف



#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أعلق صورة الحاكم في بيتي
- القذافي و( مهشة ) الذباب
- وانتصر الجيش على الشعب !!!
- مهزلة مسيرات تأييد أنظمة الحكم
- استنتاجات في غباء الحكومات


المزيد.....




- -لماذا لا تقوم بعملك يا سيناتور؟-.. حشد أمريكي غاضب بعد ترحي ...
- مسؤولون لـCNN: خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا إلى النصف خ ...
- موسكو: كييف تستخدم التعبئة لصالحها
- الذكرى الـ 80 لبدء معركة برلين
- الإمارات: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمث ...
- وزير الداخلية التركي يكشف عدد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم ...
- -بوليتيكو-: تسريح موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب إدار ...
- وزير خارجية مصر: جهودنا لم تتوقف لإنهاء الحرب -الظالمة- على ...
- قازان.. طائرة Tu-144 السوفيتية الشهيرة تتحول إلى متحف
- نجيب بوكيلة لن يستطيع -تهريب- من تم ترحيله خطاً للولايات الم ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر قاسم أسعد - مولانا الحاكم ( جل جلالك ولك الأسماء الحسنى )