|
تواطؤ أميركي وخذلان عربي رسمي للشعب الليبي
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 22:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتعرض الشعب الليبي البطل، منذ أن اعلن ثورته في السابع عشر من شهر فبراير شباط الجاري على نظام الطاغية- نيرون ليبيا- معمر القذافي ، إلى أبشع هجوم دموي، يمارسه نظام ضد شعبه الاعزل، استخدم فيها ولا يزال يستخدم كل ما في جعبته من سلاح" قصف بالطيران، الآر.بي.جي، وسلاح ال.م.ط المضاد للطيران . نيرون ليبيا يرتكب جريمة العصر، ضد شعبه في غياب التغطية الإعلامية ، في ظل منع وسائل الإعلام العربية والدولية، من التواجد على أرض ليبيا،وإغلاق شبكة الانترنت ومنع منظمات حقوق الانسان الدولية، التي بإمكانها كشف وتوثيق جرائم الإبادة الجماعية. واللافت للنظر، صمت النظام العربي الرسمي، على المذابح التي يرتكبها القذافي، وادواته من كتائب أمنه،وميليشياته وحرسه الجمهوري، وقطعان المرتزقة من بعض الدول الأفريقية والآسيوية، ناهيك عن معلومات شبه مؤكدة، عن ارسال ايطاليا برلسكوني، قوات خاصة لليبيا للمشاركة في قمع الثورة، تحت مبرر الحفاظ على المصالح الاستراتيجية المشتركة. هذا الصمت العربي الرسمي، وعدم التدخل لإنقاذ الشعب العربي الليبي، من حمامات الدم المستمرة، وصمت عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية الذي طلع علينا بتصريح علاقات عامة يدعو فيه الى وقف العنف.. هذا الصمت المريب يرقى لمستوى المشاركة في المذبحة. وتقتضي الدقة الى ان ننوه بموقف الخارجية القطرية الذي دان قمع النظام الليبي لشعبه،واستخدامه الطيران الحربي في قصف الشعب، ودعوتها مجلس وزراء الخارجية العرب للإنعقاد لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا. لكن ما يجب الإشارة إليه أيضاً،ان صمت كل من الحكومة التونسية -التي جاءت في أعقاب الثورة التونسية- على المذبحة الليبية، وكذلك صمت المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يزعم، أنه مؤتمن على ثورة 25 يناير المصرية في المرحلة الإنتقالية، يشي بانهما غير مؤتمنين على أهداف ثورتي بلديهما. ولا يمكننا تفسير صمت، معظم مفاصل النظام العربي الرسمي سوى أنها، باتت ترتعد خوفا،ً من نهر الثورة الجارف خاصةً بعد ان رأت بأم عينيها، ان كل ثورة في دولة عربية تلد أخرى فثورة تونس، خلقت قوة الحافز لثورة 25 يناير المصرية وثورة مصر، شكلت رافعة للثورة، في كل من اليمن والبحرين،وليبيا والحبل على الجرار. والمفارقة الغريب والعجيبة والفاضحة، تكمن في موقف الدول الغربية، وعلى راسها الادارة الامريكية، التي وقفت على قدميها طوال أيام الثورة المصرية، فرأيناها تعقد مؤتمراً صحفياً تلو الآخر، تتابع التطورات، وتحدد المواقف، وتطالب بعدم قمع المتظاهرين، وبالانتقال السلمي للسلطة، وفي مخططها نقل السلطة، في اطار نظام كامب ديفيد نفسه، للحفاظ على مصالحها، وعلى امن العدو الصهيوني. لكن هذا الغرب الراسمالي المنافق، سكت على الابادة الجماعية التي ينفذها نظام العقيد القذافي بحق شعبه، خمسة أيام كاملة بلياليها، واضطر في اليوم السادس،للخروج عن صمته تحت وطأة الانتقادات، التي وجهت له، بحيث بات يطالب شكلاً المجرم بضبط النفس، ووقف عمليات العنف ضد الشعب الليبي، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الصمت الغربي على هذه الابادة الجماعية؟ الجواب في التقدير الموضوعي يكمن في ما يلي: أولاً: لان القذافي وقع صك استسلام نهائي، للإدارة الاميركية بعد احتلال العراق عام 2003، خشية منه على سقوط نظامه ووفقاً لهذا الصك، تراجع عن كافة مواقفه المعادية للادارة الاميركية، وسلم كافة تجهيزات برنامجه النووي، لاعضاء في الكونجرس الاميركي، وتخلى نهائيا عن دعمه لحركات المقاومة، علماً انه نفذ هذا التخلي منذ قضية لوكربي. ثانياً: لان القذافي فتح ليبيا، امام الشركات الغربية متعددة الجنسيات، لنهب نفط ليبيا وثرواتها، وبالتالي يخشى الغرب من وجود نظام وطني بديل، يحافظ على ثروات البلاد، ومن ثم داس الغرب على دماء الشعب الليبي،مقابل استمراره في نهب ليبيا، وبات يتمسك بمعادلة" الصمت غلى إهدار دم الشعب الليبي، مقابل النفط". ثالثاً: لان نظام القذافي، برح مواقعه وموافقه القديمة، وتحول تحت ضغط، الحفاظ على السلطة والثروة وحكم العائلة،الى احتياطي للإدارة الاميركية، وبقية دول الإتحاد الأوروبي للتآمر على حركة الشعوب العربية، في مواجهة الانظمة الرجعية والعميلة التابعة، والمرتهنة للامبريالية الامريكية، ولعل موقفه المؤيد لطاغية تونس، وطاغية مصر، لمؤشر على ذلك. رابعاً: لانه ارتد عملياً عن نظريته العالمية المزعومة، وعن كتابه الأخضر، وعن طروحاته القومية السابقة، ولأنه ادار ظهره لكافة علاقاته وتحالفاته السابقة، مع القوى القومية والتقدمية العربية، ولانه تراجع عن طريق التحول الاشتراكي- الذي اساء له في التطبيق العملي، وجعله محل هزء وسخرية- ولانه تحول الى نظام السوق، بتأثير من إبنه سيف الإسلام القذافي. خامساً: لانه انقلب على معظم رفاقه القدامى، الملتزمين بالنهج القومي، حيث اعدم البعض وطرد البعض الآخر، ولم يبق منهم سوى بضعة أشخاص، مكبلي العقل واللسان مثل: مصطفى الخروبي، وأبو بكر يونس، والخويلدي الحميدي...وبات حكمه عائلياً بامتياز، وباتت ثروات ليبيا الهائلة، حكراً على العائلة وحدها. واخيراً فإن هذا الموقف المشين، للإدارة الاميركية ولبقية الدول الغربية، يكشف زيف ادعاءاتها حول حقوق الانسان، وحول حق تقرير المصير، ويؤكد ان هذه الدول لا تبالي بدماء الشعوب وحقوقها، وان كل ما يهمها هو فقط مصالحها، ولا نبالغ في القول إذا قلنا انها تشارك، في جريمة الابادة التي يرتكبها القذافي، بحق الشعب الليبي.
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|