عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3275 - 2011 / 2 / 12 - 01:50
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لا أقلل من شأن الإنتفاضة المصرية , عندما أقول بأنها لم تفاجيء مبارك وطغمته وحسب , وإنما أذهلت العالم بأجمعه . فقد دخلت غرف القصور الرئاسية للحكام العرب منْ أوسع أبوابها , ولا أعتقد أن أحدا من هؤلاء الحكام الذين إلتصقت عجيزتهم بكرسي الحكم عقوداً من السنين وقد فتحوا أفواه المعتقلات فأمتلأتْ وهي تناديهم , هل من مزيد , وفي قبال ذلك , هناك ملايين الأفواه من شعوبهم مفتوحة وهي تتضور جوعا ً , أمّا دون الجوع فليس لأحد من هذه الملايين أن يفتح فمه ولو بآهة ينفثها مع زفرة قد لا تردفها أخرى , خوفا من أفواه المعتقلات التي تبتلع مدنا بأكملها . ولكن ما حدث في تونس ومصر , قد كسّر أنياب الخوف وقلب عاليها سافلها . عجيب هو أمر سلاطين الجور , نار الثورات والانتفاضات تأكل بأجسادهم وكأني بهم لا يشعرون بسعيرها , ربما برودة الكرسي توهمهم بإنطفاء هذه النار ولو بعد حين , ولكن هذا الحين على عكس ما ترسمه لهم أخيلتهم المريضة , لأنه قد يمرغ جباههم التي تآكلتْ من كثرة سجودها لأسيادهم الذين أتوا بهم , وبعدها , إذْ يتيقن أسيادهم الذين ألصقوهم على رقع شطرنج مصالحهم , بأنّ أوراقهم لدى شعوبهم أضرمتها نار البحث عن الحرية , عندها يتخلون عنهم كما يتخلى المرء عن حذاء عتيق .وأعجب من ذلك ايضا , هي عدم خجل هؤلاء من إستمرارهم على الكذب الرخيص على شعوبهم , ليصل الامر ببعضهم , أنْ يتهم شعبه بالخيانة للوطن , ولك ان تتصور , كم من القبائح إجتمعت بهم ,وما أكثرها , لكنها على كثرتها , فهي قطعا ,لا تبلغ عشر العشر من مقدار ما جمعوه من الثروات التي سرقوها من أفواه شعوبهم .. وأقبح من ذلك كله , أنّ الشعوب تتسامح مع جلاديهم وتعطيهم فرصة الرحيل وفيها مما يحفظ ماء وجوههم الشيء الكثير , لكن بصرهم وبصيرتهم كأنها طُليت بطبقة كثيفة من القار فجعلتهم لا يحسنون مقاس الاشياء , فلا يلتفتوا الى ذلك , إلاّ حينما يلتف حبل المشنقة على رقابهم العفنة فيلقون في قمامة سلاطين الجور .. وما أكثر الشواهد على ذلك . وما أقلّ من تدارك نفسه ووعى بما يحيط به , تُرى هل مِنْ إذن صاغية لدى مَنْ هم على شاكلة هؤلاء ؟؟ أشكّ في ذلك !!
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟