تشكيلة ( قصة قصيرة)

حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 11:51
المحور: الادب والفن
    

تشكيلة !


كنت مستغرقا في لعبة بلاي ستيشن 3 حين اقتلعني جدّي من مقعدي،
قرّعني طويلا، لأنه ــ و بشهادة و والدتي ــ قد بحّ صوته و نشف ريقه وهو يستنجد بي. لكنني أعرته دون قصد مني أذنا من طين و أخرى من أسمنت مسلّح، بسبب كاتم الضجيج الذي كان يسدّ أذنيّ معا.
قال جدي ساخطا فيما كان يدفع لي بصحيفته اليومية:
ـــ لم أكن لأحتاج إليك يا أسير البلاي ستيشن لو لم أجد نظارتي.. فأقرأ عليّ المزبلة الوزارية الجديدة.
أزحت طاقية جدي، طبعت على رأسه قبلات عرفاتية حارّة، أعتذرت له طويلا و أنا أفتح صحيفة" الصباح" ثم أشرع :
ـــ بأمر رئاسيّ، تمّ تعيين السادة الوزراء الآتي ذكرهم لمواصلة المسيرة الموفقة تحت قيادة صانع التغيير فخامة رئيس الجمهورية و زعيم الأمة و قائد البلاد و حامي حمى الو.طن و...
صاح بي جدّي مستعجلا:
ـــ تجاوز هذا الهراء و أدخل بنا في صلب الخرى!
طفقت اٌقرأ:
ـــ رئيس الوزراء: نعيم منعم عبد الأمير.
رئيس مجلس النواب نعسان بن غفوان.
صاح جدّي متألما:
ــ معقول ! و هذا المتخلف العقلي صار رئيس مجلس نواب؟!
واصلت مستعجلا:
ــــ وزير التشغيل و القوى العاملة: أيوب صابر أيوب.
حرك جدي رأسه ثم علق قائلا:
ـــ أصبر يا دجاجة حتى يأتيك القمح من باجة!
ـــ وزير التجارة و التموين رشوان راغب رشوان.
ـــ المفسد رشوان مؤتمنا على قوت الشعب الغلبان؟ فلنبشر بكل مسبب للسرطان!
ـــ وزير العدل: أسير بن مظلوم
وزير البحث العلمي ناصر الخرافة.
وزير الداخلية : اللواء عبد الجبار باقر البطن .
وزير الصحة: عبد المميت عبد الدائم.
توقفت قليلا ريثما عبرت قرقرة شديدة سمعت من بطن جدي!
ـــ وزير الدفاع: بسّام وديع .
ضرب جدي كفا بكف ثم صالح متألما:
ــ و هذا المأبون عينوه وزير دفاع! هكذا دفعة واحدة.. لا حول ولا قوة ا لا بالله . ! وزير دفاع يا ناس!!... ليته دافع عن مؤخرته !
انهار جدي جالسا على حافة فراشي، عقب مستغربا:
ـــ و الله مهزلة حقيقية.
كان جدي محقا، فالصورة الشهيرة التي التقطها وزير الثقافة السابق بسّام وديع منذ أقل من شهر مع محرري مجلة " أنا مثلي" ما زالت عالقة في ذهنيّ.
بلغني صوت جدي وهو يقول بنبرة مرحة:
ـــ على ذكر المأبونين.. اسمع يا بني نكتة تذكرتها في التوّ ، و هي تطابق واقع الحال بل تفوقه في كوميديته السوداء.
عدّل جدي وضع طاقيته فيما كان يضيف:
ـــ أطال الضابط العراقي التطلّع إلى الشاب المتقدّم بطلب للتطوع في الجيش، سأله مبتسما ( وقد علم عن طريق أجهزة التحرّي لديه بأنه من صنف حثالتنا الوزارية بسّام وديع )" مالذي حملك على التطوّع في الجيش؟" أجاب الشاب المخنث بحماس أضحك الضابط" لقد اخترت الجيش حرفة حتى أدفع عن أرض العراق كلّ معتد"" ! ضحك الضابط ثم قال للشاب المأبون: روح يا ابني الله يسهّل عليك.. إن كنت عاجزا عن حفظ سنتيمترا مربّعا من جسمك، فكيف تقدر على حفظ 448 ألفا و 742 كيلومتر ا مربّعا من أرض العراق ؟! ".
كنت مستغرقا في الضحك حين تابع جدّي:
ـــ فلو حفظ ذلك الشاب مؤخرته و جنّب العار عشيرته، لكان مشكورا، أمّا أن ينتظر منه حفظ الأوطان فذلك محض الهذيان. و هذا يذكرني بإيران!
جدّي جدّ مهموم بإيران و بتعاظم خطر ايران على العالم الإسلامي، ففي كلّ مرّة يصفع جدي فيها بادعاء إيران تحرير فلسطين، كان يصيح في القائل" كيف تحررون فلسطين العربية و انتم تحتلون الجزر الإماراتية الثلاث منذ سنة 1971؟ ثم و أنتم تحتلون الأهواز العربية منذ 1925.. كيف تحررون فلسطين العربية و انتم لا تكفون عن التهديد بضمّ البحرين الي مملكتكم الفارسية... ثم كيف تحررون فلسطين العربية و انتم تساعدون الأمريكان على إحتلال العراق، حتى أنّ رئيسكم أحمدي نجاد قال بالحرف الواحد:" أن إيران مستعدة لملء الفراغ الذي ستخلّفه أمريكا في العراق"؟
بعد أن عب جدي كاس ماء وافيته به، مسح فمه بكفه ثم أضاف:
ـــ فلو كفّت إيران عن التعاون مع أمريكا و إسرائيل لكنا لها شاكرين، أمّا إذا طمعنا في دفعها العدوان عن أمّتنا.. فسيكون طمعنا لا يختلف عن طمع
أهل الشاب المأبون!...أكمل أكمل يا تحفون!:
تابعت قارئا:
ـــ وزير الأفلام و المسلسلات: عاطف بن معشوق البكّاي.
وزير السياحة : سهيل الكاشف السهيلي.
أمسك جدّي بطنه، قال وهو يعدو نحو دورة المياه:
ـــ قد أصابني والله إلإسهال من أثر هذا المقال.بل قل هذا المبال.
كان جدي سيء الحظ فقد كان أخي الصغير يحتلّ الحمام.
أضاف جدي وهو يراوح مكانه:
اذا أضفنا الى هذه التشكيلة الشبه المتحركة أربعة جلاميد ثابتة هي مؤيد الصامت نقيب الصحفيين، و حامد شاكر رئيس نقابة العمال
ثم وهو يطرق باب الحمام مستعجلا مغادرة اخي
و راضي الصامت النائب العام.
ثم وهو يرخي سرواله:
ـــ و مرتخي آل مبطوح، مفتي الجمهورية و رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، اذا أضفنا هذه الأوتاد الأربعة فالله يعينكم على هذا البلاء!
فور خروج اخي غيب جدي الحمام
صحت به مشيعا:
ـــ و يعينك معنا أيضا.
أطل جدي، هز رأسه ثم قول موافقا.
ــ و يعينني معكم ايضا ريثما يقوم وزير التموين ( و من قبله وزير الصحة عبد الدايم عبد المميت) بواجبه معي... ففي عهد هذا الغراب سيوارى جدك التراب و يدعكم للأوصاب ليخلص من النكد و العذاب!
أوسلو 13جوان 2010

#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات