أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات




الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 07:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأتي الاحتجاجات الشعبية التي تنطلق في المدن العراقية، كتطور طبيعي وإن جاءت متأخرة، إذ كان الوضع العراقي مهيئاً بصورة كبيرة لانبثاق التظاهرات والاحتجاجات، بعد تراكم الألم والتذمر طيلة عقود، وتعززت الحاجة الى الاحتجاجات في السنوات الثماني الأخيرة منذ إسقاط النظام المباد، إذ كان الشعب يأمل في أن يسهم التغيير في إحداث الإصلاح والحياة المرجوة، التي كان يطمح إليها أبناؤه في ظل الحكم الاستبدادي السابق، ولكن الأمور جرت بالضد من ذلك الطموح تماماً.
نقول، كان يفترض أن تجري التظاهرات المطالبة بالإصلاح والبناء ووضع جدول زمني لتنفيذ مطالب الناس منذ اليوم الأول الذي اسقط فيه النظام المباد ابتداء من 9 نيسان 2003، ولو جرت الأمور كذلك لما انبثقت التفجيرات الإرهابية الدامية التي أزهقت ولم تزل أرواح الآلاف من أبنائنا ولما جرى اختراق الأجهزة الأمنية وتنفيذ عمليات الاغتيال والتفجير تحت غطاء بعض منتسبيها، ولكنّا عززنا الطابع المهني للجيش والشرطة الوطنية.
وبصراحة نقول، لم يمارس العراقيون (ونحن بضمنهم)، دورهم المطلوب، وتركوا الأمور السياسية تجري بمعزل عن تدخلهم المباشر، وهذا خطأ فادح اوجد لنا طريقا مليئا بالألغام، فلقد استغل السياسيون الطارئون فراغ الساحة وغياب الإرادة الشعبية، لاسيما وان التغيير جرى على أيدي القوات الاميركية وبالتالي تفصيل الأمور وإعدادها بالضد من مصالح الشعب تحت واجهة (الديمقراطية) البراقة، ونتج عن ذلك عملية شحن طائفي وقومي وتخويف كل طائفة وقومية من الأخرى، من قبل أحزاب كان هدفها الرئيس التسيد في الساحة وحصد الامتيازات التي يوفرها لهم هذا التميز.
ولقد كان يجري بموازاة ذلك تحرك نشط للإرهابيين والمجرمين من شتى الأصناف لحصد أرواح الناس، ما اوقع المواطن العراقي في دوامة من الفزع والإحباط، وكأنهم يقولون له (موزين طلعت سالم من التفجيرات أهم شي السلامة والأشياء الأخرى تهون!)، وجرى في ظل هذا الوضع أبشع الأفعال للحط من كرامة العراقيين بقتل الاطباء واساتذة الجامعات والناشطين والمثقفين وشملت اعمال القتل الحلاقين والفنانين والنساء وعمال المسطر وجميع فئات الشعب من دون استثناء، من دون ان يتحرك الشعب لوضع حد لهذا الاستهتار بحياة أبنائه، ويقينا فانه لو تحرك في الوقت المناسب لما وقع ما وقع ولكنا تجنبنا جميع المآسي التي لحقت بنا.
لقد أدت الأحداث التي وقعت في تونس وتسببت في سقوط نظام (بن علي) وكذلك سقوط نظام (مبارك)، الى تذكير الشعوب ومنها الشعب العراقي بمدى قوتهم و بفاعلية الإرادة الشعبية في تحقيق التغيير ورسم مستقبل الناس، فبدأ الناشطون والمثقفون العراقيون بعد ان استفادوا مما توفره تكنولوجيا الاتصالات بتنظيم الاحتجاجات المنسقة، واشتركت معهم على نحو متفرق جماهير الشعب.
لقد أدت الطرق المدروسة التي جرت فيها عملية إسقاط تلك الأنظمة، والطريقة التي أديرت فيها التظاهرات والأحداث التي سبقتها الى لفت انتباه العراقيين ولاسيما من الجيل الجديد الى إرهاصات التغيير لدينا والأخطاء الكبيرة التي رافقت التحول والتي أدت الى ما أدت اليه من مخاطر لم تزل تفعل فعلها حتى الآن من دون أي بارقة أمل بحلها.
لقد أدت الانتفاضات الشعبية في الدول العربية، الى إحساس العراقيين بكرامتهم المهدورة وضرورة استعادتها، ومثلما ضربت الجماهير العربية صفحا عن الأحزاب والزعامات التقليدية، سعى العراقيون الذين نظموا الاحتجاجات الى النأي بأنفسهم عن اي صبغة ايدلوجية او دينية او طائفية، وطفقوا يتنادون الى القضايا التي تهم جموع الشعب، فثمة شعارات تتساءل عن أموال النفط وأين تذهب، وأخرى تنادي باجتثاث الفساد وتوزيع الثروة بصورة عادلة، وغيرها تطالب بتشغيل العاطلين، و شعارات تتضامن مع المسيحيين الذين يرى الناس ان عمليات منظمة تجري لغرض اجبارهم على ترك بلدهم الاصلي والهجرة، وشعارات اخرى تطالب بعدم التعرض للحريات بعد ان رأى المواطن ان هناك محاولات للتضييق عليها بمسوغات غير واقعية ومنافية للدستور.
ان الوضع العراقي أكثر سوءا من الدول الأخرى وأكثر مرارة، وإذا كانت شوارع تونس، وكذلك مصر تميزت قبل الثورة وبعدها بالنظافة والمواطنون يتمتعون بالكهرباء على مدار الساعة، وتسهر مدنهم حتى الصباح بمطاعمها ومقاهيها ومتنزهاتها، فإننا في العراق افتقدنا طيلة الأعوام الثمانية الماضية هذه الأشياء وغيرها، بل أشرفنا ونشرف الآن على فقد جميع معالم إنسانيتنا، إذ أكوام القمامة والأنقاض ترقد لأيام بل لأسابيع من دون ان يعيرها احد الانتباه، يجري هذا في مركز بغداد ووسط شوارعها الرئيسة ومنها شارعا الرشيد والسعدون برغم ان تلك الشوارع في مرمى عصا من مقرات المسؤولين الإداريين للعاصمة ونقصد بهما مجلس المحافظة وامانة بغداد، وكذلك برغم قرب تلك الشوارع وغيرها من المنطقة الخضراء التي يرتع فيها المسؤولون بأعلى مناصبهم.
أما الفساد، فلم يزل العراق في طليعة الدول في الفساد المالي والإداري ولم تزل أموال الناس تذهب الى جيوب اللصوص الكبار، من دون أن يتحقق شيء للمواطن اذ الكهرباء تتدهور باستمرار، وهي من سيء إلى أسوأ ولم يحصد المواطن سوى الوعود بحل مشكلة التزود بالطاقة الكهربائية في الصيف المقبل و الذي يليه، فإذا كان المسؤولون عاجزين عن توفير الكهرباء في هذه الأيام الملائمة لإنتاجها، ترى كيف يوفرونها في الصيف اللاهب!
ويبدو ان أمام العراقيين متسع من مسوغات الاحتجاج والتغيير، و انهم يدركون يوماً بعد يوم آخر ان الصمت عن حقوقهم ومتطلبات حياتهم ومستقبل ابنائهم لم يعد مقبولا، وحتى الذين صوتوا لصالح الأحزاب الكبيرة والذين يقول كثير منهم انهم نادمون الآن على ذلك التصويت، فانهم ما عادوا معذورين اذ أنهم الأولى بالتظاهر والاحتجاج بعد ان خذلهم نوابهم الذين يتسابقون الآن من دون استثناء على الامتيازات وتضخيم عدد الوزراء ونواب الرئيس وغيرها من الوظائف التي لا ضرورة لها، التي تستهلك جل الميزانية العراقية في حين تتضخم اعداد العاطلين ويعاني الموظفون الصغار والمتقاعدون من قلة رواتبهم التي لا تكفيهم حتى لأيام، وليست بنا حاجة لذكر الأمور الأخرى، ومنها الاستئثار بالأراضي وحرمان المواطن منها وغيرها من الامور التي لا تكفي هذه العجالة للإحاطة بها.
اخذ المواطن العراقي يشعر بان النواب والوزراء والمسؤولين الكبار لا يشعرون بعلل البلد ومعاناة أبنائه ولا يحفلون بالمخاطر الناتجة ولا يعملون على معالجتها، وهو يحس اي المواطن بان هؤلاء لا يعنيهم امر البقاء في العراق وان همهم هو حصد الأموال للتهيؤ للمعيشة في بلدان أخرى.
لذا فان الوضع لدينا، مرشح لأن يفاقم تذمر العراقيين وزيادة ثورتهم ومطالبهم ولربما يرتفع سقف تلك المطالب اذا ما جرى التغاضي عن تحقيقها والاكتفاء بالوعود الكاذبة لحلها ولربما تصل مطالب جماهير الشعب الى حد حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة، وليس ذلك بمستبعد.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى شعب بطل
- قرار رقم (29) .. تكريس للنهب المنظم
- شرطة الديوانية والضرب تحت الحزام
- لماذا يسكت العراقيون؟
- العالم الافتراضي يزلزل عروش الطغاة
- إهدار فرص الإعمار
- هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟
- لعبة القط والفار في محنة الوطن مع التيار
- سقوط (بن علي) .. نهاية الأزمة أم بداية الخروج منها؟
- المقاعد التعويضية وخلل النظام الانتخابي العراقي
- محاولات التجاوز على الديمقراطية وحقوق الإنسان
- أمنياتنا في العام الجديد.. طموحٌ الى القضاء على الحرمان
- 90 % من الأموال إلى الفساد .. فهل نقرأ على الكهرباء السلام!
- المواطن بين فشل الوزراء السابقين ووعود الوزراء الجدد
- خرق القانون مصدر لإهدار الحقوق وخلق الاضطراب
- الأغلبية النيابية وحقوق الأقلية
- جدل الحريات المدنية
- حضارة الماضي ام حضارة الحاضر والمستقبل
- الدفاع والداخلية في التشكيلة الوزارية المقبلة
- نحو الأداء الأمثل لمهام السلطات الثلاث


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات