|
يسقط النظام، والانتصار للانتفاضة الجماهيرية في مصر، الطبقة العاملة ومهام تاريخية
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 08:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انهيار السلطات في مصر، اثر الانتفاضة الجماهيرية التي انطلقت شرارتها يوم 25 كانون الثاني 2011، امر واقع على الارض. ليس هناك من يستيطع ان يسد الطريق على اسقاط مبارك ونظامه،كما وان خطابه مساء اليوم لم يكن غير خطوة اخرى في مسار التنحي. كما ان اللجان "الشعبية" وكذلك "اللجان العمالية" باتت تاخذ زمام الامور بايديها وتحافظ على امن المواطنينن وتتصدى لعمليات النهب والسلب والانفلات الامني وتدير الامور في المحلات والاحياء والمؤسسات والمعامل في اكثرية مدن مصر وخاصة الكبيرة منها. هذا وان والاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة اليومية مستمرة لاسقاط النظام الحالي. لم يغير تدخل الجيش ولحد الان شيئا في مسار تطور هذه الانتفاضة، ولم يستطيع ان يقلل من وتيرة مسار انهيار النظام بالرغم من ان قيادات الجيش الحالية موالية لمبارك وجزء من النظام القائم. المحتوى الطبقي لما يجري في مصر ما يحدث في مصر انتفاضة لجماهير العمال والكادحين والشباب والشابات وملايين من العاملين العاطلين عن العمل ضد البؤس الاقتصادي، الذي تعانيه تلك الجماهير في ظل النظام الراسمالي في مصر، ضد البطالة وغلاء المعيشة والفقر ونقص الخدمات ومشكلة السكن ومشكلة الخدمات الصحية، وضد ما خلقها راس المال في مصر من التمايز والاستقطاب الطبقي ومن اللامساواة الاقتصادية على طول عقود من السنين. انها انتفاضة الجماهير المتطلعة للحرية ضد نظام مبارك والحزب الحاكم، ضد الاستبداد والقمع والدكتاتورية والنظام السياسي العسكري للقوميين البرجوازيين العرب في مصر. انها انتفاضة ثورية جماهيرية انهار تحت وقعها النظام السياسي. ضخامة الاحداث في مجتمع، من اكثر من 80 مليون نسمة، ذو ثقل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي كبير في العالم العربي، وذو اهمية ستراتيجية بالغة في الحساسية، تضع الطبقة العاملة في مصر امام مهام تاريخية وثورية جسام. كما ان كامل بنيان الاقتصاد الراسمالي وتطوراته خلال العقود من السنين وخبرة نضالات العمال خلال تلك الفترة وخاصة السنوات العديدة الاخيرة، اعطى الطبقة العاملة في مصر الامكانية الواقعية للعب دورها التاريخي والثوري في الانتفاضة والاوضاع السياسية الحالية التي تمر بها البلاد. الظروف التاريخية لظهور الانتفاضة الحالية في مصر، هي ظروف سيطرة راس المال العالمي وازمتها، وسيطرة نمط اقتصاد راسمالية السوق الحرة والعولمة والصراع الامبريالي العالمي على الحياة الاقتصادية ومقدرات المجتمعات في مصر والعالم العربي. لم تتردد البرجوازية القومية العربية في مصر من ان تحول راسمالية السوق الحرة الى البنيان الاقتصادي الرئيسي للنظام الراسمالي في مصر وحمايته عن طريق نظامه الاستبدادي وخاصة منذ العقدين المنصرمين وبشكل تجاوز كل الحدود. ان مسار التغييرات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي التي انطلقت شرارتها من تونس والتي ستشهد زخما كبيرا مع ما يحدث في مصر ليست من نمط ما حدث قبل عشرين سنة في اوروبا الشرقية، انها التغييرات والانتفاضات الناجمة عن تناقضات ومعضلات عالم اليوم، عالم سيطرة راسمالية السوق الحرة والعولمة والصراع الامبريالي العالمي الحالي. انها ستهضم في مسارها واطارها قضايا ومعضلات العالم العربي العديدة التقليدية القديمة ايضا ولكن بشكل تحول تلك القضايا القديمة الى امورا ثانوية امام مسارها. لا يمكن تاطير الاحداث وهذه الانتفاضة والاحتجاجات وابقائها داخل مصر فانعكاساتها والهزات المؤثرة والقوية التي تحدثها في العالم العربي والمنطقة ستكون شديدة وواسعة وكبيرة وستدم لسنوات عديدة قادمة، كما وان تاثيراتها اوسع واشمل بكثير مما خلقته الانتفاضة في تونس. الانتفاضة الحالية في مصرهو التعبير السياسي لازمة النظام الراسمالي وانهيار النظام السياسي البرجوازي القومي الحامي لراس المال في مصر. ما يظهر على السطح ، على المستوى السياسي الان، انعكاس لاعماق المجتمع، انعكاس لتأزم حكم راس المال على مقدرات وحياة الجماهير، انعكاس لتأزم حكم البرجوازية كطبقة، على مصير المجتمع، بكامل تياراتها السياسية والفكرية واحزابها، من القوميين والاسلاميين، الى الاصلاحيين والليبراليين. ان الوقائع الموضوعية تطرح الثورة الاجتماعية للعمال بوصفها الرد الثوري الوحيد تجاه الازمة الحالية. فاولى متطلبات كسب الاستعداد السياسي والفكري والتنظيمي لتحقيق هذه الثورة العمالية، هو تسلح التيارالشيوعي والاشتراكي داخل الطبقة العاملة والحركة العمالية بافق شيوعي وثوري منسجم، والمبادرة لتاسيس حزبه، وخوض النضال من اجل توحيد نضال العمال في نضال طبقي ثوري موحد، وهو النضال والعمل المثابر والمستمر من اجل ان ترفع جماهير العمال والكادحين، في خضم التحولات السياسية الحالية، راية الحكومة العمالية وراية الاشتراكية بوجه البرجوازية كطبقة حاكمة وبوجه النظام الراسمالي. انها الراية الثورية الوحيدة التي بامكانها انقاذ الجماهير في مصر من ماسي النظام الراسمالي وتحقيق مجتمع تسوده الحرية والمساواة والكفيلة بدرء خطر انزلاق مصر في الفلتان الامني او صعود القوى البرجوزاية الفاشية الى سدة الحكم. ان ارساء اي بديل سياسي برجوزاي لنظام مبارك ليس الا اجهاض هذه الانتفاضة الجماهيرية وبتر اهدافها وسد الطريق عليها من ان تتحول الى ثورة اجتماعية تحررية كبيرة لجميع المضطهدين والتحررين في مصر والمنطقة. الطبقة العاملة مدعوة لان تناضل من اجل تحقيق بديلها الثوري والتحرري بوجه البرجوازية وانظمتها السياسية وتياراتها واحزابها المختلفة في مصر بكل قوة واصرار. الطبقة العاملة هي الطبقة الوحيدة الثورية التي بامكانها ان تقود انتفاضة بهذه الضخامة وهذا التشعب الى الانتصار وتحويلها الى ثورة اجتماعية للعمال والكادحين وجميع محبي الحرية والانسانية والعدالة والرفاهية. لا ، لـ"حكومة الانقاذ الوطني"، نعم لحكومة مجالسية مبنية على الارادة الحرة والمباشرة للجماهير ان صراع الطبقات الاجتماعية في مصر بات يدخل طورا سياسيا جديدا مع الانتفاضة، بات يدخل طورا يحمل يوما واحدا، من هذه الايام، في احشائه تراكمات عشرين سنة، مثل ما اكد عليه ماركس، بصدد الثورات الاجتماعية للبروليتاريا في عهده. المهمة الاساسية للحركة الشيوعية والقادة والنشطاء العماليين والاشتراكيين في مصر هي التطوير والارتقاء بدورالطبقة العاملة والحركة العمالية في خضم الصراع السياسي الدائر الان، في خضم هذه الانتفاضة. تستطيع الطبقة العاملة ان تتقدم بخطى كبيرة وعملاقة نحو الامام اذا استطاعت ان تدخل الميدان بوصفها قوة ثورية تحررية مستقلة عن البرجوازية، قوة تقود الجماهير ليس فقط لاسقاط النظام بل للتقدم نحو تحقيق تحولات ثورية عميقة وشاملة. وهذا يتطلب اول ما يتطلب توحيد صفوف الشيوعيين والقادة والنشطاء العماليين الاشتراكيين في حزب شيوعي عمالي قوي ومقتدر ذو افق سياسي ماركسي شفاف وبلاتقورم سياسي طبقي وثوري تجاه الاوضاع الحالية. بدء العمال ومنذ بداية هذه الانتفاضة بتاسيس "اللجان العمالية"، الارتقاء بها وتوسيعها وتوحيدها في حركة واحدة على صعيد مصر وتطويرها الى حركة المجالس العمالية في المعامل والمؤسسات والدوائر وفي احياء ومحلات المدن، وكاداة سلطة العمال الثورية في مثل هذه الاوضاع يشكل خطوة حاسمة لتحويل الطبقة العاملة الى قوة سياسية جبارة لا تقهر. المجالس العمالية لا تستطيع ان تكتفي في اوضاع كهذه فقط بطرح المطالب الاقتصادية والاجتماعية او حتى المطالب السياسية بشكل منفصل، انما عليها طرح تلك المطالب بمثابة بلاتفرم (لائحة ) سياسي واقتصادي واجتماعي شامل والعمل على تنفيذها قدر المستطاع عن طريق مجالسها العمالية والمجالس الشعبية وتحويلها الى بلاتفورم سياسي عاجل للحركة العمالية على صعيد مصر باجمله. رفع الحركة العمالية والشيوعية لشعارحكومة مجالسية للعمال والكادحين وسائر الجماهير التحررية، تعمل بمثابة حكومة مؤقتة ثورية، يشكل مهمة عاجلة. ان هذه الحكومة ستكون حكومة مبينة على الارداة الحرة والمباشرة والمستمرة لجماهير العمال والكادحين وسائر الجماهير التحررية المنظمة في المجالس في عموم البلاد وكبديل لكل ما تطرحه القوى البرجوازية من "حكومة انتقالية" و"حكومة الانقاذ الوطني" المبنية على اسس النظام السياسي القائم والمؤسسة العسكرية القائمة. بامكان الجنود، ومن خلال المجالس الخاصة بهم، ان يكونوا جزء من الحكومة المجالسية المؤقتة الثورية. ان الحكومة المجالسية المؤقتة الثورية للجماهير ستقوم بتحقيق بلاتفورمها السياسي "لائحتها السياسية" التي تضم جميع المطالب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الملحة للجماهير وتحققها بشكل فوري: من الحريات السياسية غير المقيدة وغير المشروطة الى توفير ضمان البطالة لكل العاطلين عن العمل، من توفير الخدمات الصحية المجانية العصرية والسكن الملائم للكل، الى تحقق المساواة الكاملة بين المراة والرجل ، وفصل الدين والقومية عن الدولة والتربية والتعليم، و.. الخ. الحركة العمالية والشيوعية في مصر تستطيع ان تتغلب على ضعفها التنظيمي والسياسي والعملي بسرعة في ظروف الصراع السياسي الطبقي الحالي. الشيوعيون والقادة والنشطاء العمالييون الاشتراكيون في مصر بحاجة الى الارتقاء لاستقبال المهام الملحة الحالية: التسلح بافق سياسي شيوعي، تاسيس الحزب الشيوعي العمالي، فضح المحتوى الطبقي البرجوزاي للتيارات الاسلامية والقومية والليبرالية والاصلاحية وموقعها الرجعي في خضم الصراع السياسي الحالي في المجتمع، مواجهة البرجوزية وتياراتها وقواها وسد الطريق عليها لجر جماهير العمال ورائها في خضم الصراع الجاري على مصير المجتمع وعلى النظام السياسي والسلطة السياسية فيه. ..الخ.
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتصارانتفاضة العمال في تونس، حياتي لبدء التغيير في المنطقة
-
الحكومة في بريطانيا غير شرعية، لانها لم تف بوعودها الانتخابي
...
-
اوضاع العراق السياسية، خطة سياسية عملية للحزب الشيوعي العمال
...
-
ازمة تشكيل الحكومة في العراق، الصراع السياسي البرجوازي وخنق
...
-
لتنتصرالاعتراضات الشعبية في كوردستان وخارجها ضد اغتيال سردشت
...
-
ِندوة سياسية لمؤيد احمد في بغداد في شكل حوار اجرته معه ينار
...
-
مقابلة جريدة الى الامام مع مؤيد احمد حول اقصاء المرشحين و ال
...
-
انتخابات آذار 2010 سيناريو البدائل البرجوازية الاسلامية والق
...
-
عقوبة الاعدام جريمة ترتكبها السلطات، يجب منع والغاء هذه العق
...
-
القرار الوزاري بنقل فلاح علوان والقادة العماليين الأخرين، اج
...
-
من مهامنا ايضا، افشال مؤامرة النظام الاسلامي في ايران ضد معا
...
-
حول مشاركة ومن ثم مقاطعة الحزب للانتخابات
-
مشاركة الحزب في الانتخابات في العراق وموقفنا من قانون الانتخ
...
-
حوار مع مؤيد احمد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي ا
...
-
الانتخابات التشريعية في العراق وضرورة مشاركة الحزب فيها
-
موجة الاعتراضات الاخيرة في ايران، الشعبوية وضرورة التغلب على
...
-
الانتخابات في كوردستان العراق و التحولات السياسية الراهنة دا
...
-
نص بحث مؤيد احمد المقدم في الاجتماع الموسع الثاني والعشرين ل
...
-
كلمة مؤيد احمد في اجتماع عام للناشطين الاشتراكيين والعلمانيي
...
-
حوار مع مؤيد احمد حول انتخابات مجالس المحافظات اجرته جريدة ”
...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|