|
نجاح ثورة ليبيا ... هي إنذار ثالث للأنظمة العربية .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 11:29
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
كان أمس الأحد مفصليا في كفاح الشعب الليبي ضد الطاغية (القذافي ) ، الذي أصبح حكمه من الماضي ، بعد دخول جموع القبائل المحتجة الغاضبة إلى وسط العاصمة طرابلس ( آخر معاقل النظام المترنح ) ، هذا القذافي الذي تفوق دمويته دموية كاليجولا – Caligula ، ونيرون عند الرومان ، و جرائمه أفضع من جرائم جوزيف ستالين الروسي الأحمر ، بعنجهية وعناد عروبي تتفوق عن خصال صدام حسين الذي لم يتوان برهة في قصف شعبه في حلبجة بالكيمياوي ، وهاهو ابنه ( سيف الإسلام ) يعترف بأن أباه ليس مبارك ولا بن علي ، فهو لن يرحل عن الحكم إلا بعد تمزيق شعب ليبيا دولا ،وتشتيت وحدة شعبها ، وإحراق مقدراته وإعادتهم إلى ( العصر الجاهلي وأصحاب الكهف ) . **سيف الإسلام ..... صيحة في واد . ما جاء على لسان سيف الإسلام من تهديد ووعيد ، ووعود كاذبة بالإصلاح تجاوزته الأحداث ، فالشعب المقاوم الآن رفع سقف مطالبه ولن يرض إلا بتنحي القذاذفة من سدة الحكم ، ومحاكمتهم على جرائمهم البشعة ، التي أبانت عن وجههم القبيح استعانة بمرتزقة من ذوي القبعات الصفر ، وضربٌ للمدنيين العزل بالسلاح الثقيل ؟؟؟؟ استعمل سيف الإسلام في كلمته كل الأساليب التهريجية الخبيثة ، وحاول اللعب على وتر العاطفة وتضخيم حجم الأضرار التي ستنجم عن استمرار الثورة ، والمآلات المفبركة التي سيغدو إليها الشعب عند استمرارها في الثورة ، مهددا بعودة الإستعمار الطلياني، وقيام إمارات إسلامية ، واجتياح الجيران للبلاد.. وما إلى ذلك من قبيح الكلام الذي ينم عن رغبة النظام في البقاء ، وهي أضغاث أحلام تراود الحليم ، وهي صيرورات انتهجها قبلا حكام تونس و مصر بغباء ، فالإصلاح الحق يكون قبل الثورة لا أثناءها . ** شعب ليبيا ... شعب من ذهب ! . الشعب الليبي شعب صبور جلد ، صبرَ على النظام أزيد من أ ربعة عقود كاملة (42 سنة ) من حكم لا رُشد فيه ، حكم استبدادي بلا نظير ، وعندما ثار فثورته كانت هادرة ، ففي أيام معدودة بسط المحتجون قبضتهم على كامل الأجزاء الشرقية من البلاد ، وأبانت بنغازي والبيضاء والمدن الأخرى بسالة ومقاومة عنيدة رغم شح الإمكانات ، وتحررت المدن بعد انضمام جندها لصف المتظاهرين تحت صيحات الله أكبر ..الله أكبر .. الله أكبر .... رغم شح الأخبار وسط تعتيم إعلامي خانق عكس ما كنا قد تعودناه وألفناه زمن أحداث ثورتي تونس ومصر ، ومما يزيد المتتبعين إكبارا لهذا الشعب هو غياب الإعتداءات على الأملاك العامة والخاصة واختفاء ظاهرة النهب المنظم للمحلات ، والتعاون ، والإيثار ، واختفاء مظاهر العصبية والقبلية ، رغم محاولة النظام ترسيخها والتلويح بها جهارا نهارا ، وهي إشارات كافية لفهم خصوصية هذا الشعب المقاوم عبر التاريخ سليل المشواش و البطل عمر المختار ، وهذا الشعب مرشح بجدارة لتحقيق الرقم القياسي في سرعة القضاء على أعتى الديكتاتوريات في العالم . ** الدول الغربية .. لا تُؤتمن ... أظهرت أحداث ليبيا بأن الدول الغربية براجماتية في تعاملها مع الشعوب ... فمواقفها باهتة تلعب على الحبلين ، فهي مترددة في الإفصاح عن مواقفها بوضوح ، متخوفة من بقاء النظام الذي لوح بقطع الإمداد النفطي لها، وإغراق أوروبا بالمهاجرين الأفارقة ، ومتخوف من نتائج الثورة لعلها توصل الإسلامويين للحكم ، وهو ما يعني شنآن وتمرد على القيم الديمقراطية الغربية ، وتهديد للسلم (حسب تقديرهم) في الحوض الشرقي للمتوسط ، وتهديد أمن إسرائيل المُدللة ... وهو ما أبان بأن انظمة الغرب لا يهمها صلاح ليبيا ولا حريتها ، بقدر ما تهم مصالحها ومصالح إسرائيل ، فهي التي تمدُّ نظام ليبيا بالأسلحة والعتاد المخصص لإجهاض الإحتجاجات ، فالثورات والتبدلات التي تعيشها المنطقة مقلقة للغرب وأمريكا ومربكة لهما معا . ** الأنظمة العربية .... واجمة ، ساكتة، خائفة ، مترقبة . ما جرى في تونس ومصر ، وما يجري حاليا من حراك ايجابي في ليبيا واليمن والبحرين ، وما يرافقه من تأجج مطلبي سياسي واجتماعي في الجزائر والمغرب مقلق فعلا للأنظمة العربية القائمة التي هي بين فكي الرحى ( إما إصلاح استباقي ، أو زوال حتمي ) ، وهي سياسات بدأت تُنتهج باحتشام ، غير أنها غير مقنعة وغير مضمونة النتائج ، لأن الأنظمة المفلسة لا يمكنها أن تصلح نفسها بنفسها ، وهو ما يجعلها تفكر في مخرج شريف لها ولإتباعها ، خاصة وأن القوانين الدولية والمنظمات الإنسانية وشعوب العالم في صف المتظاهرين ، وهو ما يُلجم تصرفات الأنظمة ويجعلها تتخوف من عقوبات تطالها بعد التنحي على شعوبها ، أو على يد البوليس الدولي ، فالمجرم مجرما مهما طال الأمد ، وهو ما نعيشه ونعايشه من طلب تونس الرسمي استرجاع ( بن علي ) حيا أو ميتا لمحاكمته على جرائمه ضد شعبه ، فأين المفر يا حكا منا العرب ؟؟؟. ** إما إصلاح طوعي .... أو تنحي جبري . حكامنا هذه الأيام مصابون بإسهال مستدام ، وخطر الثورة على عروشهم قائمة ،ولا مفر من أمرين ، إما إصلاح حقيقي سريع ، وإما مصير مشابه لآل بن علي ، وآل حسني وآل القذافي ؟ فشعوبنا أدركت بأن الفرصة توفرت حاليا ولا يمكن أن تتوفر دائما ، وحان زمن الشعوب المتحكمة في رقاب الحكام ، وزمن الدولة في خدمة الشعب ، وزمن الشعب هو السيد وصاحب السيادة ، وزمن إعداد دساتير تترجم رغبة الشعوب لا رغبة الحكام ، دساتير جديدة بملامح جديدة ، أولها تقييد سلطات الهيئة التنفيذية بجعلها خاضعة للسلطة التشريعية الممثلة للشعب ، وضمان الفصل بين السلطات ، لتحقيق أمل عدم تكرار تجربة الفواجع التي نعايشها بسبب طغيان الحكام ، الذين لا يتنازلون عن السلطة إلا بعد سيول من دماء الأبرياء . ** المؤامرة الخارجية ... فزاعة كاذبة ( بروبوغندا ) . أنظمتنا تعودت على توظيف وتر ( اليد الخارجية ) في ضرب الخصوم والأضداد ، واكتشفت الشعوب أخيرا بفضل انفتاح وسائل الإعلام ، وتشعب مصدر الخبر بأن (المؤامرة الخارجية ) إفك تعودت الأنظمة التلويح به درأ للمخا طر المحدقة بها ، فهي فزاعة توظفها كقميص عثمان ، فهو حق اريد به باطل ، وتركبها خوفا من ضياع ريوعها ومناصبها ، فلا دجاج كنتاكي أفلح ؟ ، ولا ( الموساد ) الإسرائيلي قادر على اختراق الشعب ؟ ، فاليد الخارجية هي النظام نفسه ، المستعين بالتكنولجية الحربية الغربية في إبادة الشعب الليبي الشقيق ، ويصدق في هؤلاء الحكام القول العربي المأثور ( على نفسها جنت براقش ) . .مجمل القول أن الثورة الليبية هي ترجمان صادق على يقظة الأمة وسيرها الحثيث نحو التحرر والديمقراطية الصحيحة ، وهي إثبات بأن ما يذكره الحكام بأن بلدانهم بمنأى عن الثورة ضرب من الدجل ، وكثيرا ما قال القذافي بأن ليبيا ليست تونس ؟ ، وليست مصر ؟ ، واتضح أن هدير الشعوب مبطل لكل النظريات ، وملغ لكل الدساتير ، وماحق لكل الطواغيت مهما تجبرت ، و بركان الغضب الشعبي لن يهدأ حتى يقضي على كل الأنظمة المستبدة من المنامة إلى نواق الشط .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزائر .... وعبرة الإنتفاضات المجهضة .
-
أين الخلل في بوتفليقة أم العسكر ؟
-
ثورة مصر في الميزان .
-
الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!
-
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
المزيد.....
-
العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب
...
-
وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات
...
-
احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر
...
-
طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا
...
-
الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
-
بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
-
Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى
...
-
بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول
...
-
إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
-
روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|