|
قراءة سريعة: - عندما يلعب الفأر... يصبح لعنة-
أنور العلي
الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 11:54
المحور:
كتابات ساخرة
إن الأحداث التي تشهدها إنطلاقة العقد الحالي من قرن أراد له الغرب أن يكون قرن الشمولية الغربية وحالة التحكم والتسيد المطلقة في مقدرات ومصائر البلدان الأخرى – لاسيما في منطقة الشرق الأوسط – وعبر وسائله الرخيصة المتمثلة في أنظمة صنعها وزرعها هناك، وطبل وزمر لها، وزيّن أوجهها وصورها لتلقى نوع من القبول في مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والسياسية وغيرها، قد برهنت و تبرهن هذه الأحداث سقوط فكرة "القطعان المسيّرة" التي ساقتها وسائل الاعلام الغربية تجاه شعوب هذه المنطقة وشكلت عنصرا مهما في الخطاب السياسي الغربي، وقد نجحت الى حد ما في تحويل تلك الفكرة الى شبه حقيقة ألقت بظلالها فعلا على طريقة التفكير الأيدولوجي حتى للانسان البسيط الذي لا يفقه في أمور السياسة الخبيثة والمعتدلة.
من جانب آخر، استغلت تلك الأنظمة التابعة ما أتيح لها من الوسائل والامكانيات لتثبيت أركانها وكأنها خالدة أبدا ً، متناسية ً تطلعات تلك الشعوب (التي تمثلها – من باب إقرار الحال كواقع) نحو عيش كريم في أوطان حرة و كريمة، ولتنخرط في مسيرة وركب الحضارة العالمية المتسارعة بخطاها لخدمة الانسان أولا، ومحيطه الطبيعي، ومن أجل تواصل الشعوب فيما بينها عبر حوار متمدن وتقارب ثقافي ونقل التجارب الخلاقة والبناءة نحو عالم يسوده السلام والأمن والطمأنينة. والأدهى من ذلك، تمادت تلك الانظمة في غيها لتنتقل من حكم الفرد الواحد الى التوريث والتعاقب الأسري على السلطة، ليذهب الشعب حيثما شاء وبئس المصير.
جاءت الانتفاضات، بل الثورات، الشبابية في تونس الخضراء و مصر أم الدنيا (وكما يقول المثل العربي: والحبل على الجرار) لتحطم كل نظريات المنظرين و خطط جهابذة السياسة والتخطيط الغربيين وتفشل جميع استنتاجات وانجازات المخابرات الغربية وأبواقها، ولتجعل الفأر يلعب في جيب من يقف على قمة الهرم السياسي في الغرب ويعيد حساباته الموضوعة على أسس خاطئة.
فاجئت (القطعان المسيّرة) بضرباتها القاصمة لآمال المتعجرفيين رموز تلك الأنظمة بدءً من الرأس وأسيادها في الغرب لتجبرهم ( أي الأسياد) على إعادة حسابات مصحوبة بقلق لا يهدأ له بال من فقدان ما هو ليس لهم، والذين حاولوا الضحك على الذقون من خلال مداعبتهم لخلجات النفس البشرية التي تفور في أعماق الانسان العربي، متلبسين بوجه جديد، وجه (أنصار) المحرومين والمضطهدين الذين عانوا الكبت والحرمان والفقر والمرض وإطاعة الحاكم الفاجر الذي لا يفكر إلا بنفسه.
هكذا يثبت الغرب قباحته عبر تخليه بين ليلة وضحاها عن بيادق وضعها على رقعة الشرق الأوسط، ولم يحرك ساكنا أمام ثورات الشباب المتوهج نورا وعلما والذي أتقن فنون وأصول اللعبة السياسية الجديدة ليوجه أول "كش" الى الغرب المنتظر للنقلة القادمة "مات" وهي تقضي على مطامعه هنا.
لا يختلف الحال بالنسبة الى إسرائيل، وتبرهن حالة الهلع والخوف التي تسود الأوساط الاجتماعية، والقلق والأرق المصاحبان لقادتها ما مدى قوة وحجم تلك الضربات الثورية الشبابية المباركة. وبقراءة سريعة لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمة ألقاها يوم الأربعاء 16 فبراير 2011 أمام مؤتمر لزعماء اليهود الأميركيين في القدس: "يتعين على إسرائيل أيضا أن تستعد للأسوأ" و "لا أحد يعرف ماذا سيجلب المستقبل في مصر" و "يجب أن أستعد لمواجهة الأسوأ" و " إسرائيل لا يمكنها أن تدعي الحياد فيما يتعلق بالنتيجة". يظهر جليا بأن الفأر بدأ يلعب في جيب نتنياهو، وهو يخشى أن يتحول هذا الفأر الى لعنة، لذا ينوه وهو يخاطب المصريين الأبطال مؤكدا: "ينبغي أن يعرف كل مصري أن شعب إسرائيل ملتزم بالسلام معهم ومع جميع جيراننا الآخرين". وهكذا يشير رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى اتفاقات سلام تسعى إسرائيل لتوقيعها مع دول عربية أخرى، بمن في ذلك مع الفلسطينيين.
تحية لك يا "فأر" ، يا مَن جعلت نتنياهو يسعى الى "السلام" ، تحية لك لأنك وجدت مكانا تمرح وتلعب فيه، وتحية لك لأنك سوف تصبح لعنة له و لكل الرؤوس الخاوية المتعجرفة، وتحية لك لأنك تدفع موجاً لم يدركه من قبل كل الطغاة والقتلة. فالفأر عندمل يلعب يبدأ بـ (الكش) وينظر لعنته لتتحول إلى "مات".
#أنور_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معالي الوزير ... وقالها من قبلك كمال مرجان وأحمد أبو الغيظ
-
مجرد رأي: عندما يخل الخجل من نفسه
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|