|
لويزة ميشيل 1830 - 1905 سيرة حياة الأناركية الفرنسية , عضوة كومونة باريس و البطلة الوطنية , لويزة ميشيل
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5 - 02:13
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
لويزة ميشيل 1830 – 1905
سيرة حياة الأناركية الفرنسية , عضوة كومونة باريس , و البطلة الوطنية , لويزة ميشيل
ولدت لويزة ميشيل في 29 مايو أيار 1830 . قامت بتربيتها والدتها و جدتيها . حبها و تفهمها لكل ما هو مضطهد أو مسحوق , سواء أكان بشريا أو حتى حيوانيا , نما و تطور من تفاعلها مع عالم طفولتها . تعاطفها و حساسيتها مع أولئك الذين يعانون تقدم مع تقدمها في العمر . هذا إلى جانب غريزتها نحو التمرد ضد الظلم الاجتماعي , كل ذلك دفعها في الاتجاه الثوري . في يناير كانون الثاني 1853 بدأت تعمل كمعلمة في أوديلانكورت . عندما كانت تعلم هناك كانت تحلم دوما بالذهاب إلى باريس . عندما ذهبت إلى هناك ركزت على التعليم و كتابة الشعر و القراءة . في وقت فراغها القصير حضرت محاضرات في الفيزياء و الكيمياء و القانون . ساعدت هذه المحاضرات في إشباع ظمأها للمعرفة . عندما كانت تعود ليلا إلى منزلها عبر شوارع باريس بدأت ترى أعدادا أكثر من الضحايا الفقراء للمجتمع الباريسي . عبرت في شعرها كيف أثر عليها هؤلاء الناس :
شاهدت مجرمين و عاهرات و تحدثت إليهم . الآن أنا أسألكم إذا كنتم تعتقدون بأنهم قد صنعوا كما هم عليه الآن أن يجروا ملابسهم البالية في الدم و الوحل محكومين مسبقا , جنس شرير ؟
الحرب مع بروسيا
في 14 يونيو حزيران 1870 اندلعت الحرب بين فرنسا و بروسيا . تعرضت باريس للحصار من قبل الجيوش البروسية . في ذلك الوقت بالذات اعتقلت لويزة ميشيل لأول مرة . تمكنت , مع م أندري ليو , من تنظيم مجموعة من المتطوعين لتذهب لمساعدة ستراسبورغ في محاولة أخيرة لتعزيز صمودها ضد الجيوش البروسية . جرى اعتقالهم في فندق دي فيل , الذي كان المبنى الذي احتلته الحكومة المؤقتة . جرى اعتقالهم عندما أصروا على استلام الأسلحة . في 27 سبتمبر أيلول أطلق سراحها , لكن ستراسبورغ كانت قد سقطت بيد البروسيين . على الرغم من ذلك بقيت فاعلة و متفائلة . كانت رئيسة لجنة الأمن النسائية في مونتمارتر . كان هدفها تأمين المأوى و الغذاء لكل من يحتاجه . في ديسمبر كانون الأول اعتقلت من جديد . اتهمت بتنظيم مظاهرات أمام فندق دي فيل . ردت قائلة "لم يكن بإمكاني أن أنظم أية مظاهرة لكي تتحدث إلى الحكومة لأنني لم أعد أعترف بتلك الحكومة بعد اليوم" . في يناير كانون الثاني 1871 استسلمت باريس للبروسيين . سمح للفرنسيين بانتخاب حكومة جديدة . ضمت هذه الحكومة غالبية ساحقة من الملكيين الذين كانوا يخططون للإطاحة بالحرس الوطني و اعتقال الجمهوريين . فشلت تلك الحكومة لأن الشعب كان يعارضها فهربت إلى فرساي . في 18 مارس آذار 1871 أعلن شعب باريس أن مدينته هي ملك للشعب . لقد أقاموا "كومونة" مستقلة , حيث بات الناس أنفسهم – و ليس حكومة برجوازية فاسدة – يسيطرون على مصير المدينة .
كومونة باريس
أصبح هذا يعرف بكومونة باريس . كانت ثورة اجتماعية , حاولت أن تأتي بالحرية و العدالة لكل شعب باريس . لويزة ميشيل مثل الكثيرين منحت نفسها كلية للثورة . قاتلت على المتاريس , مكرسة نفسها بالكامل للقضية . كانت ترغب بحماسة في أن تضحي بحياتها في "سبيل انتزاع الحرية" . في مذكراتها , وصفت الصراع : "أشعر في عقلي بالسواد الناعم لليلة ربيعية . إنه مايو أيار 1871 , و أنا أرى الانعكاسات الحمراء لللهيب . إنها باريس و هي تشتعل . هذه النار هي الفجر" . بعد سحق الكومونة كان على لويزة ميشيل أن تسلم نفسها للسلطات عندما هددتها بقتل والدتها . مشت سيرا على الأقدام مع بقية السجناء الذين شاركوا في الكومونة من فرساي إلى ساتوري . في الطريق جرى إيقاظ البعض في منتصف الليل و طلب إليهم أن يحفروا قبورهم و بعد ذلك أطلقت النار عليهم . في المحصلة جرى إعدام حوالي 30 ألف رجل و امرأة و طفل . في السادس عشر من ديسمبر كانون الأول 1871 قدمت حكومة فرساي لويزة ميشيل و هي في 36 من عمرها للمحاكمة . اتهمت ب : 1 – محاولة الإطاحة بالحكومة 2 – تشجيع المواطنين على تسليح أنفسهم 3 – حيازة و استخدام الأسلحة , و ارتداء زي عسكري 4 – تزوير وثائق مزيفة 5 – استخدام وثائق مزورة 6 – التخطيط لإعدام رهائن 7 – اعتقال و تعذيب و قتل غير شرعي
عندما سئلت إذا كانت تريد أن تقول أي شيء في دفاعها أجابت : "لا أرغب بالدفاع عن نفسي , و لا أريد أن يدافع عني أي أحد . إنني أنتمي تماما للمسؤولية الاجتماعية لكل أفعالي . إنني أقبلها كلية و بدون أي تحفظ . لقد أردت أن أعارض غزاة فرساي بحاجز من اللهب . و ليس لي أي شركاء في فعلي هذا . لقد تصرفت بمبادرتي الخاصة . لقد قيل لي أنني شريكة في الكومونة . هذا صحيح بكل تأكيد , لأن الكومونة أرادت تحقيق الثورة الاجتماعية أكثر من أي شيء آخر , و الثورة الاجتماعية هي أغلى أماني .. الكومونة التي بالمناسبة لا يجمعها أي شيء مع جرائم القتل و الإحراق .. لأن أي قلب ينبض بحب الحرية له الحق فقط في التحرك إلى الأمام , فإنني أيضا أخذت نصيبي منه . إذا تركتموني أعيش فلن أتوقف أبدا عن المطالبة بالثأر و سوف أثأر لإخوتي . لقد انتهيت . إذا لم تكونوا جبناء , اقتلوني! " .
النفي من فرنسا
حكم على لويزة ميشيل بالنفي مدى الحياة . في الثامن من أغسطس آب 1873 بدأت رحلتها إلى كاليدونيا الجديدة . أثناء تلك الرحلة التقت بنتالي ليميل التي عرفتها على الأناركية . كانت ظروف الحياة في كاليدونيا الجديدة قاسية . كان هنا نقص حقيقي في الغذاء و القليل جدا من الرعاية الطبية . بعد أن قضت 5 سنوات في المنفى سمح لها بتدريس السكان الأصليين و أبناء المستوطنين . تعرفت عندها على السكان الأصليين لكاليدونيا الجديدة و شعرت تجاههم بالاحترام . يجري اليوم تذكر دعمها لنضالاتهم ضد الغزو الفرنسي و ضد العنصرية في عاصمة كاليدونيا الجديدة , نووما , حيث يوجد هناك متحف مخصص للأناركية . أخيرا قبلت الحكومة الفرنسية بالعفو عن سجناء كومونة باريس . في عام 1880 بعد ست سنوات و نصف في المنفى بدأت لويزة ميشيل رحلة عودتها الطويلة . في 21 نوفمبر تشرين الثاني تحدثت في أول اجتماع جماهيري في باريس . كانت خطاباتها ملهمة و مؤثرة . "إنهم الناس هم الذين سيخلصونا من الأشخاص الذين يفسدوننا , و الناس أنفسهم هم من سيكسبون حريتهم" . في ذلك الوقت كتبت الكثير من المقالات عن تأثير الإضرابات . عندما عاد السجناء الذين تم نفيهم بقي كثير منهم دون عمل و كانوا عرضة للجوع . بذلت ميشيل الكثير من العمل و الجهد في محاولتها إنشاء مطعم حساء لإطعام هؤلاء الأشخاص .
اعتقالها ثانية
في يناير كانون الثاني 1882 اعتقلت لويزة ميشيل ثانية . اتهمت بإهانة رجال الشرطة . رغم أن هذا كان مجرد كذبة فقد حكم عليها بالسجن لمدة أسبوعين . بعد إطلاق سراحها أخذت تلقي المحاضرات في كل أوروبا . في كل الأوقات كانت تحركاتها تحت رقابة الشرطة , بينما كانت تسافر من بلجيكا إلى هولندا إلى انكلترا . عند عودتها إلى الوطن استمرت بالتجوال في فرنسا جامعة المال للنساء عاملات الغزل المضربات . في 9 يناير كانون الثاني 1883 في ليون جرت محاكمة 68 أناركي . كان من بين هؤلاء بيتر كروبوتكين , إيميل غوتييه , بوردات و برنارد . كتبوا وثيقة سميت "بمانيفسيتو ( بيان ) الأناركيين" . شرحوا فيها ما هي الأناركية و ما الذي يريده الأناركيون . "إننا نريد الخبز للجميع , المعرفة للجميع , العمل للجميع , الاستقلال و العدالة للجميع" . حكم على كروبوتكين و الآخرين بالسجن لخمسة سنوات . في التاسع من مارس آذار 1883 في متنزه الإنفليدز جرت هناك مظاهرة حاشدة . بعدها توجه عدد كبير من الناس عبر باريس . كان من يقود هذا الموكب هي لويزة ميشيل . وقعت ثلاثة حوادث لسرقة أرغفة الخبز من دكاكين بيع الخبز . بعد أن اختفت لثلاثة أسابيع قامت بتسليم نفسها . اتهمت بأنها واحدة من "قادة و محرضي السرقة التي ارتكبتها العصابة" .
السجن مرة أخرى
حكم على لويزة ميشيل بست سنوات من الحبس الانفرادي و عشرة سنوات من رقابة الشرطة . وصفت هذا الحادث في مذكراتها "إنها ليست مسألة كسرات من الخبز . الموضوع يتعلق بمحصول عالم كامل , محصول ضروري للجنس البشري كله في المستقبل , عالم دون مستغلين أو مستغلين" . أثناء مكوثها في السجن كتبت باستمرار للسلطات . طلبت أن تنقل قريبا من والدتها المريضة في باريس . أخيرا سمحت لها السلطات بالانتقال إلى باريس و أن تبقى بجوار والدتها المحتضرة في أيامها الأخيرة . كان موت والدتها ضربة قوية . في يناير كانون الثاني التالي تم العفو عنها و تحريرها من السجن . بعد سنتين و هي تلقي خطابا أطلقت النار عليها خلف أذنها اليسرى . عندما حوكم قاتلها المفترض دافعت هي عنه . قالت أنه "قد جرى تضليله من قبل مجتمع شرير" . في السنوات الأخيرة من حياتها طافت بكثرة في أنحاء فرنسا داعية إلى الأناركية . بعد العودة من رحلة إلى الجزائر شعرت بتوعك شديد في مرسيليا – جزئيا بسبب الرصاصة المنغرزة في جمجمتها . توفيت لويزة ميشيل في التاسع من يناير كانون الثاني 1905 . كونها كانت في معظم فترات حياتها مضادة لفكرة البطولة الوطنية – محبوبة و مكروهة بدرجات متساوية , كانت جنازتها مناسبة كبرى مع الأعلام الحمراء و ألفي مشارك في الجنازة . جرت هناك مراسم مكرسة لذكراها في كل أنحاء فرنسا و في لندن . لقد قضت حياتها تناضل ضد الظلم في المجتمع , ضحت بنفسها و كرست نفسها بالكامل للثورة . "نحن الثوريون لا نلاحق فقط علما قرمزي اللون . ما نريده هو إيقاظ الحرية , القديمة و الجديدة . إنها الكومونات القديمة لفرنسا , إنها كومونة عام 1703 , و كومونة يونيو حزيران 1848 , و عام 1871 . و خاصة إنها الثورة المقبلة التي تتقدم تحت هذا الفجر" . الفتاة النحيلة التي اعتادت الجلوس قرب الموقد و أن تصغي إلى قصص جدتها عن أبطال الماضي , قد أصبحت هي نفسها أسطورة .
جاياسينثا داناسوامي حركة تضامن العمال نقلا عن libcom.org/history/articles/1830-louise-michel
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أساتذة الجامعات في المملكة المتحدة و أمريكا يدعمون الانتفاضا
...
-
مقابلة مع ناشط أناركي شيوعي في ساحة الحرية في القاهرة
-
الدعم للرجال و للنساء المصريات الذين يتعرضون لقمع الشرطة ! ب
...
-
أيها الجنرال , اكذب , ارقص , اقفز كالبهلوان , إنه زمن الحرية
...
-
نداء لكل اليسار الثوري و التحرري و اللاسطوي : للمشاركة في مع
...
-
معركة الحرية
-
ملاحظات على هامش الثورة المصرية
-
مرحلة جديدة : مرحلة ما بعد الثورة التونسية الشعبية
-
و من الشرارة يندلع اللهيب
-
إلى المستسلمين للأناركي الفرنسي ليبرتارد
-
دعوة لإطلاق حرية الاعتقاد و الضمير و كف يد المؤسسات الدينية
...
-
مواصلة للنقاش حول مجزرة كنيسة القديسين
-
مرة أخرى عن مجزرة كنيسة القديسين
-
عن مجزرة كنيسة القديسين
-
بين ماركس و باكونين , و ردود على بعض التعليقات
-
عن فرار المسيحيين العراقيين
-
دفاعا عن اليسار العربي
-
عن فقه الاستغفار و الدعاء و ما شابه
-
كيف انتصرت البيروقراطية و هزمت البروليتاريا الروسية
-
من التاريخ , عن صلاح الدين الأيوبي
المزيد.....
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
-
استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين
...
-
رائد فهمي: أي تغيير مطلوب
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|