|
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3267 - 2011 / 2 / 4 - 12:16
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رافقت شباب الغضب الشعبي كباقي المتعاطفين ، ليس حضوريا بالجسم ، وإنما مرافقة لهم وجدانيا عبر الفضائيات ، متابعا لأخبارهم وتحركاتهم واستبسالهم ، شباب ميدان التحرير الذين قدموا درسا لن ينساه العالم في وجه بلطجة النظام وزبانيته والمستفيدين من ريوعه ، ورفعوا بنود التحدي عاليا بلا وجل ، ورفعوا سقف مطالبهم إلى المنتهى ( إزاحة رأس النظام ) . ** الشباب المعجزة ...... عجز الأباء في تحقيق الحلم لأنهم لم يعرفوا السبيل الأقوم لزحزحة الأنظمة ، ولأنهم تربوا على الإمعية والخنوع والخضوع ، ولم يدركوا بأن الأنظمة خلقت لخدمة شعوبها وليس العكس ، وغذت الأدلجات و الدين المؤول ، والتنفذ الخارجي دوره الأكبر في بسط قناعات الإخضاع والخضوع ، مثل (كما كنتم يولى عليكم ) ،( وأطيعوا أولى الأمر منكم )، وتحريم الخروج عن السلطان وإن عصى . شباب اليوم انفتح على العالم واكتسب لنفسه قناعات جديدة استلهمها من تعامله مع الغير عبر وسائل الإتصال الحديثة من تلفزة وانترنيت وجوال ، ولعبت وسائل التواصل الحديثة والمجانية مثل ( الفايسبوك والتويتر ) ومواقع الشات والمدونات ، درها في التثقيف والمثاقفة سلبا وإيجابا ، وأدرك الشباب أخيرا أنهم نقطة في بحر ، وأن تفكيرهم بحاجة إلى تنمية وترقية وتفاعل مع الآخر ، فانكشفت الأخطاء ، وبانت العيوب ، واتضحت فلتات الأنظمة وعيوبها بعد أن أصبح الجميع قادرا على ترصد عثراتها وفهم نزوعها لوجود الفكر والفكر المضاد، ناهيك عن المواقع المتخصصة في كشف المستورات والمتخفيات ، وأخرى غاصت بلا منتهى في استجلاب توثيقات في غاية السرية تُظهر مدى بشاعة الأنظمة وخطورة وجهها الخفي ضد شعوبها ، مثل ما يفعله موقع ( وكيليكس )، أوتفعله قناة الجزيرة عبر عرضها لوثائق سرية خطيرة تضرب مصداقية ممثلي الشعب الفلسطيني في المقتل . *** الأنظمة التي تخاف من الشباب . الأنظمة المارقة ،الأنظمة المستبدة النابذة للحوار ، المستبعد ة للديمقراطية وإن لاكتها ألسنتها ، والتي تسعى إلى جعل الشعوب في خدمة الحكام وليس العكس ، هي أنظمة رعديدة وخائفة من أي هبة لشبابها بعد ثورة تونس ، وأعجبتني صورة شيخ تونسي يتضرع للسماء شاكرا الشباب على فعلتهم قائلا ( إنكم أفضل منا ، لأنكم حولتم أمانينا إلى واقع ). ***شباب ميدان التحرير .... قمة في الشجاعة والعطاء . ما يعجبني في الشباب المحتج المتظاهر في ميدان ( التحرير) وقفتهم الشجاعة في وجه المناوئين ، خدام ملكية مبارك من المرتزقين والمستفيدين ، كدت أن أفقد الأمل بعد أن أدركت أن الفعلة وراءها نظام ببلطجته و قواته بلباس مدني ، هدفها طرد المتظاهرين الشرفاء من الميدان بالعصي والحجارة وزجاجات المولوطوف الحارقة ، وعبر ترسانة من الخيل والإبل المستنفرة على شاكلة ما وقع في حرب داحس والغبراء ، وارتسمت في ذهني سيناريوهات عدة لإنهاء الموقف ؟، غيرأن وقوف الشباب في وجه المعتادين بعث الأمل من جديد ، واتضح أن الحق لا يذهب هدرا ،وأنه يعلى ولا يعلى عليه ، وقاوموا مقاومة لم أشهد لها مثيلا ، وأبانوا عن شجاعة مثيلة لشجاعة أسلافهم أيام العبور أيام إختراقهم خط بارليف ، وما أثلج صدري هو عدم تبنيهم لأي توجه ديني ، أو حزبي ، أو طائفي ، أو جهوي .... كل ما في الأمر هو حراك شعبي أجندته الوحيدة هي ( تحقيق الإرادة الشعبية في التغيير ) ، وهي ظاهرة أثبتت نجاحها وسؤددها وهي محط اعجاب وتقدير من الأعداء والأصدقاء في الداخل والخارج رغم محاولات وسائل الإعلام العميلة للنظام تشويهها ورميها بأقدح الأوصاف ، دون أن يعوا مقدار الإنقلاب الذي سينقلبه الظالمون . *** النظام في حالة احتضار .. اليوم سيرحل ؟!! . مقابلة مبارك مع شبكة ( أي ، بي ، سي ) ، وتصريحه الهزيل بأنه عدل عن الإستقالة خوفا من الفوضى ، وأي فوضى أشد من فتنة بين الشعب الواحد ، وأي فوضى يريدها بتهديده ووعيده في تخيير الشعب بين ( الإستقرار والفوضى ) ، وهو ما يعنى أن سيادة الريس يقول ( إما أن تخضعوا لسلطاني وإرادتي و تهدأوا ، أو أني سأدخل البلاد في فوضى عارمة ) ، فلم تنفع مع هذا الريس لا أصوات الغلابى ، ولا أنين الجرحى ، ولا دعوات العُّبّاد ، ولا نصائح وتوجيهات الحق والصواب الآتية حتى من أنصاره الغربيين والأمريكان ؟ ،أما نائبه ( عمر سليمان ) ، ورئيس حكومته ( أحمد شفيق) ، فقرارتهما تجاوزها الزمن ، وهي فاقدة المصداقية لا تأثير لها ، لأن مطالب الشارع تجاوزها ولا يمكن إعادة عجلة التاريخ للوراء لتلبية رغبات حكام ،همهم الأوحد الحفاظ على عروشهم، فالغضب الشعبي جارف لكل الشرعيات ، فلا شرعية مبارك ، ولا شرعية حكومته نافعة الآن ، فقد تحرر المارد من قمقمه فلن يرضى إلا بتحقيق أقصى المطالب وهي (رحيل مبارك ونظامه الإستبدادي بلا رجعة ) ، وما وقع الأربعاء هو انقلاب السحر على الساحر ، فما دبره النظام من دسائس ليلا أوضحت مخططه ، وقُبر سعيه نهارا وأدرك العالم جميعا دناءة النظام . ***يوم جمعة الرحيل .... الفيصل بين الحق والباطل . أعتقد جازما بأن اليوم سيُسجل في الطروس بحبر ذهبي ، حتى لا تنساه الأجيال ، فهو يوم انتصار الحق على الظلم ، يوم ستبزغ فيه عصر الحريات والديمقراطية ليس على مصر وحدها ، وإنما على كافة بلاد المشرق العربي ،وبلاد المغرب الكبيرالذي سيهب بلا شك بدوره من جديد ، أسوة حسنة بما وقع في تونس ومصر، لكنس بقايا الديكتاتوريات الجرادية التي التهمت مقدرات البلاد والعباد ، وكل المؤشرات تشير إلى أن زمن مبارك قد ولى ، وأصبح من حكم الماضي ، وأنه آن الأوان أن يحكم المصريون أنفسهم ( باسم الشعب ) . الخلاصة : مهما كانت جبروت الأنظمة وطغيانها ضد شعوبها ، ومهما كانت عظمتها وقوتها البوليسية ، ومهما برعت في التخطيط والقمع فإن إرادة الشعوب الهادرة قوة ربانية لا يردعها رادع ، ولا يوقفها بطش ، لأن إرادتها من إرادة العلي القدير ، وذاك ما عبر عنه الشاعر الشابي أصدق تعبير بقوله : [إذا الشعبُ يوما أراد الحياة ***** فلا بد أن يستجيب القدرُ. ].
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
-
ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .
-
السبي في الإسلام ...رذيلة منكرة ( ردود وحدود).
-
السبي في الإسلام ... رذيلة منكرة .
-
هوية الأمازيغ ،التأصيل والتشريق .
-
جودا ، أكبر (الإستهجان والإستحسان).
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|