أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محيي الدين ابراهيم - على مُبَارك أن يرحل















المزيد.....

على مُبَارك أن يرحل


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 15:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



على مبارك أن يرحل، هذا ما رددناه جميعاً ومازلنا نردده وبقوة، عليه أن يرحل الآن، أن يرحل عن رئاسة مصر، عن زعامة مصر، نحن لا نريد بالرحيل أن يرحل خارج مصر، فنحن المصريون لن نرضى أن نطرد مبارك للخارج وقد كان له ماضيا عسكرياً مشرفاً لوطنه في لحظات الحرب والسلم الذي وللأسف تحول إلى حاضر غير شريف بسبب ابنه جمال، لقد كان جمال مبارك لعنة أبيه وأمه، كان لعنة على مصر كلها، لطخ حاضر أبيه بالسواد، وكاد أن يلحق بمصر كلها العار، عار الوراثة، وربما أرى أن ما يعيشه مبارك اليوم من لحظات رفض شعبي عارم وبإجماع الكل رغم عطاءه العسكري هو بسبب ابنه جمال ( لعنة جمال مبارك ) الذي ظن أنه سيرث بلداً في حجم مصر بعدما اعتبرها ( عزبة ) يمرح فيها وبها كيفما شاء، وهو الذي لا يحمل أي مؤهلات وطنية تؤهله لهذا المنصب سوى انه مجرد مواطن مصري كملايين المواطنين المصرين أما غير ذلك فلا يوجد لديه شئ على الإطلاق، ومن هنا كانت الطغمة الفاسدة التي أحاطت به وأحاط بها حتى أحاطت بهم جميعا خطيئتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون، إن خطأ مبارك الذي دق مسمار النعش الأخير في مسيرة رئاسته لمصر، أكرر .. كان جمال مبارك، اللعنة المنسابة التي لم تلحق بنا كشعب ومن ثم أظن أننا لن نوصم تاريخنا كمصريين بعار طرد رئيس مصر السابق حسني مبارك ولكن فقط نريده أن يرحل عن كرسي الرئاسة، خارج أي عمل سياسي، يرحل وليقضي المتبقي له من العمر في شرم الشيخ ويتابع كمواطن مصري ما سيفعله المصريون من انجازات – بإذن الله – من بعده، بعدما تم إغلاق ملف التوريث إلى الأبد.
وتحت مظلة هذا السيناريو، سيناريو الرحيل الذي ننادي به جميعاً لمبارك، نجد أنه كلما عصفت بنا الأزمات في مصر، لا يقف بصلابة في تحديها وعبورها إلا جيش مصر ورجالاته.
إننا كمصريون نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي لم يعتريها فساد طيلة وجودها الحضاري، نفخر بالمؤسسة العسكرية المصرية التي أثبتت أنها حامي مصر الوحيد والأب الشرعي الوحيد لمصر ولأمن مصر.
إن الحياد الذي التزمت به المؤسسة العسكرية تجاه الأحداث الأخيرة لابد أن يجعلنا نتأمل عظمة هذه المؤسسة وإثباتها بما لا يدع مجالاً لشك أنها لم تنحاز لطرف على حساب طرف لكون الكل أمامها مصريون، وأنها ما وجدت إلا للدفاع عن المصريين لا لقتلهم كما فعل جهاز الشرطة في يوم العار الذي سيلاحقهم للأبد.
المؤسسة العسكرية لم تنحاز للنظام رغم أن رأس النظام رجل عسكري، لم تأخذ دور وزارة الداخلية وتركت نفسها أداه غير شريفة في يد النظام يضغط بها على الناس متى شاء ويقهرهم ويقمعهم ويذبحهم متى شاء مقابل بقاءه في الحكم، ومن هنا أثبت الجيش بتلك المسألة استقلاله الكامل وسيادته الكاملة في مثل هكذا ظروف كالتي تمر بها مصر الآن حتى ولو كان رأس النظام هو أحد رجاله.
لقد فعلت المؤسسة العسكرية في ثورة الشباب المصري مالم تفعله أي مؤسسة عسكرية من حولنا، لم تطلق رصاصة واحدة، لم ترهب الناس، بل أنها وبعظمة الجندي المصري والعسكرية المصرية استطاعت أن تمتص غضب الشباب والناس وتحول خوفهم وريبتهم منها إلى حب ومن ثم احتضان، لتغرس في قلوبهم وفي هكذا ظروف حرجة أروع نبضات الانتماء الوطني الحقيقي والذي لم نر من خلاله سوى علم مصر فقط الذي يرفرف فوق رؤوس الجميع، دون تحزب ولا مذهبية ولا دينية ولا طائفية ولكن مصرية وطنية خالصة من شباب مصر حبات لؤلؤ ذلك الوطن.
إن مشاهدة الشباب المصري وهو يعتلي الدبابات مع جنوده وإخوته من العسكريين المصريين مشهداً أراهن عليه إن حدث في أي بلد من بلدان العالم حتى أميركا، لكون هذا المشهد لا يحدث إلا في مصر.
قال لي أحد الشباب: لم أكن أتصور أن جيشنا بهذه العظمة، كنت لا أعرف شيئا عن جيشنا، كنت أتصور أن الجيش مجموعة أوامر من رجال غلاظ عتاة يثيروا في قلبك الرعب فتكرههم حينما تطالعهم عيناك، ولكني وبعد ثلاثة أيام من قمع الشرطة بكل الوسائل القمعية والغازات التي كانت تطلقها علينا فتصيبنا بحالة من الشلل المؤقت لدقائق ينهالوا فيها علينا ضربا وسحلاً بكل ما أوتوا من قوة وجبروت، جعلني حينما رأيت مدرعات الجيش أن آمنت بأننا هالكون لا محالة وأننا لن نذهب إلى منازلنا إلا جثثا هامدة خاصة بعدما سارت بيننا إشاعة أن مبارك بحكم كونه طيارا عسكرياً فسيأمر حتماً رجال القوات الجوية بقصفنا بطائرات أف 16 من فوق أسطح المنازل!، ولكن بعد أن حاوطتنا الدبابات وكنت لم أر دبابة حقيقية طيلة عمري - وبالمناسبة فإن منظرها مرعبا ومخيفاً – حينما حاوطتنا ووجدنا أنفسنا محاصرين برجال الجيش ومدرعاتهم من كل جانب فوجئنا بقائد عسكري منهم يمسك ميكرفونا وينادي فينا ويقول بنبرة صوت هادئة ومطمئنة ياشباب مصر العظيم، وحينما سمعنا هذا النداء، عندما سمعنا ياشباب مصر العظيم بكى معظمنا، أنا نفسي بكيت يااستاذ محيي، بكيت بجد، حسيت أن هذه الكلمة الصغيرة حولتني من صعلوك حقير تم امتهان كرامته وآدميته على يد جهاز شرطة فاشستي لمدة ثلاثة أيام متواصلة لمولود جديد يحمل كبرياء وكرامة، لقد أعاد لي الجيش بنداء صغير كرامتي وآدميتي وكبريائي الذي انتهكته شرطة حبيب العادلي، قال لي احدهم وكان بجواري ينزف من أثر احدي الطلقات المطاطية التي اخترقت ذراعه، أنها خدعة وسيقتلوننا جميعا، الجيش جاء بعد العادلي ليقضي علينا جميعاً، إنه جيش مبارك ياحمار الذي ننادي بسقوطه، لقد هلك الجميع، وهنا وجدتني أهرول بهستيرية متوجهاً نحو إحدى الدبابات القريبة منا، كنت اصرخ بكلمات غير مفهومة في معظم مخارجها اللفظية لكوني كنت مازلت متأثرا بالغاز الذي استنشقته وافقدني القدرة على الحركة وجعل لساني ثقيلا كأنه تحت تأثير مخدر طبيب الأسنان، كنت أصرخ وحاولت أن اصعد فوق الدبابة وأبصق في وجوههم جميعا مادمت ميتا ميتا، كان عقلي شبه متوقف، وكنت مجهداً وغارقا في الدماء من أثر الضرب والقمع والسحل، ولكن كان عندي إصرار بليد أن ابصق في وجوههم جميعاً، أصرخ في وجوههم جميعاً، الصراخ في وجه كل شئ، كنت أريد أن أقفز فوق الدبابة لأصرخ وابصق في كل الوجوه قبل أن يطلقوا على رأسي ورأس الجميع الرصاص، فشلت في الصعود عدة مرات، ولكني فوجئت بالجندي الذي يعتلي الدبابة يمد لي يده فمسكتها ليرفعني بجواره ويرفع يده بيدي عاليا ويهزها كالحكم في حلبة المصارعة الذي يمسك بيد اللاعب الفائز في نهاية المباراة، كان يهزها عالياً وهو يبتسم للشباب، وهنا صرخ الجميع مبتهجاً ولحظات وكانت دبابات الميدان كلها يعتليها المئات من الشباب المصري الذي أعاد لهم الجيش الوجود في أسود وأحلك وأسوأ لحظة يمكن أن تمر ببشر انتهكتهم فيها أجهزة الشرطة القمعية ونحن أبناء هذا الوطن وأحباؤه ومستقبله، أعاد لنا الجيش المصري إحساسنا بالقوة في ادني لحظات الضعف، أعاد لنا كبريائنا المجروح وكرامتنا المهدرة لدرجة أنه حينما جاء أحدنا ليكتب عبارات ضد النظام على جسم دبابة قمنا جميعا باستنكار ذلك الفعل وخشينا أن ينقلب رجال الجيش بهذا الفعل علينا لكوننا وحتى الآن لا نثق بأحد ثقة كاملة بعد مارأيناه من العادلي والذين معه، هرعنا إليه وحاولنا خطف أنبوبة اللون الأسود التي بيده وحاولنا منعه من كتابة تلك العبارات على الدبابة، ولكن كانت المفاجأة لنا جميعاً حين قال لنا ضابط كان يقف بجوار الدبابة: دعوه .. إنه غاضب .. دعوه يكتب ما يشاء، انه مصري وهذه دبابة مصرية .. دعوه يكتب ما يشاء، وهنا لم نتمالك أنفسنا، حملنا الضابط على أعناقنا وصرنا نهتف ونحن نحمله على الأعناق نشيد بلادي بلادي لك حبي وفؤادي لأكثر من ثلاثين دقيقة، نحمله ونغني ونبكي ونضحك ونصرخ، لقد كان الجيش في هذه اللحظة بمثابة الأب الذي عثر على ابنه الصغير التائه في أحد الموالد الشعبية وحينما عثر عليه احتضنه في صدره فزال في حضن الأب ضياع المستقبل والإحساس بالخوف وعودة الشعور بالأمن النفسي، لن أنسى هذه اللحظة العظيمة طيلة عمري، لن أنساها ما حييت وسأذكرها لأبنائي وأحفادي، وأقول لهم أن مصر أمة لن تموت مادام فيها هذا الجيش العظيم.
حقاً لولا حياد الجيش المصري والمؤسسة العسكرية ما انتصرت الثورة، وما أنتصر الشباب المصري في عرض مطالبهم وحصولهم على معظمها حتى قبل انتهاء الثورة في سابقة لم تحدث في التاريخ إذ أن مكاسب الثورة تأتي دائما كنتيجة لما بعد حدوثها لا أثناء حدوثها كما يحدث الآن في ثورة اللوتس ثورة شباب مصر نحو دولة الحرية والعدل والمساواة، ثورة شباب مصر الخالية من الشعارات الحزبية والمذهبية، وتحية لجنود مصر وجيش مصر درع مصر الواقي وحارسها الأمين على حياده.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد عمرو سليمان .. انحاز إلى الشعب وكن بطلاً شعبياً
- إنهم يريدون إجهاض الثورة في مصر
- يا أقباط مصر .. هذه كنائسكم في أيام الغضب لم يمسها أحد بسوء
- عملوها التوانسة
- حوار مع المخرج العراقي ميثم السعدي ونجمة المسرح العراقي خولة ...
- قراءة في القصة الجزائرية المعاصرة .. أحمد ختاوي أنموذجا
- قراءة في القصة الفلسطينية المعاصرة .. نازك ضمرة أنموذجاً


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محيي الدين ابراهيم - على مُبَارك أن يرحل