|
الشعب الليبي يثور على القذافي -- هل يتحقق الحلم؟
منعم زيدان صويص
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 00:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنا نعتقد أن نظام معمر القذافي و"عائلته المالكة" سيبقى إلى الأبد بدون منافس، فلم يكن ثمة دلائل تشير أنه يمكن أن يرحل في يوم من الأيام. وفيما عدا قلة من المعارضين الليبيين في الخارج وبعض الإسلاميين الذين لم يعجبهم الزعيم الليبي لأنه رمى بضلال الشك على صحة الأحاديث والسيرة النبوية، فلم نكن نشعر أن الشعب الليبي سيثور في يوم من الأيام واعتقدنا أن ليبيا ستبقى متخلفة في جميع المجالات رغم أنها دولة نفطية. والحقيقة أننا كنا نرقب المظاهرات في ليبيا على شاشات التلفزيون بعيون غير المصدقين لما نرى. لقد كان هذا حلم الكثيرين ويظهر أن هذا الحلم في طريقه إلى التحقيق ولو بعد حين.
فمنذ أن نجح القذافي في الإطاحة بالملك إدريس السنوسي في عام 1969 وهو يتصرف بشكل أهوج يثير الاستغراب والضحك وكأنه لا يزال في سن المراهقة، إلى درجة أن أحدا لم يتعامل معه بجدية. ولكن دعم جمال عبد الناصر للقذافي في بداية عهده منحه الاستمرارية. وظل القذافي يتشبه بعبد الناصر و يفتخر إنه قال له: أنك أمين القومية العربية بعدي. انقلاب القذافي حصل في 1 سبتمبر وقد سمى القذافي هذا اليوم "الفاتح من سبتمبر" مستغلا بطريقة سخيفة كلمة "فاتح" لإلهاب حماس الشعب مذكرا إياهم بالفتوحات الإسلامية. وقد أصر القذافي على أن يسمي نفسه "العقيد،" فهو لا يحب أن تسميه الدول رسميا بالزعيم أو القائد أو الرئيس، والسبب الوحيد أن جمال عبد الناصر كان عقيدا عندما قام بالثورة المصرية سنة 1952.
ومن أغرب تصرفات القذافي أنه في آذار سنة 1970، بعد ستة أشهر من انقلابه، أرسل نائبه عبد السلام جلود مبعوثا منه للحكومة الصينية وإثناء اجتماعه برئيس الوزراء تشو إن لاي طلب المبعوث الليبي أن تبيع الصين لليبيا قنبلة نووية مقابل 100 مليون دولار، وكان هذا مبلغا كبيرا في ذلك الزمان. فقال له تشو إن لاى إن الصين الشعبية تمتلك أسلحة نووية ولكنها ليست للبيع. ولم يستطع القذافي أن يتخلص من هذا الهوس بفكرة القنابل الذرية إلا بعد أكثر من 30 سنة وبعد مشاكله العديدة مع الغرب وقضية لوكربي الشائكة، عندما تخلى عن برنامجه النووي وسلم كل شيء للأمريكان.
وبدأ القذافي "يبعزق" ثروة ليبيا القومية يمينا ويسارا منذ أن بدأ حكمه، يجرب هذه السياسة ويجرب تلك ويأخذ طريقا معينا ثم يتركه ويتبع غيره بعد أن يفرغ خزينة الدولة. ففي السبعينات توصل القذافي إلى قرار وهو أن يحول زعماء إفريقيا إلى الإسلام بدفع المال لهم وشرائهم. وقصة "الإمبراطور" جان بيديل بوكاسا، إمبراطور دولة إفريقيا الوسطى مع القذافي مشهورة. تبرع العقيد القذافي بخمسين مليون دولار لبوكاسا شريطة أن يعتنق هذا الرئيس الإسلام.. وقبض بوكاسا المال نقدا واستبدل اسمه في طرابلس من جان بيديل بوكاسا الى صلاح الدين بوكاسا. واستبشر الجميع في العالم الإسلامي لهذا "الانجاز التاريخي. " وبعد عودة بوكاسا إلى بلده صرح في المطار بأنه لم يغير دينه على الإطلاق. و بوكاسا هذا من نوعية القذافي، فالطيور على أشكالها تقع. ففي عام 1972 أصبح بوكاسا رئيسًا مدى الحياة. وفي عام 1976 تم تتويجه إمبراطورًا، وغير اسم البلاد إلى إمبراطورية إفريقيا الوسطى، التي كان عدد سكانها لا يتجاوز آنذاك مليون ونصف. وقد اتهم بأنه يأكل لحوم البشر وكان له مائة وخمسون زوجه. أما القذافي فقد سمى بلاده "الجماهيرية العظمى" لكي ينافس بريطانيا العظمى. الحقيقة أن القذافي عاد وجرب نشر الإسلام بهذه الطريقة، ولكن بين الحسناوات الإيطاليات هذه المرة.
ذهب إلى إيطاليا عام 2007 . و تقول وكاله الأنباء الصينية أن عدد مرافقيه في هذه الرحلة كان حوالي 300 شخص، بما فيهم 40 من حارساته الشخصيات. وقد ارتدين أزياء عسكرية مصنوعة من قماش الخاكى، و قبعات بيريه حمراء. وركب المرافقون ثلاث طائرات من طراز آرباص. وقات الوكالة: "خلال زيارته إلى ايطاليا، اجتمع الزعيم الليبي القذافي مع 700 امرأة في الأوساط السياسية، والتجارية، والثقافية، وأطلعهن على حال النساء في ليبيا. وقيل إن الزعيم الليبي قدم مثل هذا الطلب أيضا عندما زار باريس عام 2007، وطلب حينذاك ألف ضيفة، يتم اختيارهن بدقة، ليشاركن في الاجتماع الرسمي الخاص باستقباله. ووفقا لما كشفته الضيفات حينذاك قال الزعيم الليبي لهن بأنه يعتزم "إنقاذ النساء في أوروبا."
وفي زيارة أخري لإيطاليا عام 2009 دعا معمر القذافي إلى ما سمي بمحاضرة له هناك المئات من الفتيات الإيطاليات إلى اعتناق الإسلام. وفي نهاية المحاضرة أعطيت كل فتاة نسخة من القرآن الكريم و نسخة من "الكتاب الأخضر" ومبلغ من المال.
في الستينات ألف الزعيم الصيني ماو تسي تونغ كتابا سمي الكتاب الأحمر. وكان كل فرد من الشعب الصيني يحتفظ بنسخة من هذا الكتاب أينما ذهب. لم يُرد القذافي أن يسبقه أحد فألف كتابا اسماه الكتاب الأخضر. وخلال المظاهرات في الأسبوع الفائت رأينا المتظاهرين الليبيين يحطمون جدارا مرسوم عليه كتاب يحمل نفس الاسم. وفي هذا الكتاب يقدم القذافي ما اسماه "النظرية الثالثة" في الحكم، والمقصود أنها النظرة الثالثة بعد "الرأسمالية" و "الاشتراكية." ولا يزال مؤيدوه من الليبيين يؤمنون بهذه الأضحوكة. وفي هذا الكتاب أخترع القذافي مبدأ "المؤتمرات الشعبية،" وهذه الفكرة أيضا مأخوذة بطريقة فجة عن المبدأ الشيوعي الذي طوره لينين في بدايات الحكم الشيوعي في روسيا والدول التي سيطرت روسيا عليها، وسميت الدولة المؤلفة من روسيا ودول القفقاس الإتحاد السوفييتي لان الشيوعيين انشأوا مجالس على كل المستويات سموها سوفيتات، وكلمة سوفيت معناها مجلس وكان أعظمها مجلس السوفييت الأعلى كما نعلم. وتبنى القذافي المبدأ: "لا ديمقراطية بدون مؤتمرات شعبية." أما وزراؤه فقد غير ألقابهم من وزراء، وهي الكلمة التي نفتخر بوجودها في ثقافتنا، إلى أمناء، مقلدا بذلك ألقاب الوزراء في الولايات المتحدة الذي يطلق عليهم اسم أمناء secretaries] [.
وفي عام 1988 انفجرت طائرة "بان أميركان" فوق قرية لوكريي باسكتلندا ومات في الحادث 270 شخصا. وألقي القبض على الليبيين عبد الباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة واتهما بالضلوع في الانفجار. وحكم على المقرحي بالسجن المؤبد في 31 يناير 2001 بعد اتهامه بأنه المسئول عن تفجير الطائرة وأطلق سراح فحيمة. ودفعت ليبيا 2700 مليون دولار تعويضا لأهل الضحايا. ويقال بأن القذافي كان أمر بإسقاط الطائرة لأنه أراد أن يثأر من الولايات المتحدة بعد الهجوم الجوي للطائرات الأمريكية على ليبيا عام 1986.
وقد أدار القذافي ظهره للأمة العربية ونقل ولاءه لإفريقيا وحول اسم طيرانه من الخطوط الجوية العربية الليبية إلى الخطوط الجوية الأفريقية. وأخيرا تفتقت عبقرية القذافي عن تغيير أسماء الأشهر واستبدالها بأسماء أخري، وقد سمى شهر سبتمبر "الفاتح" وسمى تموز يوليو "ناصر." ولا يتسع المجال لذكر فضائح العقيد وأولاده وأقاربه ولا سلوكه في المناسبات والمؤتمرات ولا تصريحاته العجيبة فهذه الأمور تحتاج إلى مجلدات.
#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظلامية والتخلف في العالم العربي تراجعا خطوة إلى الوراء
-
قناة الجزيرة وعقدة الحرب الصليبية
-
سوريا ولبنان و-قلب العروبة النابض-
-
لماذا يصر العرب على تسليم العراق لإيران؟
-
ردود الفعل على انفجار الإسكندرية -- المقاربة الخاطئة لمعالجة
...
-
فضائية الحوار المتمدن
-
دفاعا عن الحكام العرب!
-
رأيٌ في الحجاب
-
كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|