أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح القصب - سيناريوهات صورية 2 ...... مازلت انتظر رفع الستار كي أرى الفراغ















المزيد.....

سيناريوهات صورية 2 ...... مازلت انتظر رفع الستار كي أرى الفراغ


صلاح القصب

الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 13:59
المحور: الادب والفن
    


المشهد الأول
هدير الموتى يرتدون ملابس جلدية ملونة بيضاء تنزف دماً في ليلة ممطرة تطوف في قلاع حجرية مسكونة بالجن, أطياف هرمة يتحسسون كل لحظة نبض قلوبهم, لكن الساعة لا تتوقف ولا قلوبهم, تراودهم أحلام موت ما بين نوم ويقظة أعينهم مختبئة تحت دهر من الجنون والغثيان الأزهار تندى في عيون الموتى, لا تسمع شيئا سوى طرقات مطر وعويل متشنج لا ينقطع.
المشهد الثاني
البروفيسور يمضي في الصعود على السلالم الحجرية الثقيلة ذات الصبح الثلجي المتورم من خلال ذاكرة معطوبة تماماً, والسلالم تهرول نحوه بوحشية وقسوة, وحشود خيول فزعة تصهل بهلع وجنون وسط برك ماء سائلة.

المشهد الثالث
جموع الموتى يسبحون في بحر الظلمات يشيرون إلى البروفيسور في الغوص في محيطات الذاكرة ألا أن الدقائق قد سقطت ي عينيه قبل أن تحمل نبأ موته, سيول فيضانات مطر تقبع في كل لحظات الموت. حشود من القديسين والجن يصرخون وراء زورقه النهري وسط موج البحر وصراخ النوارس.
المشهد الرابع
هدير العجلات المذهبة التي تجرها جياد بيضاء تتصاعد من أنوفها أبخرة تنشر في تلك المساءات حزناً في سماء قلاع مهجورة. العربة تحفر على الأرض أشكالاً مبهرة موحشة وهي تعبر إلى مملكة الموت الأخرى وسط حزن مجمد يريد أن يرى السماء ولكن لاشيء هناك ألا الحزن العميق الذي تسري فيه أنفاس الأرواح الهائمة. العربة محملة بطوائف, مرضى موبوؤون يغترفون الضوء, ليس لهم شباب ولا شيخوخة يحملون أكاليل زهور في أيادي واهنة.
المشهد الخامس
في فضاءات الجنون والهذيانات المحمومة يتقيأ البروفيسور غثيانه وسط زحمة السلالم الثقيلة ونهداه الأنثويان المترهلان يسيران أمامه, وأشرطة تسجيلات صوتية تتطاير في لحظات مسائية, نسي صراخ النوارس, ومعه البحر العميق, والربح والخسران, التقط تياراً تحت البحر عظامه. لم يستطع أن يجتاز مراحل غثيانه المريضة.
المشهد السادس
أقزام بلا ذاكرة تحملهم عربة مملوءة بالزهور البرية تستقبلهم مدن حلميه ملونة يرفعون الصلوات للحجر المكسور يطوفون خلف شبابيك زجاجية يلفها الضباب والبحر لفجر شتائي مضبب. تيار من العجائز العاريات النائحات بقبعاتهن العتيقة السوداء تستقبلهم بأصوات محتضرة.
المشهد السابع
في ليلة ممطرة أرواحها متساقطة ذات هواء بارد, حشود من الجنيات, والجن يصرخون ويولولون وهم يصعدون ويهبطون من سلالم تلك القلاع الحجرية المسكونة يحملون قطع زجاجية مبتلة ويعبرون عبر غمامة لامعة من المطر بهلع, ورعب, وخوف البروفيسور يخترق تلك الحشود المتشابكة ذات جسد كان الملاك المدمر فيه.
المشهد الثامن
البروفيسور يسير في الزمن ما بين النوم واليقظة, صوت أبواق تنذر بالموت وصراخ الجن وعويل العجلات المذهبة تقل جثمانه الموزع تزمجر طوال الليل, لا أحد فوق العربات غير جنيات وعجائز هرمات يبدلن الشموع في كل لحظة.

المشهد التاسع
في رحلة هذيانات مريضة تبث موجات حزن موجعة في كل سماوات العالم, البروفيسور يواصل رحلته, أنها رحلة سراب من أحلام حمى مؤلمة وسط عالم مكتظ بالأهوال, إيقاعات ممزقة لحشود عاطلة. سباقات الكلاب. حشود من المتخلفين عقلياً يقرأون بنبرات متقطعة وبلغة لا وجود لها. مرضى موبوؤون يتبلون على جدران مرمرية, بغايا ذات أجساد بدينة يتذوقون مرطبات ((الآيس كريم)) غيلان, جن, طقوس سحرة, مهرجون, متسكعون, معتوهون يحملون أكاليل زهور, ممثلون, دور سينما رخيصة, جياد ذعره,طوابير من دواليب حديدية, مهرجان أوسكار خامل حضوره ممثلون وفنانون مرضى معتوهون, ممثلات هرمات متهدمات يلبسن كمامات غاز سام فوقها باروكات ملونة, جنرالات حرب مهزومون, قوادون, أجساد عارية, تقود دراجات نارية, تيار من الممرضين والممرضات فزعون وفزعات طالعة نازلة يدفعون عربات فارغة, جثث محروقة, جوق موسيقي من العميان يعوي, حشود طيور تلتقط غذائها, جموع من المتسكعين المجانين يهبطون من السلالم يحملون توابيت زجاجية مملوءة بالمياه الصافية.
هذيانات وعذابات يطلقها مرضى معلولون, سباق ماراثون مزدحم, حشود من المصورين العميان يحملون كاميراتهم الفوتوغرافية يصور احدهم الآخر. هدير كراسي متآكلة وسط قاعة مرمرية ذات أناقة ممتلئة بالجمال فارغة إلا من تلك الكراسي المتوزعة داخلها.
مباول مرمرية ممتلئة بمياه المطر المتساقطة ممتدة على جدران زجاجية ذات ممرات طويلة فارغة, مياه المطر ترن تحت أقدام البروفيسور بكل ما عزفت الإنسانية منذ البدء من نغمات الألم, تيار من الكهنة يتبعون خطواته على دراجات هوائية.

المشهد العاشر
جموع من المنشدين رجالاً ونساءً محلقي رؤوسهم ينشدون جماعياً الأناشيد والتراتيل. نبراتها وئيدة لا تنتمي إلى دنيانا غدت طائعة متشككة وسط فضاءات خاوية. إنها أشبه بلهيب غائم معتم نبراته وحشية. جوق العازفين بأبواقهم النحاسية الضخمة كان نشازاً. وبعيداً من نبراتهم. البروفيسور يشاهد نفسه بصعوبة واقفاً ومنشداً بين المنشدين خجلاً ويتصبب عرقاً.
المشهد الحادي عشر
البروفيسور في مملكة الحلم الأثيرية, إذ تأتي الأسماك تعظه وتقضمه حتى العظام والغرقى منذ أمد بعيد يصعدون ليستكينوا إليه وهو ينقع مع الغرقى وفاجرات الصدور من الموتى. البروفيسور يتكلم من غرفة نومه وهو يرتدي عباءة الليل الظلماء الخشنة.

المشهد الثاني عشر
البروفيسور يتابع رحلته الموحشة وهو مدمن بالجنون, وغيثاناته المستغيثة تبكي, أقدامه ترن في قاعات تلك المصحات العقلية وكأن الموت يسمع أقدامه. أقفل عينيه ليبلغ الصمت. أنه عاجزا عن البكاء تماماً, ما من أحد في هذه الليلة العاجزة المريضة إلا جموع مجانين عراة متوحدين يتطلعون إليه من خلال شبابيك زجاجية مضيئة.
المشهد الثالث عشر
حشود جن طالعون نازلون من سلالم تلك المصحات الحجرية والتراب المأمور وراءهم يمخر عالياً ولهيبه في كل ذرة.
المشهد الرابع عشر
تيار من المجانين العراة واضعين فوق رؤوسهم قبعات مزروعة بالزهور البرية الملونة, بفزع هاربين من أوكارهم على دراجات هوائية ونارية ويركب وراءهم جن يرتلون, والآخر منهم ينفخ المزامير, الصياح يومئ إليهم بالماء مصلياً ودعوه النوارس والغربان والزوارق الشراعية الملونة تودعهم.
أصوات المزامير وضجيج محركات دراجاتهم تعوي في تلك الليلة المشلولة, البروفيسور معطوباً تماماً, طاقته مشلولة, إيماء بغير حركة. إنه صورة للمرضى والارتحال.

المشهد الخامس عشر
شبكة إعلانات ضوئية ذات ألوان صاخبة مزدحمة في فضاءات ليلة شتائية ممطرة تلون بخطوط حادة أرضية تلك الشوارع الحجرية الغارقة بسيول مطر هائجة. حشود دراجات نارية تخترق بجنون غير منتظر تلك الشوارع المنشطرة يقودها رجال عميان مرتدون ملابس سهرة مبتلة وشعورهم الطويلة الملونة نابتة فوق رؤوسهم. في رحلتهم هذه يقتادون البروفيسور معهم وسيول الأمطار تهاجمهم كأنها قطعان أبقار هستيرية.
ضجيج المحركات وموسيقى الجاز, وقسوة خطوط الضوء, وثقل الأمطار المحمومة, وتيارات الدخان المنبعثة كلها مرعدة مثل حشد جياد حربية.
المشهد السادس عشر
هياكل دراجات نارية جاثمة وسط عراء لا شيء هناك غير ضريح مشيد بمرمر أسود تحيطه ساعات ذات نبرات مأتميه وأصوات عويل الدراجات لم تتوقف طوال تلك الليلة الموحشة, أطياف أرواح شاخت وهرمت تحوم بقلق وجنون حول خطوط الضوء المتشابك الذي يحفر على الأرض خطوط زمن ذابلة.

المشهد السابع عشر
في هيبة الفراغ حشود العميان يستحمون ويغطسون في حمامات الرغوة.

المشهد الثامن عشر
جموع العميان يتغوطون في غرف زجاجية ممتدة في عمق لا نهاية له تتدلى من سقوفها ذات المرايا كتل مصابيح متوهجة وبهدوء ثم تنطفئ الأضواء.
المشهد التاسع عشر
تيار من الغرف الزجاجية الزرقاء تحيطها سلالم رخامية ذات جلالة, متداخلة ومتشابكة مملوءة بأحواض استحمام مرمرية بيضاء ماؤها متأجج وأرضها غارقة بمياه ملونة ووسط أجواء ضبابية ندية, حشود من الملائكة بجلالة ينفخون بالصور, تيار من الجن وبخشوع يخلعون ملابسهم ويضعوها بسلام فوق عربات رخامية بيضاء.
إنهم حشود شعراء. فنانون, مجانين, معتوهون, قديسون, مرضى, متعبون, موبوؤون, نساء, رجال ذو أجساد بدينة وبطون متدلية, مغنو أوبرا, أطباء جراحون, مصورون, صحفيون, بحارة, قوادات, عجائز مجنونات, طوائف منشدون, أطفال منغوليون, مطربات معلولات, الاطياف تلف أجسادهم العارية بثياب متلألئة وتنشف أجسادهم بمناشف حريرية مذهبة, الأجساد تضطجع فوق عربات من الأبنوس في غفوة وحلم, يرحلون وبهدوء إلى مملكة السكينة المضاءة ضمن مواكب ملونه.
المشهد العشرون
غرف زجاجية عارية وخاوية والبخار يدخن على جدرانها بألفة, البروفيسور عارياً متوحدا مع سرب أحلام ضوئيه. تيار من الجن يتدفقون إلى داخل الغرف الزجاجية بملابسهم الضوئية, الجن تنفخ بمزامير براقه.
المياه تبدأ بالاستيقاظ لتملأ المكان نوراً. قارة الأموات تفتح بابها للماء وهي ترتل.



#صلاح_القصب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريوهات صورية ...... يا لغربتك في الفراغ الذي بقي لك
- ايها الامبراطور المختار كنت موسيقى متوجة بالغار / سيناريو صو ...
- نظرية الكوانتم وقوانينها الفيزيائية بتكنلوجيا المسرح


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح القصب - سيناريوهات صورية 2 ...... مازلت انتظر رفع الستار كي أرى الفراغ