أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - مصر المحروسة: أدخلوها بسلام آمنين(نوستالجيا)














المزيد.....

مصر المحروسة: أدخلوها بسلام آمنين(نوستالجيا)


اسماعيل خليل الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه ليست مقالة لكنها بوح وحنين لمصر التي أحبها وتمنيت أن أزورها يوما, مصر التي سكنتني صغيرا منذ وعيت ووعى جيلي, وفتحنا أعيننا على حلم لم يدم طويلا اسمه الجمهورية العربية المتحدة, وكان حبنا لعبد الناصر بلا حدود, ملأ صوته المدوي الرحب وضاق المكان بصوره وصور فريقه الحاكم في الأماكن العامة وفي البيوت وعلى جدران المدرسة حيث كنت في الصف الأول الابتدائي وكان معلمانا المصريان, شعبان وسيد اللذان أحببتهما وأحباني, يعلقان صور الرئيس ونائبه عامر ووزير الدفاع الفريق جمال فيصل وعبد الحميد السراج وغيرهم, لقد أحبهم جميعا لأنهم مع الزعيم يدا بيد, فلا علم لنا بما يخبئه القدر.
كانت جدتي تطلب مني أن أضع مؤشر المذياع على صوت العرب لتسمع القرآن فجرا, فيصدح عبد الباسط بصوته الذهبي فلا يسعك إلا أن تسمع وتخشع.
ثم نسمع أغاني مصريّة فحسب طول النهار: أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد المطلب وفريد الأطرش وعبد الحليم ونجاة الصغيرة وشادية وغيرهم كثير, لقد كانوا نجوما وكنا نظنّ أنّهم كائنات من نور لا بشرا من لحم ودم.
الآن بعد أكثر من نصف قرن أحاول ترتيب معرفتي بمصر على نسق آخر وأقول: إن مصر دائما مصران, مصر الحاكم ومصر الأخرى.
مصر الملكية: حيث تجلس العائلة الملكية تستمتع بالملذات غير آبهة بمعاناة المصريين ومصر سعد زغلول الذي يناضل من أجل الاستقلال, وكان الشعب المصري بطبيعته المبدعة متصالحا مع نفسه في الأمرين: ولاء للملك بوصفه رمزا للدولة, وولاء لسعد بوصفه زعيم الأمة.
مصر الجمهورية: مصر عبد الناصر ونظامه الشمولي ومخابراته التي تكمم الأفواه, وتفسد على الناس حياتهم, ومصر المكتبات الكبرى والصحف الكبرى والسينما ونجومها اللامعين, والقضاء المستقل نسبيا, وهنا ليسمح لي الأخوة الناصريين لأقول إن نظامي السادات ومبارك إنما هما من تجليات نظام عبد الناصر, بل هما امتداد للجمهورية الأولى التي أسسها, أتكلم هنا عن آليات النظام وليس عن السياسات, وعسى أن تنطلق اليوم الجمهورية الثانية.
كانت على الدوام تتجلى في مصر معالم مجتمع مدني يتقلص أحيانا ويتسع أحيانا أخرى, ما يعتبره النقاد بيئة لكتابة الرواية التي أوصلها نجيب محفوظ إلى الأوج, في حين ظل الشعر والحداء من شيم الذين يعيشون على تخوم البادية.
وإذا عدنا إلى العصر العثماني فقد كان المبدعون والمفكرون يهربون من البطش إلى مصر من الأقاليم الأخرى بوصفها ملاذا آمنا, وفيها يستكملون مشاريعهم في الفكر كالكواكبي والأفغاني, والمسرح كأبي خليل القباني, والصحافة كعائلة تقلا وجرجي زيدان.
كانت هنالك عقول مغلقة في الفكر والدين, وبالمقابل كانت هنالك عقول مستنيرة, فالمفكر المصري مفكر معرفي استدلالي يخدم الفكرة التي يبحث فيها شأن طه حسين وزكي نجيب محمود وفؤاد زكريا ومحمد مندور, وليس مفكرا شعاراتيا يعلي من شأن المشاعر والعاطفة على منطق البحث العلمي.
بدأ المشروع التنويري مع سلامة موسى ورفاعة الطهطاوي, الأول علماني والثاني إسلامي ثم توالت السبحة: مصطفى كامل ومحمد عبده, طه حسين وعلي عبد الرازق, ذلك رغم وجود مصطفى البنا وسيد قطب وصقور المرحلة الناصرية.
كان الإعلام مؤمما لكن التغريد خارج السرب لم ينقطع, فمجلتي روز اليوسف والطليعة كانتا تنطقان باسم اليسار وكانت الهلال والأخبار أقرب إلى اليمين, والسياسة الدولية أقرب إلى التيار الليبرالي.
مصر فاكهة متعددة أو مائدة من الحلويات المختلفة, وقالوا إن الذي بنى مصر كان حلوانيا.
مصر الأزهر والحسين والسيدة زينب, والعمائم وعبد الباسط والحصري والمنشاوي ومحمد رفعت.
ومصر أحمد فواد نجم و الشيخ إمام, وعبد الرحمن الأبنودي ورسامو الكاريكاتير كالبهجوري وغيره.
مصر الآذان الذي ينطلق من آلاف المساجد صباحا بأعذب الأصوات, وأجراس الكنائس والأبرشيات.
وفي الوقت نفسه يتحلق المصريون حول تحية كاريوكا, وسامية جمال, ونجوى فؤاد, وسهير زكي,إذا ما تهادين في الشارع فيصبّح أو يمسّي عليهن: صباح الخير يا ست الكل.
أما مصر اليوم فقد أنقذتنا من الملل واليأس وأسقطت في طريقها عدة مفاهيم:
أولاـ سقوط مفهوم إن البديل سيكون التطرف الإسلامي
ثانيا ـ سقوط مفهوم إن البديل سيكون الفوضى, وفضحت حقيقة إن الفوضى هي من اختراع النظام, وإن الشارع كان مبدعا في تنظيم نفسه وحمايته للأمن الذي عبثت به يد النظام.
ثالثاـ إن تونس ومصر أعادتا لنا إيماننا بالحرية والديمقراطية كطريق للخلاص بعد أن دب بنا اليأس., وإن الوحدة العربية بين الشباب العربي اليوم هي أقرب للتحقق في ظل الحرية, وليس في ظل سيل الشعارات.
مصر التي أحبها, أحب فيها النكتة وخفة الدم, وأحب فيها السرك وألعاب الخفة, وأحب فيها أيضا يونس شلبي.



#اسماعيل_خليل_الحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل انطلقت ثورة الشباب العربي؟
- هنيئا للبشير بانفصال السودان
- ما لم يقله أبو الطيب المعري
- الواطي
- أنشودة الملل
- من يتذكر البيرسترويكا ؟
- جمر الكلمات
- حكاية سقطت سهوا من ألف ليلة وليلة
- يوميات السجن هو شي منه شاعراً
- ملامح من الفكر النقدي عند ياسين الحافظ ( منهج الشلف التأويلي ...
- لمحات حول المرشدية
- شهوة الشعار
- عودة الروح القدس إلى دنيا الكروب
- البغل والناعورة
- ما بين التكفير و التخوين شعرة: في السجال حول مقالة ياسين الح ...
- في هزيمة أمريكا و انتصارها
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: أرتين مادويان
- صفحات مجهولة من تاريخ الرقة: سلمان المرشد
- المصلحة الأمريكية في تشويه الديمقراطية
- موريتانيا الشامتة بالعرب!


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل خليل الحسن - مصر المحروسة: أدخلوها بسلام آمنين(نوستالجيا)