|
ملاحظات ليبية
يعقوب ابراهامي
الحوار المتمدن-العدد: 3290 - 2011 / 2 / 27 - 11:28
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ِ1. إذا استثنينا طيارات F16 الأسرائيلية التي اقسم "شاهد زور" انه شاهدها تحلق في سماء طرابلس وتمطر السكان الآمنين وابلاً من القنابل والرصاص، فسارع الى الأتصال ب"الجزيرة" (هل تذكرون "القناصة الأسرائيليين" الذين اختبأوا فوق سطوح المنازل في تونس؟) وإذا تجاهلنا ايضاً "المرتزقة الأفارقة ذوي الجنسية اليهودية (او الأسرائيلية)" الذين قبض عليهم "مسيلمة الكذاب" متلبسين بجريمة قتل المتظاهرين، وبعد ان حقق معهم وفقاً لكل قواعد التحقيقات الجنائية، سارع الى ابلاغ قناة "الجزيرة" بنتائج اكتشافاته المذهلة (تشاء الصدف ان يكون "المفكر العربي"، عزمي بشارة، حاضراً في استوديو "الجزيرة" عندما وصلت هذه الأنباء. تعليقه كان: "لا اهمية هنا لجنسية المرتزقة". تعليق مشين على اقل تقدير. نحمد الله اننا نعيش زماناً لا يقيم فيه "مفكر عربي" اهمية للجنسية. ولكن ما الفائدة في "مفكر عربي" يتلعثم في قول الحقيقة ولا يقول للكذاب: انك تكذب؟) وإذا تغاضينا كذلك عن اجتهادات "الخبير في اصول الأجناس" الذي طلع على شاشة "الجزيرة" من مقره الآمن في لندن ليبشرنا ان تصرفات معمر القذافي تؤكد صحة الأشاعات عن "اصله" اليهودي (نسجل هنا ان محمد كريشان من "الجزيرة" رد على هذا الدعي رداً مفحماً. شكراً لك محمد كريشان.) إذا تجاهلنا واستثنينا وتغاضينا عن كل هذا وذاك يمكننا القول ان "الكيان الصهيوني" لم يلعب دوراً كبيراً في "الثورة الليبية". هل نحن امام بداية انهيار اسطورة "المؤامرة الصهيونية العالمية"؟ ربما. انا على كل حال آمل ذلك.
2. بتاريخ 2010 / 5 / 29 وجهت للسيد عبد الحسين شعبان الرسالة التالية على صفحات "الحوار المتمدن": " لا يمكنني أن أنهي هذا الجزء من المقال دون أن أسأل المفكر والباحث العربي عبد الحسين شعبان: ما جدوى زيارتك لخيمة معمر القذافي ضمن وفد بقايا صدام حسين!؟ وماذا روى لك الزعيم القائد، ملك الملوك وسلطان السلاطين، عندما زرته في خيمته في ليبيا، عن مغامرات إبنه سيف الإسلام في سويسرا؟" لم يجبني صاحب نظرية "البؤرة الصهيونية". كان مشغولاً في الكشف عن الأنتهاكات لحقوق الأنسان، الحقيقية والخيالية، التي ترتكبها "اسرائيل" (دولة بين قويسين)، ولم ير ويسمع ما يجري تحت انفه مباشرة. او ربما رأى وسكت؟ سمع ولم ينبس ببنت شفة؟ ألا يحق لي اليوم ان اطالبه بتسديد الحساب؟ ألا يحق لي ان أسأله: لماذا لم تجبني، عبد الحسين شعبان؟
3. حان الوقت ايضاً لتقديم الحساب (وبربى) لنواب الكنيست العرب في اسرائيل الذين التجأوا الى "ملك ملوك افريقيا" كي ينقذهم من "بطش" اسرائيل وكي يحتموا ب"ديمقراطيته" من دكتاتورية "النظام الصهيوني". بتاريخ 2010 / 4 / 30 كتبت في "الحوار المتمدن": "يوجد في اسرائيل، في ضمن ما يوجد فيها من عجائب الدنيا وغرائبها، نواب عرب يسافرون إلى ليبيا لكي يكيلون التزلف والتملق، بلا خجل، للزعيم القائد ، ملك الملوك وسلطان السلاطين، كما وصفه أحدهم (عضو الكنيست احمد طيبي)، وإلى جانبهم نواب يهود حمقى يطالبون بإقصاء النواب العرب من البرلمان بحجة الإتصال بالعدو بدل أن يرحبوا بكل اتصال بين إسرائيل ودولة عربية". من واجبنا ان نضيف هنا ان النائبة العربية حنان زعبي كانت "الرجل" الوحيد التي لم تحن رأسها امام "الزعيم" ولم تتلوث بوحل التزلف المخزي ل"قائد ثورة الفاتح" كباقي افراد الوفد. ألا يحق لي اليوم ان اسخر من هؤلاء "القادة"؟ 4. هل سمعتم عن "شيء" اسمه: "المؤتمر القومي-الأسلامي"؟ ان كنتم لم تسمعوا عن "شيء" كهذا فلا غرابة في ذلك. هذا " المؤتمر" يتألف من اناسٍ لا زالوا يعيشون في العصر الحجري (وبخلاف "اهل الكهف" الذين استيقظوا بعد سبات دام ثلاثمائة وتسع سنين، اعضاء "المؤتمر القومي-الأسلامي" لم يستيقظوا من سباتهم العميق حتى يومنا هذا). لا يعرف احد في العالم كله بماذا اسهم هذا "المؤتمر القومي-الأسلامي"، منذ تأسيسه في النصف الثاني من القرن الماضي، في تقدم الشعوب العربية والأسلامية والتحاقها بركب الحضارة البشرية. انا شخصياً أخاف عندما يقترن "القومي" ب"الأسلامي". (هذا يذكرني دائماً بصورة مفتي فلسطين، الحاج امين الحسيني، وهو يصافح، في برلين، ادولف هتلر في خضم الحرب العالمية الثانية). على كل حال لهذا "المؤتمر القومي-الأسلامي" منسق عام اسمه منير شفيق. كل العالم الفكري والثقافي والسياسي والتاريخي والجغرافي للسيد منير شفيق يتلخص في كلمتين اثنتين لا غير: "الكيان الصهيوني". وهذا بالضبط هو الذي يجعله ضيفاً مفضلاً على "الجزيرة". "نحن نعارض تدخل المجتمع الدولي في ما يجري في ليبيا" - اجاب هذا "القومي-الأسلامي" عندما سئل عن رأيه في الأصوات التي ترتفع من ليبيا وتستغيث بالعالم: "ليبيا تعاني! ليبيا تصرخ! ليبيا تموت! وين العالم وين؟!". لماذا يعارض هذا "القومي-الأسلامي" تدخل المجتمع الدولي لأنقاذ الشعب الليبي؟ نعم، حزرتم: المنسق العام منير شفيق يعارض التدخل الدولي لأن "المستفيد الوحيد من تدخل دولي هو الكيان الصهيوني". (يبدو لي ان السيد منير شفيق لا يكترث كثيراً لمصير الشعب الليبي. قارنوا ما يقوله هذا "القومي-الأسلامي" بالنداء المؤثر الذي وجهه مندوب ليبيا (المستقيل) الى ممثلي المجتمع الدولي في مجلس الأمن: "ارجوكم ان تنقذوا ليبيا!") هل انتم ايضاً تعتقدون، مثلي، ان السيد منير شفيق قد فقد صوابه (وله كل الأسباب لذلك)؟
5. متى بدأ كل هذا؟ الكاتب السياسي الأمريكي من أصل لبناني البروفسور فؤاد عجمی (66) يعتقد ان سلسلة الثورات التي يشهدها العالم العربي لم تبدأ في سيدي بو زيد عندما احرق محمد بوعزيزي، بائع الخضار، نفسه فأشعل الثورة في تونس. عجمي يعتقد ان النقطة الزمنية لبداية ثورات الغضب التي تنتشر اليوم في كل انحاء العالم العربي انتشار النار في الهشيم كانت قبل حوالي سبع سنوات، حينما القي القبض على الطاغية صدام حسين في ديسمبر 2003. ملايين العرب رأوا صدام حسين يخرج من ثقب في باطن الأرض، كالجرذ يخرج من جحره، مرفوع اليدين وفي حالة يرثى لها. فجأة انهارت كل اسطورة الجبروت والعظمة الزائفة التي طواها "الزعماء" حول انفسهم وظهروا امام ملايين العرب عراة أذلاء وعلى حقيقتهم. هذه اللحظة التاريخية هي التي كسرت حاجز الخوف، يقول البروفسور فؤاد عجمی. (ونحن نقول: هذا ايضاً هو من فضل الأحتلال).
6. عن جريدة "هآريتس" الأسرائيلية (2011/2/25): "عاصفة كبيرة تعصف بالعالم العربي والأسلامي ونحن موجودون في عين الزوبعة. "هذه هي ساعة اختبار للعالم العربي وللعالم كله. علينا ان نراقب الأحداث المذهلة التي تجري امام اعيننا بانتباه بالغ. "إذا استمرت المذبحة في ليبيا فإن على العالم ان يتدخل لكي يوقف الأبادة الجماعية للشعب الليبي. وإذا نجحت المعارضة المصرية في اقامة نظام ديمقراطي فعلى العلم كله ان يتجند لمساعدة الشعب المصري. "قليلة في التاريخ هي اللحظات التي يتقرر فيها مصائر الكثيرين خلال وقت قصير جداً: مصير شعوب ودول، ومصير الملايين من بني البشر التواقين للعيش بحرية ورفاه يتقرر في هذه اللحظات الحاسمة. "ان الوضع الحالي يحمل في طياته اخطارا جمة، لكنه يحمل في طياته ايضاً آمالاً كبيرة. يجب ان لا نغض الطرف عن الأخطار، ولكننا، في الوقت نفسه، يجب ان نرى ما يتجلى في الأفق من مستقبل افضل للعالم العربي المتخلف. هذا عالم غني بالمصادر الطبيعية ولكنه لم ينجح ابداً في تحويل غناه الطبيعي الى مصدر رفاه لشعوبه. هذا عالم لم يطعم في يوم من الأيام طعم الديمقراطية الحقيقية. "اليوم حانت الفرصة العظمى، ويجب فعل كل شيء كي لا تفوت هذه الفرصة النادرة."
#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقياس الأساسي لدى محمد نفاع
-
شعب اسرائيل صديق لشعب مصر
-
نريد يساراً جريئاً لا يساراً خائفاً
-
تحية لشعب تونس
-
اليسار الصهيوني يوك!
-
من اجل مصالحة تاريخية كبرى
-
أحماقة أم نفاق سياسي؟
-
البارع، المطور والذي لا يعتذر
-
سلامة كيلة غاضب. من لا يخاف؟
-
البيان الختامي الذي لم يصدر
-
جنكيز خان ستالين
-
اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة
-
سلامة كيلة يقودنا الى طريق مسدود
-
حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية
-
من يخاف من دولة يهودية ديمقراطية؟
-
محمد نفاع لا يعصرن المبادئ
-
من يخاف من تصفية القضية الفلسطينية؟
-
انصاف الحقائق في اجتهادات فؤاد النمري
-
هل فقدوا البوصلة؟
-
-عبد الحسين شعبان- يكيل بمعيارين
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|