أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - مصر تنتصر على المقاومة















المزيد.....

مصر تنتصر على المقاومة


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر ثورة 25 يناير أكبر ثورة شعبية في تاريخ مصر، على الأقلّ في المئة سنة الأخيرة. تتميّز هذه الثورة بكونها سلمية (Silmiyya)، كما وصفها الرئيس الأمريكي براك أوباما في خطابه الشهير الذي حيّا فيه شباب الثورة وكرّر التزامه بتلبية جميع مطالبهم. هكذا، في غضون 18 يوما، سيطر مصطلح "الثورة الشعبية السلمية" على المشهد السياسي، واستبدل في طرفة عين مصطلح "المقاومة" الذي ساد في الساحة منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 التي سعّرت لهيبها حماس، مرورا بهجمات القاعدة على نيويورك في 11 سبتمبر عام 2001، ثم حرب لبنان الثانية بين إسرائيل وحزب الله.

إلاّ أنّ الشعارات التي أُطلقت في ميدان التحرير كانت خالية من الهتافات التي اعتدنا عليها، والتي مجّدت الشهادة في سبيل الله. في ميدان التحرير أُطلق شعار بسيط وصل صداه إلى المنامة وبنغازي وعدن وطهران، وفيه مطلب عامّ يعبّر أكثر من أيّ شعار آخر عن ضمير الإنسان العربي والأجنبي في كلّ مكان: "الشعب يريد إسقاط النظام".

القسم الأول من الشعار "الشعب يريد" هو القسم الأهم، فحتّى 25 يناير 2011 لم تكن للشعوب إرادة، بل كانت مجرّد "شارع" يشارك في استطلاعات الرأي في برنامج الجزيرة "الاتّجاه المعاكس"، ويدعم المقاومة على الدوام ويكره إسرائيل وأمريكا والأنظمة الاستبدادية. ولكن هذه المرّة سنحت للشعب فرصة التعبير عن رأيه الحقيقي، فتكشف على مرأى من العالم حجم معاناته، واستطاع ان يعبر بثلاث كلمات مقتضبة عن مطالبه الرئيسية: "الديمقراطية والعدالة الاجتماعية".

في هذه الثورة اكتشفنا وجه الشعب المصري، واتّضح لنا أنّه يتشكّل من شباب مثقّفين وعمّال وفلاحين، واجهوا نظامًا قمعيًا شرسًا، يستخدم مليون ونصف شرطي كلّ مهمّتهم هي قمع إرادة الشعب. وفي الوقت الذي فشل فيه أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، في زعزعة النظام من خلال حركته الجهادية، تمكّن الشباب غير الحزبيين والمسلّحون بالفيسبوك والتويتر من إسقاط أحد الأنظمة الأكثر قمعا وفسادًا.

يتبيّن لنا إذًا أنّ السلاح القادر على إسقاط كلّ نظام مهما كان جبروته، هو الفكر والبرنامج وليس البندقية. إنّ ما يمتلكه شباب مصر وعمّالها، ولا تمتلكه "المقاومة"، هو الرؤية التي استطاعت أن توحّد كلّ أفراد الطيف المصري؛ علمانيين ومتديّنين، مسلمين ومسيحيين، عمّال وشباب وفلاحين، وراء شعار لم ترفعه "المقاومة" ولو بالتلميح: "الديمقراطية والعدالة الاجتماعية".

صحيح أنّ نهج المقاومة وضع إسرائيل وأمريكا هدفًا أساسيًا للنضال، ولكن ما خلّفه وراءه كان الانقسام الطائفي والمذهبي وعدم التسامح مع الغير وتخوين من يخالفه الرأي، ورغم كلّ ادّعاءات أصحاب هذا النهج بأنهم حققوا انتصارات في نضالاتهم، فما نراه هو وضع من الحرب الأهلية في كلّ من لبنان وفلسطين. وفي ذات الوقت تستغلّ إسرائيل هذه الانقسامات للمضيّ في الاستيطان والامتناع عن الوصول إلى حلّ سلمي للقضية الفلسطينية.

كما يتبيّن ممّا يحدث من الهبّات الجماهيرية التي تجتاح العالم العربي والإسلامي اليوم، أنّ الشعب لا يميّز بين أنظمة تابعة لكتلة "الرفض" وبين الأنظمة الصديقة لإسرائيل. إنّ المطالبة بإسقاط نظام مبارك لم يأت بسبب موقفه من القضية الفلسطينية، كما أنّ الحركة الديمقراطية في إيران لا تكترث بالخطابات الحماسية ضدّ إسرائيل التي يلقيها أحمدي نجاد.

عندما قلنا إنّ الشعوب تريد خبزًا، كان الردّ علينا بأننا نستهتر بشعور الشعب، فالخبز عنده شيء مادّي هامشي، إذا ما قارنّاه بالإيمان والشهادة والوطن وغيرها من الشعارات. وما نراه الآن هو أنّ الشعوب مستعدّة أن تضحّي من أجل مبادئ سامية مثل الحرّية والاستقلال ولكنّها لا تقبل أن يبرّر هذا النضال الاستبداد والقمع والفقر والبطالة وكم الأفواه. فمن سار في موكب أمريكا بذريعة الحرب ضدّ الإخوان المسلمين من جهة، ومن اختار المقاومة ضدّها من جهة أخرى، استعمل نفس الأسلوب القمعي ضدّ شعبه، والقاسم المشترك بين سورية وإيران من ناحية والسعودية ومصر والأردن من ناحية أخرى هو الاستبداد والفساد.

الثورة المصرية والصراع مع اسرائيل

ومع ذلك يبقى هناك سؤال مشروع هو، هل الثورة السلمية في مصر تفيد أمريكا وإسرائيل أم أنّها تعزّز الشعب الفلسطيني في نضاله ضدّ الاحتلال؟ ما يمكن قوله هو إنّ نهج المقاومة لم ينجح حتّى الآن في تحرير ولو شبر واحد من الأرض، إلاّ إذا اعتبرنا انسحاب إسرائيل من غزّة وجنوب لبنان انتصارًا. لأوّل وهلة، يتبيّن بأنّ الانسحاب قد تمّ بفعل المقاومة، ولكن إذا أمعنا في التأمل وجدنا أنّ الانسحاب الإسرائيلي أدّى إلى الانسحاب السوري من لبنان، وبلغت الأمور إلى درجة اغتيال رفيق الحريري على خلفية هذا الانسحاب. ويدلّ هذا على أنّ الانسحاب الإسرائيلي لم يكن بدون ثمن، بل مخطّطًا ومبرمجًا بهدف إضعاف الوجود السوري في لبنان. أمّا ما حدث من انسحاب في غزّة وما أدى اليه من كارثة إنسانية وانقسام فلسطيني سياسي وحرب أهلية، فهو وضع لا حلّ لها في المنظور العاجل.

خلافا لذلك، فما حدث في مصر أربك إسرائيل التي فقدت حليفًا هامًّا، علما ان إقامة مجتمع ديمقراطي في مصر يغيّر كلّ المعادلات في المنطقة.
لقد استندت "المقاومة" إلى الضعف الاجتماعي وإلى الفقر والتخلّف، وفي هذه الظروف لا يمكن الانتصار على دولة قوية مثل إسرائيل وأمريكا. فالدولة ليست جيشًا فحسب، بل هي اقتصاد ومجتمع وثقافة وعلم ونظام مفتوح وديمقراطي. وهذا بالضبط ما تتطلّع إليه مصر: بناء نظام ديمقراطي يسمح باستنفاذ الطاقات المبدعة الكفيلة بإخراج مصر من البؤس الاجتماعي والأخلاقي والثقافي التي عاشته خلال ثلاثين عامًا. إن التحدّي الكبير أمام ثورة 25 يناير هو هل ستنجح في تحقيق شعارها الأساسي بعد سقوط النظام، وهو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟ فإذا اكتفت بالديمقراطية وتخلّت عن العدالة الاجتماعية فستبقى الثورة منقوصة وستفقد ثقة الجماهير بها.

رغم خطاب الرئيس الأمريكي براك أوباما وتبنّيه مطالب ميدان التحرير، إلاّ أنّ ما تريده أمريكا من مصر ليس ما تبتغيه الطبقة العاملة المصرية. الديمقراطية حسب المفهوم الأمريكي هي أفضل نظام لتطبيق الرأسمالية، فالفساد والمحسوبية يعرقلان إمكانية التنافس الحرّ لرأس المال ويخلقان استياءً في صفوف الشعب، ولذلك طلبت أمريكا من مبارك التنحّي. ولكن من يحكم مصر اليوم، سواءً كان الجيش أو الحزب الوطني بحلّة أخرى أو الإخوان المسلمون وحتّى محمّد البرادعي وأغلبية الأحزاب المعارضة التي شاركت في الميدان، كل هؤلاء يقبلون الديمقراطية بنمطها النيوليبرالي شرط إشراك الطبقة الوسطى في الثروة القومية. أمّا الطبقة العاملة فإنّها تدرك تمامًا بأنّه لا حزب يمثّلها، ومن هنا ترفض العودة إلى العمل وتستمرّ في الإضراب حتّى تضمن لنفسها الحدّ الأدنى من حقوقها.

ولكنّ العبرة من ثورة يناير هو أنّ ما تمرّ به مصر ليس سوى إحدى أشدّ الأزمات التي يمرّ بها النظام الرأسمالي في كلّ العالم. في الاعتصام العمّالي في ولاية ويسكونسين الأمريكية ضدّ حاكم الولاية الذي يسعى للحدّ من حقّ التمثيل النقابي للعاملين في القطاع العامّ، حمل أحد العمّال يافطة وفيها صورة مبارك إلى جانب صورة الحاكم وكلمة واحدة تجمعهما "دكتاتور" وتحت صورة مبارك مكتوب "هذا سقط" وتحت صورة الحاكم "هذا سيسقط".

إنّ المقاومة ضدّ أمريكا وإسرائيل تتّسع لتشمل مناطق كثيرة في العالم الذي يريد أن يغيّر هذا النظام الرأسمالي الظالم الذي قذف بالشعب المصري نحو الفقر. في هذا العالم الجديد، الذي يقاوم بطرق سياسية وديمقراطية كلّ أشكال الاستغلال والبطالة والفساد والفوارق الاجتماعية، لا مجال لاستمرار العنصرية والاحتلال اللذين تمارسهما إسرائيل ضد شعب يطلب الحد الأدنى من حقّه في الحرّية والاستقلال.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية: المسافة الفاصلة بين الديمقراطية والعدالة الا ...
- ظهور تيّار حفلة الشاي هو أرض خصبة تنبت عليها الفاشيّة
- العنصرية من الآن دستورية
- ليبرمان يقول الحقيقة
- سلام فياض والسلام الاقتصادي
- المفاوضات السلمية والثمن الذي يرفض نتنياهو دفعه
- لماذا أنقذ اوباما نتنياهو من العزلة؟
- الأسطول التركي يخلط الأوراق السياسية في إسرائيل والمنطقة
- المسيرة الخائبة لتحرير جلعاد شليط
- حزب دعم : النظرية والعمل الجماهيري
- إجماع دولي: ارفعوا الحصار عن غزة
- الأزمة بين إسرائيل والولايات المتّحدة - تعثّر الحلف الإسترات ...
- اوباما والتسوية القسرية
- المحرقة والمعادلة
- ابو مازن مصر على موقفه
- دبي والأبراج المزدهرة
- أبو مازن يُلقي حربته
- الاحزاب العربية – ثلاثة مواقف دون برنامج
- تقرير جولدستون: لائحة اتهام شديدة دون آلية للتنفيذ
- تفاؤل؟ مسألة سياسية لا اقتصادية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - مصر تنتصر على المقاومة