أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحمن خضير عباس - خريف البطريرك














المزيد.....

خريف البطريرك


رحمن خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خريف البطريرك
رحمن خضير عباس
لم يكن البطريرك يدرك ان نهايته قد حانت . فكان يعد العدة للخلود . وهو يستحق ان يبقى الى الآبد على هذا الكرسي السحري , الذي اتّخذه اريكة ابدية منذ ثلاثين عاما . لم يدر في خلده انه لن يسبح في النهر مرتين لأن المياه تجري دائما . وان الزمن يتحرك وان الأشياء تولد وتموت في حركة جدلية مستمرة . لقد اسكرته مفاتن السلطة فهي تشريف ورُقي واموال تنهال وبذخ غير محدود وجاه كبير , فهي ليست بتكليف ومسؤولية ومحاسبة . فلماذا لايبقى الى الابد ؟ ولماذا هؤلاء الشباب في عجلة من امرهم ! لقد توهم البطريرك بانه صالح لكل زمان , فهو يتيم عصره وهو رمز الأمة وعليه ان يبقى جاثما على صدرها مادام حيّا . غير آبه لما يجري في الشارع الذي كان يغلي ويعاني ويكتوي برغيف المعيشة المر والمستحيل . حينما اخبره زبانيته عن نية الشباب بالذهاب الى ساحة التحرير . قال بسخرية ( سيبوهم يلعبو ) ولم يعلم أن العيال كبرت وان اللعب يحتمل الربح والخسارة . وانهم مصممون على الأنتصار .
في سبعينات القرن المنصرم كان عصر طيش الأنقلابات ولكي تكون قائدا ضرورة او معبود الجماهير , او ملك ملوك افريقية تحتاج الى دبابة واذاعة . وبمجرد اذاعة البيان الأول . ستصبح قائدا ملهما , وانك اتيت في الوقت المناسب لأنقاذ الوطن واسعاد الجماهير , وقد تتسع جماهيرك لمبايعة نجلك في حالة الوفاة (لاسمح الله ) فانتم الصفوة التي خُلقت للرئاسة فقط !
لقد كانت عواجيز مصر تعتقد ان الأ سرار ستبقى بين اروقة السلطة , وانهم يستطيعون ان يحتكروا المعلومة , وان يغيروا الحقائق , وان يحتكروا الأتصالات . وهكذا يمكن ان يتمترسوا خلف اسوار السلطة في قصورهم المنيفة , وان يمارسوا سياسة التجويع المبرمج . ولئلا يتفجر قدر الغضب , يرمون ببعض الفتات الى الناس . وفي ذات الوقت يبنون جهاز امن قادر على البطش . حيث يتم انتقاء افراده من الفئات الأ جتماعية المسحوقة , ويخضعون لتداريب لا انسانية لغرض غسل عقولهم وانسانيتهم فيتحولون الى وحوش مفترسة تفتك بعدو اسيادها . وهذا ما حدث في الهجوم على المتظاهرين فيما سمي بمعركة الجمل . لقد تجردت هذه الأنظمة من احتكار المعلومة –سلاحها الفتّاك - . فاصبحت المعلومة شائعة ومتداولة من قبل الجميع . فقد اصبح العالم قرية صغيرة وان الثورة الحقيفية للكومبيوتر قد غيرت وجه العالم الى الأبد وان الفيس بوك وتويتر ووسائل الأتصالات الأخرى جعلت هؤلاء مجرد نمور من القش سقطت اسنانها . لذالك فحينما تقارن بين تصريحات وائل غنيم وحسني مبارك - والتي جاءت اي التصريحات في لحظة زمنية حرجة – حيث ان تصريحات غنيم تنم عن العقلانية والثقة بالنفس والأيثار والقابلية على تقييم الواقع بشكل متوازن . فهو يصر على انه ليس بطلا وان الأبطال الحقيقين هم أبناء ساحة التحرير , اما تصريحات حسني مبارك فكانت على النقيض حيث كشفت انانية العسكري المعتد بنفسه .وجهل السياسي الغير قادر على قراءة الواقع والذي يؤمن بان كل ما قام به يستحق التقديرمن الشعب . لذالك فقد اصرّ ان يبقى في السلطة حتى اذا احترقت القاهرة , متمثلا بنيرون . ولكن العاصفة لم تسمح له ان يبقى على غروره في المكابرة والأستهانة بمصير الوطن .
لقد تهاوى البطريرك من صهوة حصانه . وسقط في مزبلة التأريخ . وفي لحظة السقوط هذه انتفض الوطن ليعبر عن نشوة الجوعى والمقهورين والشهداء والكادحين . هؤلاء الذين اضاءوا ليل القاهرة نهارا . والذين عبّروا عن افراحهم بالصراخ والهتاف والعويل , ليثبتوا للعالم اجمع ان ثورتهم لم تكن مغامرة للحصول على السلطة . وانهم اعتمدوا على انفسهم وانهم قالوا نعم للمستقبل , وقالوا لا للماضي الأليم وان الثورة ينبغي ان لاتُجيّر بالمتسلقين من الشخصيات الطامحة للسلطة ولا للآحزاب التي لاتؤمن بالديموقراطية . ولا الذين ركبوا الموجة بعد ان استشعروا نهاية البطريرك .
ينبغي على القوى الديموقراطية ان تعي ان سقوط الرئيس لا يعني تلاشي النظام القديم وحاشيته . فهي ذات تكوين هلامي لاتموت بموت الرأس , فلها القابلية على ان تؤسس نظامها , بعد ان تستبدل اساليبها بالحياة , ثم تجهض الثورة من جديد . ولنا خير مثال في شخصية بن علي في تونس حينما انقلب على نظام بورقيبة ولكنه اسس نظاما دكتاتوريا تحت واجهات كاذبة , مما جعل الشعب التونسي يعيش عقودا من سنين الجمر .
لاشك ان الأنظمة العربية ستتهاوى كاحجار الدومينو وذلك ان سونامي التغيير قادم لامحالة . وهو لايتوقف الآ بعد تساقط الأحجار كاملة وهذا لا ينطبق على رقعة جغرافية دون غيرها . فالنظام القمعي في ايران الذي احتكر منجزات ثورة 1979 هو في القائمة ايضا . وان نهاية اي بطريرك قادمة سواء قد لبس العمامة او الزي العسكري .
أوتاوة 12 / 02 / 2011



#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طعنات اليفة
- كومونة القاهرة
- مصر بين جمعتين
- انتفاضة الصبر الجميل
- الشعائر الدينية الى اين ؟
- جسر من طين ... واشكالية العبور
- قصائد مستعملة


المزيد.....




- المصانع الصينية تنقل الحرب التجارية مع أمريكا إلى مكان جديد ...
- الصين تحتفظ بورقة استراتيجية في صراعها التجاري مع ترامب
- هذه الصور الزاهية هي رسالة حب لنساء المغرب القويات
- ماذا نعرف عن الكلية العسكرية التي درّبت قوات المعارضة قبل ال ...
- أمير قطر يزور موسكو
- صراع النفوذ على النفط يعمق أزمات ليبيا
- عراقجي يميط اللثام عن رسالة خامنئي لبوتين
- غزة.. نزوح نصف مليون فلسطيني جراء استمرار العمليات العسكرية ...
- توتر تركي يوناني حول التخطيط المكاني البحري
- مصادر بوزارة الدفاع التركية: آلية خفض التصعيد مع إسرائيل لا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحمن خضير عباس - خريف البطريرك