أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الحاج - هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال ثالث]















المزيد.....

هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال ثالث]


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 18:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 - تساؤلات:

نشر المحلل الفرنسي "ألان جيرارد سلامه" مقالا عما يصفه بهلوسة اليسار الاشتراكي الفرنسي بالشارع العربي. والعنوان يبدو استفزازيا، ولكنه بطرح أسئلة عما إذا كان الشارع العربي، الثائر اليوم، قد تغير فعلا باتجاه العصرنة والديمقراطية والعلمنة كما يبشر الاشتراكيون الفرنسيون. ويقول الكاتب إن مجرد طرح سؤال كهذا يقابل منهم حالا باتهامات بالعنصرية أو بالجهل. وحين يذكّرهم أحد بخطر الإسلاميين في مصر وتونس، ينبري اليسار بالرد العنيف، نافين الخطر، وزاعمين أن هناك مجرد حفنات من المتطرفين، وأما بقية الإسلاميين في البلدين فهم معتدلون ويريدون الاقتداء بحزب أردوغان التركي. وهذه الدعاية صارت رائجة اليوم في الصحافة اليسارية الغربية ولدى كتاب وباحثين معروفين من أمثال فريد زكريا وروبيرت فيسك.

الكاتب يعيد للأذهان هياج الشارع العربي والإسلامي حول الرسوم الكاريكاتورية إياها، وما رافقها من مظاهرات واضطرابات واعتداءات. ويمكن أن نضيف هياج الشارع المصري مع وقوع جريمة قتل الضحية مروة الشربيني والهجوم على السفارة الألمانية وغير ذلك من أعمال، أو مظاهرات الإسكندرية ضد الكنائس القبطية والقسس بحجة وجود مسيحيتين أسلمتا ولكنهما محجوزتان.

والواقع، وإذا صحت قراءتي، [وهو ما لا ينكره الكاتب]، أن الشارعين التونسي والمصري، بزلزاليهما الثوريين، ضما خليطا من الانتماءات والاتجاهات: فهناك بالتأكيد قوى شبابية، وقوى سياسية حزبية، نشيطة وفعالة جدا، تؤمن حقا بالحداثة والديمقراطية وتعمل على التقدم بالأمور إلى أمام نحو دولة القيم العصرية الديمقراطية. وهناك أيضا، وعدا الجيش، تيارات وقوى أخرى، منها شرائح حركها الظلم والفقر والبطالة والفساد قبل كل شيء، ولكنها لا تملك نفس الدرجة من الوعي الديمقراطي، وقوى إسلامية رجعية متربصة للصعود بفضل التنظيم والنفوذ الشعبي. وهذه الظاهرة ليست فريدة في الحركات التغييرية والثورات، أي عدم تجانس القوى المتحركة في دوافعها وأهدافها، مع الاتفاق على هدف مركزي عاجل.

إن دراسة ظواهر كبرى كهذه لا تتم بمنطق التبسيط؛ كما أن لكل بلد ومجتمع خصوصياتهما وثقافتهما وتقاليدهما وأخلاقا سائدة معينة. والتحولات النوعية في السياسة والمجتمع تأتي نتيجة فعل وإرادة مجموع التيارات والإرادات المتضاربة، والنتيجة النهائية لا يمكن أن ترضي الجميع؛ فالإسلاميون المصريون والتونسيون مثلا لن يقبلوا بقيام دولة علمانية ديمقراطية حداثوية، والقوى العلمانية واللبرالية لن تقبل بدولة أحكام الشريعة وبأن الدين الإسلامي هو المنبع الرئيس للقوانين والتشريع. وفي حالات أخرى، قد تنفجر فجأة القواقع الضيقة، كالطائفية المذهبية [ البحرين] و كالقبلية [ الحالة الليبية].

إن ما يجري اليوم في معظم الشوارع العربية- لاسيما مصر وتونس والمغرب والجزائر وليبيا والبحرين، يمكن وصفه بالحالة الثورية المفاجئة، [ مفاجئة في التوقيت والطريقة وغير مفاجئة من حيث وجود وتراكم الأسباب والمشاكل]، ولكن كل بلد سيسير وفق ظروفه وخصائصه ومحيطه، دون نكران التفاعل بين الجميع، مع التأكيد على الأهمية الاستثنائية لمآل الثورة المصرية. وفي أغلب هذه الحالات كانت الدوافع الأولى للانفجار مرارة الخيبة من الحكم والشعور بالتمييز والفساد والفقر والبطالة، ولكنها انفجارات تسعى مختلف القوى الفاعلة في المجتمع لتوجيهها كل وفق مصالحها وحساباتها أولا.

2 - الديمقراطية والثقافة الديمقراطية:

الديمقراطية هي أولا فكر وثقافة. وليس المقصود أن يكون كل مواطن مستوعبا لأفكار فلاسفة ومفكري الديمقراطية أو حاصلا على تعليم جامعي عصري متميز. المقصود هو الإيمان بقيمة المواطن وحريته مع الاعتراف العملي بحق الاختلاف والاعتراف بالآخر والتعايش معه. وهذا الفكر يجب أن ينعكس في السلوك العملي. وليس من النادر أن نجد مثقفين يكتبون عن الديمقراطية أبحاثا ودراسات جيدة ومتعمقة ولكنهم في سلوكهم العملي غير ديمقراطيين، كأن يتنرفز الواحد من رأي مخالف، أو يقابل الرأي الآخر بالتحامل الشخصي والإسفاف، وربما لحد البذاءة. هذا النموذج هو "الديمقراطي" اللاديمقراطي. ومثله من يشيد بالأحداث الثورية العادلة خارج بلده ولكنه يسكت عما يجري في بلده هو. كما هناك العلماني غير العلماني، كأن يكتب ويتحدث عن فصل الدين عن السياسة والمساواة والمواطنة، ولكن هذه تكون مجرد قشرة سرعان ما يزيلها حدث ما، أو حتى حديث ما، فإذا بهذا العلماني، كلاما وعنوانا، طائفي حتى النخاع. وقد سمعت عن نماذج غير قليلة من هذا النمط من عراقيين في دول غربية خلال فترة الحرب الطائفية في العراق عامي 2006 – 2007 خاصة، وصلت أحيانا لحالات طلاق زوجي على أساس المذهب. فالقواقع الضيقة الكامنة تظهر فجأة لتطغي على الشخصية ومواقفها.

إذ تكتب هذه السطور، تتطور الأحداث العربية بسرعة. ففي ليبيا عنف وحشي يمارسه نظام القذافي يقابله تصميم على القتال لإسقاط النظام الذي يتعرض لهزة كبرى. وتونس تشهد حالة من عدم الاستقرار والوضوح وتعدد المواقف، ومن ذلك مطالبة الإسلاميين وفرقاء يساريين بإزاحة الحكومة المؤقتة. وأما في البحرين، فمن حسن الحظ أن الأمور تسير نحو التهدئة ومن المتوقع أن تتم بعض الإصلاحات الهامة. ونضيف أن البحرين بلد منفتح بالنسبة لدول خليجية أخرى ولكنه فقير في الموارد وإن غلاء الأسعار وبعض مظاهر التمييز المذهبي من بين أهم عوامل المظاهرات الأخيرة والاعتصام. ونتمنى أن يؤدي الحوار الجاري إلى انفتاح سياسي ودستوري يسير بالبلد خطوات إلى أمام. فالحوار البحريني- البحريني هو الطريق السليم . وتبقى تطورات مصر التي لا يمكن التنبؤ بما سوف تنتهي إليه. ولكن حب مصر وثورتها يجعل واجبا ملاحظة بعض الحوادث والظواهر الباعثة على التساؤل إن لم يكن على القلق:

1 – مشاركة إسلاميين في لجنة الدستور من دون أي طرف سياسي آخر؛

2 – ليس ضمن المواد الدستورية التي ستعدل المادة التي تجعل من الإسلام مصدرا أساسيا للتشريع؛

3 – حضور الداعية الإسلامي الإخواني القرضاوي في ميدان التحرير يوم التجمع الكبير الأخير مع زملائه من قادة الإخوان، في مسعى للصعود على الموجة، ونفخه في المسألة الإسرائيلية ومحاولة تجيير فتح معبر رفح لرصيده؛

4 – عبور السفينتين الحربيتين الإيرانيتين لقناة السويس في عملية استعراض للقوة استفزازية ولجس نبض اتجاه السياسية الخارجية المصرية، وذلك في وقت يمر فيه نظام الفقيه في أزمة داخلية عميقة، ولأول مرة يهتف المتظاهرون بسقوط الولي الفقيه. ويذكر أن حزب الله قد استقبل، قبل ذلك، في احتفال شعبي ببيروت زعيم خلية حزب الله التخريبية المهرب من السجن في مصر، وحزب الله يعني إيران.

المنطقة كلها في جيشان وغليان، فإلى أين سوف تنتهي الأمور؟؟ من يستطيع التنبؤ؟ وهل كان أحد يتنبأ بزلازل اليوم؟! وكما قلنا، فلكل بلد مساره الخاص، والمستقبل كشاف.

الحوار المتمدن في 21 فبراير – شباط - 2011



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية [ 2 ]
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية.. [ المقال الأول]
- مقاربة عن الثقافة العربية ، والثقافة السياسية بالذات
- أيديولوجية الإسلام السياسي: استئصال الأخر وهدم الثقافة...
- المسجد: نعم، لماذا في هذه البقعة بالذات؟!!
- نعم كانوا شهداء وأكثر!
- مقدمة الجزء الأول من كتاب - من أوراق الرحيل- [راحلون وذكريات ...
- ميناس ميناسيان.. الصديق الذي لم ألتقِ به... راحلون وذكريات
- الدكتور جعفر محمد كريم... راحلون وشخصيات..
- الدكتور علي بابا خان.... راحلون وذكريات
- راحلون وذكريات ...الجواهري، أبو فرات، لو كان بيننا !!
- راحلون وذكريات: -رحلتي- مع عبد الكريم قاسم
- راحلون وذكريات: عبد الفتاح إبراهيم، والحاجة لدراسة وتقييم ال ...
- راحلون وذكريات.. عبد الرحمن قاسملو..
- راحلون وذكريات ... زاهد محمد زهدي
- كتاب راحلون وذكريات [الفصل الثالث] - هكذا عرفت جعفر الخليلي
- من كتاب عزيز الحاج [ راحلون وذكريات]2
- من كتاب -راحلون وذكريات- لعزيز الحاج (1)
- عامر عبد الله في ذكراه العاشرة..
- 11 سبتمبر وحرب الإرهاب الدولية..


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الحاج - هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال ثالث]