احمد ضحية
الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 07:30
المحور:
الادب والفن
سمراء اللون , معروقة الوجه . سيماؤها تفصح عن ملامح القادمين , من قلب المفاوز . . بشعثهم وغبرتهم , ورائحتهم الدبغة : التى يتقطر منها عرق الزحام ..كانت تقف باناة وصبر , فى الاتوبيس الممتلىء عن آخره بالمتململين .. اشحت برأسى , متفاديا رائحة جارى .. تمتمت منكمشا , وانا اغوص أكثر فأكثر ...
كان الوقت متأخرا عندما وصلت مدخل الحارة .
ذات الاحساس القديم بالخوف , ينبعث مرة اخرى : يستعيدنى الى تلك البلاد البعيدة , التى خلفتها ورائى .. يتنامى الخوف من ظهوره المفاجىء كالعادة من احد الازقة الملتوية .. ربما يكون مختبئأ" فى مكان ما .. غالبا يضطرنى الى العودة مبكرا , قبل ان تهدأ الحركة فى الشوارع , وتخبو الحياة التى يحملها المارة , معهم وهم يختبئون , فى شققهم الضيقة . فاضطر للتبكير فى الحضور , او تغيير الطريق .
اقتربت من العمارة .. لم يتبق سوى لفة صغيرة , فى الزقاق الآخير , انحنيت معها و.. و فوجئتبه فى منتصف المسافة . ..
تثلجت اطرافى , وكدت اصرخ , وقلبى ينتفض بشدة ..
وفجأة على بعد خطوات انحرف عنى ..
كانت صاحبته قد اتت تتهادى فى مشيتها , فصرف اهتمامه اليها , وهو يمضى متبخترا ..
قرب رأسه منها , وهو يهز مؤخرته فى حميمية ..
توقفت امام باب العمارة , متقطع الانفاس. فتحت الباب وانا اتنفس الصعداء ..
واخذت ارقبهما من موقعى الآمن .. كان قد امتطى ظهرها .. و...
مضى الوقت ثقيلا وانا اراقبهما , من موقعى الآمن .. كان قد شرع فى ..
التقطت حجرا .. وقفت فى فتحة الباب ..رميتهما ..حاول الفكاك منها ..التقطت حجرا رابعا ..
.. و.. دخلت الشقة متقطع الانفاس .
اخبرنى رفيق سكنى : - هند اتصلت بك مرارا هذا المساء .
حانت منى التفاته الى الشاشة البلورية .. " خرجت ولم تعد " .. تمعنت فى الصورة الفوتغرافية .. كانت هى ذاتها تلك المصلوبة , فى الاتوبيس .. اطل مشهد الكلب والكلبة , وهما يعويان .. وخيم وجهى على الحلم : اسمرا , معروقا ..تخدد بالغربة والحنين ..
#احمد_ضحية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟