أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - الاله والنهر














المزيد.....

الاله والنهر


بان ضياء حبيب الخيالي

الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 17:24
المحور: الادب والفن
    



عندما ارتفع نور شعاع الشمس الأول مفتتحا صبحا جديدا عند غرّة المدينة الغافية بارتخاء على ذراع النهر الأسمر، دار في الأفق المضوّى صوت كهنة المعبد مترنمين بارتفاعات وانخفاضات صوتية بأنشودة التضرع للفرعون ....
فتح النهر الأسمر عينيه متبسما متثائبا ومصغيا بحنو للنغمات المتضمخة برائحة البخور المقدس المؤججة في الأرجاء ...
زادت ابتسامته اتساعا ً وهو يرى أبناء المدينة يهرولون برشاقتهم المميزة حاملين أنفس مقتنياتهم وأجود محاصيلهم رامين بها عند قدمي الفرعون في ساحة القصر المطلة على الشاطئ ،
كان اليوم ... يوم الرجاء ....
وفيه يتوسل أبناء المدينة الإله الفرعون متقربين إليه بنذورهم متضرعين أن يغمس يديه المقدستين في مياه النهر لينتعش الماء ممتلئا ببركة يد ه المقدسة بالنماء .. ويبتدئ موسم الفيضان .... تتقاسم السدود حصصها من سائل الحياة ، يتوزع منها لكل الحقول ، تبقى الأرض خضراء والربوع عامرة... و... تستمر نواعيرالحياة بدورانها رتيبة ممتلئة بالخنوع ... لكنها ... حياة ... !
تثائب النهر متمطيا مديما التبسم لسذاجة عقول البشر ... مرّ الوقت سريعا ، حلت ظهيرة قاسية ارتفع فيها قرص الشمس الأحمر ساخطا مزمجرا ... ناثرا نتف اللهب في الأثير.... تراقصت على ضفتي النهر شجيرات لاعبتها زفرات ملتهبة أرسلتها تلك المستشيطة ، المزمجرة متوسطة كبد السماء ، بيد رياح خانعة مرت ذاهلة في الجوار ... تكورت أوراق الشجر بفعل الحرارة ووجمت الأطيار ، أخرسها النعاس الذي تسببه جلبة الحر والرطوبة حينما يعتليان معا صهوة الأفق ...
أما أبناء المدينة فقد اصطفوا على خاصرتي النهر من الجانبين ، تعاون العرق والناموس على إرباك ما تبقى لديهم من قوة جسدية وعصبية.... منتظرين قدوم الفرعون محمولا على عرشه المذهب بالعرق والدموع ....
كان النهر الطيب يتنصت بصمت الآن لحديث بعضهم البعض ... حين يتنافسون شارحين جودة القرابين التي أهدوها للاله كي يتكرم ويتنازل ليمد يده المقدسة مصافحا مياه النهر الشحيحة ... واخذ يتبسم لتفاصيل يسمعها مخفيا ... رغبة عارمة بالضحك بجنون مكتفيا بقهقهة خفيفة تظهر بشكل موجات تتردد ...على كرشة الكبير بين الفينة والفينة ... تتسع ابتسامته حين يرى من بعيد موكب الهودج الذي يحمله ستة رجال لثقل الإله البدين الجالس حانقا ًساخطا ًبسبب اضطراره للخروج في هذا الحر اللاهب....
ويكاد يفلت ضحكة يكتمها بشدة لمرأى حاملي العرش الملتصقة ظهورهم ببطونهم من شدة الهزال والمشكلة أضلاعهم وعمودهم الفقري الناتئ خريطة يفاد منها طلبة الطب لدراسة هيكل الإنسان العظمي بدون تشريح ....
فقد كانوا يجاهدون ليصلوا بالإله وعرشه نحو الضفة بدون خسائر منزلقين ومتماسكين بين الفينة والفينة يلكز احدهم الاخر خوف انزلاقة غير متوقعة عن الارض الممتلئة اشواكا ومطبات .... تفلت ضحكة يتيمة جامحة بشكل موجة تتشظى عند الضفة ... فالإله البدين يواجه صعوبة في النزول من عرشه المحمول بمشقة ، حتى انه يتكئ باعتداد على احد الهياكل البشرية الستة ... فينطوي الأخير كاتما ً صرخة ألم ناظرا بخوف صوب الإله الساخط المتقد النظرات .... يترجل الأخير بتيه ورفعة ... يلتفت متبسما ابتسامته المرعبة صوب الرعية فتنخفض كل الرؤوس على الضفتين بسجدة شكر لكرمه اللامحدود ترتفع بعدها أصوات الكهنة والعبيد بدعاء توسل منغوم ... يجعل انف الفرعون مستقيما نحو السماء ويشرق طيف رضى يطرأ على شفتيه الغليضتين ...
ثم ينحني متكئا على دكه مخصصة...لمراسيم غمس اليد المقدسة... يمد يده الرابية نحو الماء المعفر بطين الأرض الخصبة التي يتلوى النهر بين حنانيها ....تغطس الأصابع الضخمة الرخصة لتلاعب الماء قليلا ً...
ترتفع نظرة سخط مقرفة على وجهه الملحم المعروق لتعلق نبتة مائية لزجة في خاتمه الماسي ... بينما ترتفع أنوار الفرحة في وجوه الرعية ويستبشر الجميع ...بأن الخير آت....النهر سيفيض... سيزرعون ويحصدون ....سيزرعون ويحصدون ...
تستعر همساتهم المستبشرة الضاجة بالفرح
يتسمع النهر الطيب....وتنتابه موجة من ضحك هستيري ...متمتما...
ـ : وسيأكل الملك كل المحاصيل ليسمن و...انتم تهزلون....
تستمر يد الفرعون الإله العابثة تدغدغ خاصرة النهر دون هوادة.... لتستعر ضحكات النهر عاليا ، تهدر محملة بصخب ارتجافة ضحك لا ارادية كتمها طويلا ، يشرق النهر و ذاك الساخط بخيلاء لا يكف عن الزغزغة.....تحتقن عينا ه بالدموع من شدة الضحك تنسدل ...الدموع على وجنتيه ....تتحول لطوفان يهدر على صدره وراحتيه... يهدر ضاحكا أكثر ...و....
ويبدأ موسم الفيضان... !!!!!!!!!!

.............................................تمت....................................................



#بان_ضياء_حبيب_الخيالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روميو بتاج ورد في مطبخ سندريلا ...؟
- اليك
- تينة الركن الغربي
- عمر الورد
- بيبسي
- هزار*(قصص قصيرة جدا)
- خلف اسراب الفراش
- تلال الهذيان...!
- اللوحة السادسة عشر
- اله الماء
- تطلعات القطة ريكا....!
- بين طريقين
- رمل ابيض...!
- لو ...عاد ينصفنا النهار ....!
- شرفتي والقمر
- همسات شهرزاد
- القربان
- خطوط في لوحة سوداء
- مخلوقة من طين...!
- هل أفتح الابواب للعيد...؟


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - الاله والنهر