|
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 20:15
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لايمكن لمريء عاقل أن يصدق ما يراه على المباشر من تقاتل بين المواطنين المصريين ، هذا التقاتل الذي سبقته تطمينات بحق التظاهر السلمي صرحها بها قادة الجيش أنفسهم ، فاكتظ في هذه الساحة بالأمس جموع يصعب عدها وحصرها لكثرتها من المناوئين لمعارضين للنظام ،والذين يطالبون ملء حناجرهم برحيل الرئيس . *** النظام الذي يتباكى على الأملاك ويسكت عن تقاتل الأبناء .. خطاب الرئيس كله أسف عن الخسائر المادية ، غير أنه لم يتوانى في ايعاز الأمر لزبانيته بتحضير مقلب كبير للمعارضة ، وفق مخطط جهنمي حضّروه ليلا وفكروا فيه مليا ، هدفه إسقاط المعارضة بنفس سلاحها ؟ الهدف : تحرير ميدان التحرير من المعارضة التي أقلقت النظام ، وأوصلت صوت الغلابى لكل العالم ، فحاجة النظام هو كبت هذا الهدير المقلق الذي تمادى في مطلبه ، فلم يكفيه تعيين نائب الرئيس ، ولا حكومة جديدة ، ولا إصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية موعودة ، فهو ملح ( على إسقاط الزعيم ! ) الوسائل : • يجب جعل الجيش في وضع حيادي حتى لا نفسد العرس الإنقلابي ، وحتى لا يشار لمصر بالبنان بأن جيشها يقتل المواطنين ، فالجيش يؤتمر بقيادة خيوطها يتحكم فيها الرئيس ، فهو قادر على خدمة النظام وتسهيل مهامه خلسة وتقية . •قوات الأمن بتعدادها الذي يمثل 2 بالمائة من مجموع السكان ، يستحسن إبعادها عن ميدانها الفعلي لتترك فراغا ظاهره الخوف من تجدد الإشتباكات مع المتظاهرين ، وخفيهُ تحويلهم إلى ( مدنيين بلطجة ) بالتنسيق مع الحزب الوطني و المستفيدين من خيرات البلد ،و الذين يخافون انفلات الأمر لغير صالحهم . •الإستعانة بالبدو بخيالتهم وجمالهم وعرباتهم باعتبارهم مدنيين يحق لهم التظاهر ضد الآخر ولو بالقوة ولو أما م مرأى ومسمع السلطة الحاضرة الغائبة ؟ •التنسيق مع قوات الجيش العاملة وقوات الأمن بعمومها في تسهيل مرور الجموع المناصرة للرئيس ، باختيار الوقت المناسب الذي يكون فيه المعتصمون المعارضون متعبون من نهار جلل جراء مظاهرتهم المليونية بالأمس . التنفيذ : تجميع المناصرين ( أغلبهم شرطة سرية في لباس مدني )على مداخل ميدان التحرير الذي يحرسه الجيش ، وإحضار كوكبة ( من الحرس البدوي بعد أن أنعم السلطان بفضائله عليهم )، وكان يفترض أن يحرص الأمن والجيش في عدم احتكاك الأطراف فيما بينها ، لأن التظاهر السلمي حق دستوري معترف به ، وكان بإمكان مناصري الرئيس التظاهر في مواقع أخرى بعيد عن ميدان التحرير ، غير أن السلطة ترى أن الغرض هو تحرير الميدان من هؤلاء .. فكان لزاما عليها مهاجمة المكان بالقوة لإفراغه من قوى المعارضة ، فكان الجيش متساهلا في مرورهم وتدفقهم بقوة داخل ميدان التحرير ، وذاك ما أدخل الجمعان في مناوشات كلامية ، أعقبها احتكاك مخطط ، تحول إلى صدام بالأيدي والهراويات ، رافقه رجم بالطوب من الجوار على المعتصمين قصد تفريقهم وتبديد شملهم ، فوقعت حرب وطيس شبيهة بحروب القرون الوسطى ، ميمنة وميسرة ، وقلب ، كر فر ، تقدم وتراجع ، سقط جراءها عشرات المصابين والمصابات من ا لجانبين لا يمكن عدها وحسابها ، كل ذلك على مرأى ومسمع العالم عبر فضائية فرانس 24 ، و قناة العربية التي كانت في معظم أوقاتها بوقا لخدمة النظام ، لعلها بتغطيتها ستكون منافسة للجزيرة التي هجروها وأغلقوا موقعها تماما على القمر نايل سات . النتيجة : تصادم بين الأخوة الأعداء ، الذين يجمعهم الوطن ، وتفرقهم السياسة والنظام ، ضرب بالعصي والهراوت ، وتبادل للرشق بالطوب والحجارة ، أمام مرأى ومسمع الجيش الذي بقي واجما بلا حراك ، ( كأن الأمر مدبر مسبقا)، سقطت ضحايا ، وسالت دماء هدرا بين المصريين أنفسهم يصعب تقديرها حاليا .
تقييم وتقويم :
هذه الواقعة المفجعة التي شاهدها العالم برمته على المباشر ، بين أفراد مجتمع واحد مزقتهم الحزبية والسلطة ، تثبت مدى التردى الذي بلغته الأنظمة في واقعنا الحالي خاصة في البلدان المعروفة بالعربية ، فهي أنظمة غير صادقة مع نفسها ومع شعوبها ، ولا يؤتمن جانبها مطلقا ، فهم مستعدون للتضحية بنصف السكان للبقاء في عروشهم ، ومستعدون للتعامل مع الشيطان للبقاء في مناصبهم ، فالوطنية ملك يمينهم يتصرفون بها كيفما شاؤا وأرادوا ، والبقية من خلق الله أوباش ولصوص وأراذل ، يجب عليهم أن يسكتوا ويخضعوا أو يقتلوا ، فالسلطة باقية في يد الرئيس مبارك ، وينقلها سلميا لمن يريد ، فتتغير الشخوص ويبقى النظام جاثما كما كان ولو أن مبارك مقبور وهو رميم . •لا يتصور عاقل بأن أ مرا كهذا يحدث في بلد إسمه ( مصر ) البلد الذي ينظر إليه العالم بأنه قلب الوطن العربي ، البلد العظيم بشعبه وثوراته وإسهاماته الفكرية والفنية والحضارية ، كيف استطاع النظام أن يدجن هذا الشعب ويكبله بقيود يصعب الإنفلات منها ، كيف يرتضي جزء من الأمة خيرا لنفسه وآخرون مؤواهم الجحيم ؟ •كلمة الفصل لم تقلها المعارضة الشبانية ، والتي وإن أفصحت عن رغبتها في تنحية الرئيس سلما وقولا ، فإنها لم تلتجيء بعد إلى المكروه والخروج الفعلي عن السلطان ، ولعل ذلك ما يريده النظام لإيجاد ذريعة بينة و مناسبة لقتل هؤلاء جميعهم ، وعلى أيدى الجيش الشعبي الذي يؤتمر بأوامرهم وطبقا للدستور وقانون الطواريء طبعا ؟؟؟ الخاتمة : محاولة التفاف الرئيس على الثورة ، واستعمال أساليب الخداع والقوة في كتم أصوات المظلومين استغلالا للفوارق المادية وإلإمكانات اللوجيستية المتباينة بين الفريقين ، أثبت مدى دناءة الأفعال المرتكبة ، ومسؤولية ما وقع يتحمله الرئيس وحده ، والدماء التي سالت سيُحاسبُ عليها عند العلي القدير ، و مواساتنا لأهالي المفقودين والمتضررين ، وعزاؤنا للشهداء الذين سقطوا غدرا بتواطيء الأمن والجيش ، ولعل في الحادثة ما يخبيء منعرجات خطيرة بسيناريوهات عدة لا نعلم مداها وقوتها ، فالمظلوم ينام قرير العين ، والظالم ينام خائفا مرتعدا من هبة المظلومين . ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
-
دستور الجزائر 1963 ، من منظور أول رئيس للمجلس التأسيسي الجزا
...
-
ثورة يناير بتونس ... دروس وعبر .
-
عبد الرحمن اللهبي ، الهلاليون وانتفاضة شعب تونس ... وأشياء أ
...
-
انتفاضة تونس في طريقها إلى التتويج .
-
الشباب الجزائري ..... وظاهرة الهدم الذاتي .
-
الجزائر تحترق ، والشعب يختنق ، وقادتها ساكتون .
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (2/2)
-
العروبة والإسلام ...تكامل أم تنافر ؟ (1/2)
-
ألفة يوسف .... وحيرة مسلمة .
-
السبي في الإسلام ...رذيلة منكرة ( ردود وحدود).
-
السبي في الإسلام ... رذيلة منكرة .
-
هوية الأمازيغ ،التأصيل والتشريق .
-
جودا ، أكبر (الإستهجان والإستحسان).
-
الغزو العربي لشمال إفريقيا ( أرقام ودلائل )
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|