|
الإنتفاضة الليبية بعد إنقلابٍ أبيض وتاريخٍ أسود..
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 3288 - 2011 / 2 / 25 - 07:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
http://www.youtube.com/watch?v=PHm2-XK1rvg (فيديو اليوتيوب من إعداد وإخراج فاتن نور) عبر الإنقلاب الأبيض الذي قامت به جماعة الضباط الأحرار في ليبيا عام 1969 تيمنا بجماعة مصر،وصل القذافي الى الكرسي الأول في الدولة بعد الإطاحة بالنظام الملكي، ومع أنه وصل وصولا طيبا للسلطة إلاّ أنه تخبط على ناصيات أخيلته القومية والوحدوية التي حاولها ولم يفلح، فتوجه الى خيلاء المشروع الأفريقي بقوة وعنف حتى لقب نفسه بزعيم او ملك القارة الأفريقية،بعد أن أجاز لنفسه لقب " قائد الثورة الجماهيرية والفاتح الأغر" كما أجاز تغيير أسم الدولة من مفردة الى سطر كامل من المفردات المفخخة بأرياش الطواويس لتصبح " الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى"، وحمدا لآلهة المطر لم يجنح خياله بما يكفي من مطر لإضافة مفردة "القذافية" بعد مفردة " الليبية"، إلا أنه جنح لتغيير علم الدولة الليبية الى رقعة خضراء فارغة تماما تيمنا بفارغات كتابه الأخضر وروحه النافقة..وكي يضفي بعض خضرة على ما رفدَ به أرض ليبيا من يباس ٍ وجدب. القذافي،زعيم آخر وقائدٌ أعلى لقواته المسلحة في المنطقة العربية طغى وإستبد وأجحف فصنع لنفسه تاريخا أسودَ الملامح والصفحات،قائد آخر إستهتر بالمال العام وكأنه أرث طبيعي او مكافئة لابد منها لمن يصل الى كرسي الرئاسة تجيزها له شرائع الأرض والسماء.. أستهتر بكل ما يمكن الإستهتار به من قيم وأخلاق ومباديء فنزل نزولا حسنا الى عنفوان حضيضه... وقد أنسل من بين أراجيح أفكاره المتقاذفة كتاب أسماه بالكتاب الأخضر قال أنه طرح فيه نظرية عالمية ثالثة ستنعش الأرض ودرب تبانتها بعد الرأسمالية والماركسية، إذ أنها تمتلك الحلول لكل الأزمات والمعضلات والمعوقات فيما لو طبقت.. عانى القذافي من قلة إصغاء العالم لعبقريته الفذة وما إقترح عنها من نظريات ومبادرات لتغيير وجه الكون في الوقت الذي لم يصغ هو لما يريده الشعب ولم يعرج بعبقريته الفذة تلك لحل مشاكله وأزماته وزحزحة خيباته الى مخرج.. ولم يصغ لإنتفاضة شعبه الباسلة وثورته الحالية ضده وضد حكمه السرمدي.. بل راح يمارس مهنته كقائد أعلى للقوات المسلحة منتفضا هو الأخر ضد إرادة شعب.
أكثر من أربعة عقود ربض فيها القذافي على أنفاس رقعة جغرافية مهوولة المساحة ولها أطول ساحل على البحر الأبيض المتوسط، رقعة أنجبت خيرة المناضلين وعلى رأسهم المناضل الشهيد عمر المختار والذي بدء نضاله ضد الإحتلال الأيطالي وهو شيخ كبير في مطلع عقده السادس من العمر وحتى إعدامه شنقا وبعد محكمة صورية في منتصف سبتمر من عام 1931،أرض ثرية بمعادن أبناءها أبخسها الطاغية كعادة طغاة المنطقة ومهاراتهم في تحويل كل نفيس الى خسيس..وقبل كل شيء تحويل ذواتهم وعقولهم وفلسفاتهم الهذيانية الى ما هو أخس من الخسيس.. لو كان هذا القذافيّ حاكما رشيدا بكل ما تعنيه هذه المفردة من معنى ومضمون لوقفت أيضا مع ثورة الشعب الليبي وإنتفاضته الباسلة في يومنا هذا لإنتزاع السلطة منه إذ لا يجوز لحاكم كائنا من يكون أن يستأثر ويستفرد بالسلطة عقود طويلة وبغض النظرعن أدائه وإنجزاته، لابد أن تتجدد دماء المناصب القيادية في الدولة وأن تتعاقب عليها أجيال آخر برؤى جديدة وفلسفات قيادية معاصرة، فهذه المناصب ليست ملكا صرفا لشخص أوعشيرة أوعائلة او حزب.. ما أريده لكل طاغية في العالم هو أن يمتد عمره ويستطيل حتى يجيئه اليوم الذي يرى نفسه مهانا تـُحرق صوره وتُداس بنعِال الشعب،حتى يتخلى عنه من تبقى في قاع ضميره غبش وطنية من حاشية ووزراء ومأجورين وسماسرة كانت تسوق له قماماته القيادية والخطابية وتفخم منجزاته الصفراء..أريده أن يبقى ليرى أن الشعوب لا تموت وإن تـأخرت في إستيلاد اليقظة..ليرى نفسه مأسورا بتاريخ ما أقترف وأغترف منذ أن أمسى خادما للشعب لا يجيد إلا خدمة غرائزه ونوازعه السلطوية..
كان لبعض قبائل المايا- كما يحكى- نظام حكم غريب نوعا ما،(والمايا لمن لا يعرفهم هم قبائل من الهنود الحمر كانوا قد عاشوا في المكسيك / غواتيمالا /غرب الهندوراس (أمريكا القديمة) وبنوا حضارة مدنية عظيمة أمتدت زهاء عشرة قرون بلغت أوجها في القرن الثالث الميلادي، ومازالت شواهدها قائمة ليومنا هذا ومنها الأهرامات)، ملخصه هو أن للحاكم فترة حكم محددة يقتل بعدها بقطع رأسه تشريفا له، وإستعدادا لمراسيم تسليم الحكم لمرشح آخر من المناضلين الفدائيين المؤهلين للسلطة والذي لابد وحسب طقوس هذه القبائل أن يشرب كأسا سائغة من دماء الحاكم المنتهية ولايته بشهادة مباركة أقرتها القبيلة ضمن لوائحها التشريعية والقانونية، وليبصر وبكامل إرادته ووعيه مشهدا مماثلا لما سيؤول اليه مصيره بعد إنتهاء الولاية. ربما الأيديولوجيا الفكرية لهذه القبائل تشي بأن الحاكم ما لم يكن فدائيا متطوعا للموت في سبيل خدمة القبيلة لحصد تاريخ مهيب ونظيف يحيا به بعد مماته الآجلة لا محالة،لا يقوى على القيام بمهامه كما ينبغي أمام حقيقة النفس البشرية وحبها للجاه والسلطة والتفرد وما اليه.. والسؤال الجدلي هنا هو: ترى لو إعتمدنا نظام هذه القبائل في التداول على السلطة في المنطقة العربية أو حتى العالم بأسره.. كم فحل مناضل سيثب لترشيح نفسه ويُصارع مستميتا من أجل سلطة؟
طوبى لإنتفاضة الشعب الليبي العظيم ولثورته الباسلة والتي حولها القذافي الأخرق الى ثورة مسلحة بطائراته ومدرعاته ومرتزقته الأفارقة المأجورين. وطوبى لكل شرفاء العالم الذين هبوا لنصرتها.. وهنيئا لشهداءها الأبرار.. لطغاة الأرض يوم قصاص.. وللشعوب يقظات وهمم..والتاريخ ما أنفك يسطر ملاحمه لأجيال قادمة نطمع أن تفوز بما لم نـُفز به.. وحيت عرجت على المناضل الشهيد عمر المختار وجدتني محاصرة بقصيدة الشاعر أحمد شوقي الشهيرة في رثاء هذا الشيخ الجليل.. فطاب لي أن أدرج بعض أبباتها..
ركزوا رفاتك في الرمال لــواء يستنهض الوادي صــباح مساء يا ويحهم نصبــوا منارا من دم توحي إلى جيل الغد البغــضاء ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد بين الشعــوب مــودة وإخاء جرح يصيح على المدى وضحية تتلمس الحــرية الحمـــراء يأيها السيـف المجـــرَّد بالفلا يكسو السيوف على الزمان مضاء تلك الصحارى غمد كل مهــند أبلى فأحسن في العـــدو بلاء وقبور موتى من شــباب أمية وكهولهم لم يبرحــوا أحــياء
فاتن نور FEB, 24, 2011
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته
-
زفيرُ التبغ الرديء..
-
ذاكرةُ قطرة مُتعَبة..
-
زرادشت ما بعد الصفر..
-
قطوع مكافِئة..
-
جدال المستويات.. والمجتمع بين الإقليدية واللاإقليدية
-
لا غبارَ ..
-
أرقٌ.. واصطياف
-
إغتراب جسد.. وثمة نيّف..
-
فضيحة على مقياس ريختر للبصيرة...
-
تفجيرات بغداد وأحجية المربع الأول...
-
للمطر ايضا..ثمة اساطير..
-
اذهب اليّ...
-
تسبيحات حمالة الحطب..
-
خربشات آخر دهشة
-
هل يتعارض نظام الكوتا مع مفهوم المساواة؟
-
قال لك العرّاف..
-
حوار ظريف حول تعدد الزوجات والأزواج...
-
إخضاع الدين لسلطة العقل:عبث ام ضرورة..
-
يا غزة قولي ولا تقولي..
المزيد.....
-
إسرائيل تُعلن تأخير الإفراج عن فلسطينيين مسجونين لديها بسبب
...
-
الخط الزمني للملاحقات الأمنية بحق المبادرة المصرية للحقوق ال
...
-
الخارجية الروسية: مولدوفا تستخدم الطاقة سلاحا ضد بريدنيستروف
...
-
الإفراج عن الأسير الإسرائيلي غادي موزيس وتسليمه للصليب الأحم
...
-
الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها أغام بيرغر تلتقي والديها
-
-حماس- لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات م
...
-
-الدوما- الروسي: بحث اغتيال بوتين جريمة بحد ذاته
-
ترامب يصدر أمرا تنفيذيا يستهدف الأجانب والطلاب الذين احتجوا
...
-
خبير: حرب الغرب ضد روسيا فشلت وخلّفت حتى الآن مليون قتيل في
...
-
الملك السعودي وولي عهده يهنئان الشرع بمناسبة تنصيبه رئيسا لس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|